من الصعب جداً على أي دولة في العالم أن تجمع بين العمل السياسي والعمل الإنساني إلى جانب المجهود العسكري الكبير والمبذول لتحرير اليمن.
إذا كان تعريف السياسة أنها فن الممكن، فإن التعريف الأقرب للدبلوماسية أنها تمكين الممكن كي يصبح واقعاً على الأرض، وهذا هو ديدن العمل الدبلوماسي السعودي في مختلف الدول، لاسيما في الجوار، فالسفراء يتم اختيارهم ضمن معايير صارمة، تعكس مكانة تمثيل خادم الحرمين الشريفين في أي عاصمة يصلون إليها، وقدرات السعودية الكبيرة بصفتها البلد الذي يقود الخليج العربي والدول العربية والعالم الإسلامي، وفي عام ٢٠٢٠ الذي أوشك على الانتهاء تترأس الرياض النادي الدولي للكبار والمسمى بـ قمة العشرين.
وبما أن اليمن الشقيق والمنكوب منذ سنوات نتيجة الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران يمثل حالة خاصة في التعاطي ومقاربة المسائل المعقدة داخله، فإن سعادة محمد آل جابر سفير خادم الحرمين الشريفين باليمن، أثبت أنه أهلٌ لهذه المهام الجسام الملقاة على عاتقه، فهو الخبير بكل تفاصيل الوضع السياسي لهذا القطر العربي الممزق وغير السعيد.
وقد أتيح لي ككاتب وإعلامي عربي أن ألتقي بالسفير آل جابر شخصياً نهاية العام ٢٠١٨ بالعاصمة السويدية ستوكهولم، وقتها كانت السعودية إلى جانب الإمارات تساعدان المبعوث الدولي للأمم المتحدة في إنجاح مهمته الصعبة التي تكللت في النهاية بتوقيع اتفاق ستوكهلم بين الحكومة اليمنية والانقلابيين الحوثيين.
وكان الدبلوماسي السعودي رفيع المستوى يأسر الألباب بحنكته وخبرته السياسية الفريدة من نوعها، ناهيك عن الاحترام الكبير الذي حظي به على صعيد تعامل نظرائه الأوروبيين والغربيين معه، ولن أنسى اهتمام الصحافة الأوروبية عموماً والسويدية على وجه الخصوص بتحركات السفير، كونه عراب النجاحات وعدو لدود لأي إخفاق.
ولفت انتباهي قبل أيام رسائل العرفان والود بين السفير آل جابر وسفير الإمارات في اليمن سعادة سالم خليفة الغفلي المنشورة عبر منصة تويتر، فقد خاطب الدبلوماسي الإماراتي المخضرم شقيقه السعودي بالقول : عملك و ما تبذله من جهد من أجل اليمن لا يجحده إلا ناكر للجميل، فأنت خير من يقوم بهذه المهمة المعقدة.
ليرد محمد آل جابر مغرداً : إيمان السعودية بأهمية الوقوف مع الأشقاء في اليمن حكومةً وشعباً للمضي نحو مستقبل آمن ومستقر ومزدهر بإذن الله، يكون دوماً بالتعاون مع أشقائنا في الإمارات ودول التحالف العربي، وهذا الكلام المفعم بالوفاء يعكس بجلاء ووضوح اختصار الأمير خالد الفيصل للعلاقة السعودية الإماراتية حين قال : "السعودي إماراتي والإماراتي سعودي".
ومن الصعب جداً على أي دولة في العالم أن تجمع بين العمل السياسي والعمل الإنساني إلى جانب المجهود العسكري الكبير والمبذول لتحرير اليمن، لكن السعودية والإمارات صنعتا المستحيل في اليمن جنباً إلى جنب، فالمؤسسة الإغاثية السعودية المعروفة باسم مركز الملك سلمان تنشط في جميع المحافظات المحررة، والهلال الأحمر الإماراتي يصل الليل بالنهار لمساعدة اليمنيين المنكوبين.
وأما البرنامج السعودي لإعادة إعمار اليمن بإشراف السفير آل جابر شخصياً، يسطر أعظم حكايات العطاء السعودي لبلد عربي مجاور، كما تتلاقى الجهود السياسية والدبلوماسية لكلا السفيرين آل جابر والغفلي مع رؤية القيادة في الرياض والقيادة في أبوظبي لتطبقها بحذافيرها، من أجل صناعة السلام والتأسيس لاستقرار مستدام.
ولن أبالغ إن قلت إن السعودية والإمارات دولتان قدمتا لليمن مالم تقدمه أي دولة أخرى، لأن هذا العطاء المستمر بلا منة، قد تجذر في قرار نفوس مطمئنة تعمل في فريق السفير آل جابر و السفير الغفلي، لتصل رسالة السعوديين والإماراتيين الإنسانية السامية في أبهى صورها للعالم المتابع لتطورات المشهد اليمني .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة