انتهت القصة، لتبدأ قصة أخرى أكبر وأهم، تتعلق بسَنّ القوانين الضابطة للمتحرشين والمعتدين
قُضِي الأمر الذي فيه تستفتيان، ومنح الملك سلمان المرأة السعودية حقها الطبيعي في قيادة سيارتها في طرقات البلاد.
قضية استنزفت سمعة السعودية، واعتصرت الجهود الداخلية نحو ثلاثة عقود من السنين، منذ أن ظهرت القصة على السطح إبان حرب تحرير الكويت، حين قادت نسوة، من تلقاء أنفسهن، السيارات بالعاصمة الرياض بما يشبه التظاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1990.
جنّ جنون أبناء التيار الحركي الإسلاموي حينها، وعملوا على تهييج المجتمع السعودي وحمّلوا الأمور ما لا تحتمل - عادتهم! - وقالوا وأعادوا وزادوا وتمادوا كثيراً.
منذ تلك اللحظة والملف «مشلول» أُرِيقَت فيه أحبار الكلام، وتنازل على حلبة الملف الفرسان، والملفّ لا يلفّ مذ ذاك الوقت.
كم مرةً لم يجد السفير أو الوزير أو حتى المواطن العادي الحجة التي يردّ بها على من يحرجه بقضية «سواقة» المرأة للسيارة! حتى أزلام الخمينية، وأبواق «الإخوان»، كانوا يستخدمون هذه المسألة للنيل من سمعة السعودية والسعوديين.. تخيّل!
مجلس الشورى لم يدخل ميدان القضية إلا متأخراً، وكانت البداية مع الدكتور المؤرخ، المتحمس لقضية المرأة، محمد آل زلفة، عضو مجلس الشورى الذي أثار الأمر تحت قبة المجلس عام 2008، لكنه جوبه بهجوم «صحوي» من الطراز المألوف منهم، وقيعة وشتماً وتشكيكاً.
وأُعِيد طرح الأمر مجدداً بعد دخول السيدات للمجلس في عهد الملك عبد الله، وكان السبق للسيدات أعضاء الشورى: لطيفة الشعلان، هيا المنيع، منى آل مشيط. وأحبط الأمر حينها، من داخل المجلس! لكن ومع الدورة الثانية لم تقنط لطيفة وأكملت المشوار.
كل هذا الأمر صار من الماضي الآن، بعد القرار التاريخي من رئيس مجلس الوزراء، ملك البلاد، خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز، مدشّناً بذلك العهد السعودي الجديد.
الأمر يتجاوز الجانب القانوني الفني المروري، ولذلك احتفل العالم كله، إلا الأعداء، بالقرار السعودي الكبير، لأنهم يعلمون أنه قرار بمعانقة المستقبل وتمكين المرأة السعودية حقاً.
كم مرة هاجم الإعلام الغربي السعودية، بسبب هذه القصة العجيبة؟ كم مرةً لم يجد السفير أو الوزير أو حتى المواطن العادي الحجة التي يردّ بها على من يحرجه بقضية «سواقة» المرأة للسيارة!
حتى أزلام الخمينية، وأبواق «الإخوان»، كانوا يستخدمون هذه المسألة للنيل من سمعة السعودية والسعوديين.. تخيّل!
انتهت القصة، لتبدأ قصة أخرى أكبر وأهم، تتعلق بسنّ القوانين الضابطة للمتحرشين والمعتدين - متوقع أن يجدوا من يسوّغ لهم فعلاتهم - لردع من يستحق الردع، وصون القرار من أعداء القرار.
بالختام، تذكرت المرحومة الشاعرة السعودية بخوت المرّية، التي تغنت بلهجتها البدوية النقية بالسيارات، على طريقة الأسلاف في التغزل بالجياد والنياق.
تقول بخوت:
وجودي على بيت الشعر عقب بيت الطين
وجودي على شوف المغاتير منثرّه
وجودي على خوّة هل «الموتر» الماشين
وجودي على شوف السهل من ورى الحرّه
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة