السعودية والإمارات أحبطتا ولا تزالان كل مخططات أردوغان الإجرامية في الإقليم، وجعلتا من تلك المخططات الهدامة أوهاماً.
إن أي تحالف عربي لاسيما داخل المنظومة الخليجية يقض مضاجع أعداء العرب، وفي مقدمة هؤلاء الأعداء تركيا وإيران والإخوان، ولأن التحالفات سياسيةً كانت أو عسكريةً تقوم على المصالح المشتركة، فإن ما بين السعودية والإمارات يتجاوز ذلك بكثير، فالبلدان الشقيقان والمتطوران في كافة المجالات يمثلان اليوم المفهوم الأشمل والأكمل لحراسة الأمن القومي العربي.
وقد دأبت تركيا برئاسة أردوغان في الآونة الأخيرة على منافسة إيران في زعزعة أمن العرب، واحتلال أوطانهم ونهب ثرواتهم، وتصدير العنف والإرهاب والمرتزقة إليهم، وعمل أردوغان كذلك على استغلال جماعة الإخوان المسلمين واستعمالها في كل من سوريا وليبيا وفلسطين والعراق، بغية تحقيق مكاسب شخصية له ولحزبه فقط، دون أن ترتد هاتيك المكاسب بالنفع على أمن بلده أو مصالح شعبه التركي المثقل بهموم الفقر والبطالة.
لكن السعودية والإمارات أحبطتا ولا تزالان كل مخططات أردوغان الإجرامية في الإقليم، وجعلتا من تلك المخططات الهدامة أوهاماً لاترتقي حتى لمستوى الأحلام، ولهذا شهدنا ونشهد وسنشهد استمرار العداء الأردوغاني السياسي والإعلامي للرياض وأبوظبي، وكل هذا الكم التحريضي المتواصل من قبل أنقرة على دور ومكانة بلدين عربيين مهمين كالسعودية والإمارات.
ولعل الملف الليبي بتطوراته الإيجابية ومستجداته الآن، يعتبر خير شاهد على الجهود السعودية الإماراتية في هذا الإطار، فمسارعة القيادتين السعودية والإماراتية إلى مساندة المبادرة المصرية التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي حول ليبيا قبل مدة، والدعم اللامتناهي لاحقاً لخيارات القاهرة في حفظ أمنها وحدودها الغربية مع الدولة الليبية، أمرٌ جعل أردوغان يضرب أخماسه بأسداسه، ويفكر بكل سيناريوهات المواجهة مع العرب إذا ما بقي محتلاً لطرابلس ومناطق معروفة غربي ليبيا.
تعزيز العلاقات العربية مع اليونان وقبرص، وبصفتهما دولتان تحت مظلة الاتحاد الأوربي، وتعانيان بشدة من أطماع أردوغان وشهواته الاستعمارية المتمثلة بالتنقيب عن اللا شيء شرقي المتوسط، جعل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا برئاسة أردوغان يخسر جولة جديدة من جولات الفشل دولياً، وينتظر هذا الحزب وزعيمه عقوبات أوربية محتملة، أقله بحسب تهديد ووعيد الرئيس ماكرون لنظيره التركي رجب طيب أردوغان.
يريد النظام التركي للعرب الذين يلهثون وراءه، أن يسيروا بغباء في دروب الشعارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ويلقنهم يومياً كل دروس الحقد على السعودية والإمارات، لكن الواقع يفرض نفسه هنا، إذا ما قارن المرء بنظرة محايدة بين تطور السعودية والإمارات والاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يعيشانه، في مقابل التدهور والانهيار الحاصل في تركيا بفضل ممارسات أردوغان وتصرفاته اللامسؤولة .
وإذا ما توقفنا عند كلام أحمد دواد أوغلو منافس أردوغان المحتمل في استحقاق انتخابي مقبل، وصديقه ورئيس وزرائه الأشهر سابقاً، حين ذكر بأن أردوغان أجهز على دور تركيا الإقليمي والعالمي عندما قرر تخريب العلاقات مع السعودية والإمارات، وشهادة أوغلو الدقيقة تلك، ترافقت مع سرده لأدلة على الأرض، تتمثل بعزوف العرب عن القدوم إلى تركيا سياحاً أو مستثمرين، وعزلة أنقرة داخل منظومة العمل الإسلامي وفقدانها لمصداقيتها رغم كل الضجيج الذي يصدره أردوغان والمقربون منه في كل مناسبة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة