السعودية تطرد "أشباح إيران" من العراق وتوقع 13 اتفاقية لإعادة الإعمار
زيارة عادل عبدالمهدي، رئيس الوزراء العراقي، إلى الرياض تعزز من سياسته بالنأي عن الهيمنة الإيرانية وتعيد العراق إلى عمقه العربي.
نجحت المملكة العربية السعودية بعد 25 عاما من انقطاع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية جراء الغزو العراقي للكويت عام ١٩٩٠، في عودة العراق إلى عمقه العربي والاعتماد على الاقتصاد العربي، بعدما أنهك التدخل الإيراني الاقتصاد العراقي وسيطر على جميع موارده، حيث أظهرت المؤشرات أن كفة الميزان التجاري تميل بنسبة 90% لصالح طهران على حساب بغداد.
ورغم الضغوطات التي يتعرض لها من قبل الأطراف السياسية والمليشيات التابعة لإيران لإبعاده عن مشروع إعادته إلى عمقه العربي، فإن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي يواصل سياسة النأي بالنفس عن الهيمنة الإيرانية.
- العراق بأسبوع.. تعزيز العلاقات مع السعودية وتوافق على بقاء قوات أمريكية
- السعودية تمنح العراق مليار دولار لبناء مدينة رياضية
وشهدت زيارة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي إلى الرياض خلال اليومين الماضيين ولقاؤه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، توقيع ١٣ اتفاقية ومذكرة تفاهم وتعاون بين الحكومتين، شملت توقيع مذكرة تفاهم في مجال المشاورات السياسية، وبرنامج اعتراف متبادل بشهادات المطابقة للمنتجات، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجال الزراعي بين البلدين، ومذكرة تفاهم في مجال الصناعة والثروة المعدنية، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال النفط والغاز، ومذكرة تفاهم في مجال الطاقة الكهربائية، ومذكرة تفاهم في مجال النقل البحري، ومذكرة تفاهم لتنظيم عمليات الركاب ونقل البضائع على الطرق البرية، ومذكرة تعاون علمي وتعليمي بين وزارة التعليم السعودية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية، ومذكرة تفاهم بين وزارة التعليم السعودية ووزارة التربية العراقية، ومذكرة تفاهم للتعاون الثقافي، وبرنامج تعاون فني، ومذكرة تفاهم لدراسة جدوى الربط الكهربائي.
واعتبر الخبير السياسي العراقي محمد الحياني ترسيخ العلاقات التاريخية والرغبة المشتركة بين المملكة العربية السعودية والعراق خطوة مهمة للدفع نحو آفاق أوسع بين البلدين لاستثمار الإمكانيات الكبيرة والفرص المتاحة لتعزيز التعاون القائم بينهما في مجالات مختلفة كالمجال الأمني والسياسي والاقتصادي.
وقال "الحياني" لـ"العين الإخبارية" إن "زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى المملكة العربية السعودية واستقباله بحفاوة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان يدل على عودة العراق إلى عمقه العربي والاعتماد على الاقتصاد العربي"، مؤكدا أن زيارة "عبدالمهدي" ستعزز سياسة النأي بالنفس عن الهيمنة الإيرانية وصراعات المنطقة التي تسعى حكومة "عبدالمهدي" إلى اتباعها.
وأنهكت إيران بعلاقاتها ومليشياتها العراق خلال السنوات الماضية وما زالت، ويميل الميزان التجاري بين العراق وإيران لصالح إيران بنسبة ٩٠٪، فالمنافذ الحدودية الواقعة بين الجانبين تشهد سيطرة إيرانية كبيرة تتمثل في وجود ضباط من فيلق القدس (الجناح الخارجي للحرس الثوري) الذين يشرفون على عمليات سحب العملة الصعبة من العراق إلى إيران، وكذلك على عمليات تهريب النفط والمخدرات والمواد الغذائية والصناعية والأدوية الفاسدة والأسلحة والنفط وخردة الحديد وعلى الأسواق العراقية، وتجني المليشيات والأحزاب التابعة لإيران أموالا طائلة من واردات المنافذ الحدودية، فالأموال التي تحصل عليها مليشيا الحرس الثوري من المنافذ الحدودية العراقية تعتبر أحد المصادر الرئيسية التي تستفاد منها لتمويل عملياتها الإرهابية في الشرق الأوسط، لذلك تعمل طهران من خلال مليشياتها على توسيع سيطرتها على هذه المنافذ وافتتاح أكبر عدد منها، واستمرار هيمنتها على الاقتصاد العراقي.
وشدد "الحياني" على أن العالم العربي وخصوصا دول الخليج هي المنقذ الوحيد للعراق من أزمته، وأضاف "العراق ليس له إلا العرب، والدول العربية هي العمق الاستراتيجي له، وحجم الصراعات بين إيران واشنطن يحتم على العراق البحث عن منافذ أخرى للخروج من المأزق الإيراني، لأنه غير قادر على تحمل مشاكل أخرى، وأنه بحاجة لمن ينقذه من المأساة التي تعصف به".
واحتضن العراق في ٣ أبريل/نيسان الجاري اجتماعات المجلس التنسيقي العراقي السعودي، الذي نظم بمشاركة وفد اقتصادي سعودي رفيع المستوى برئاسة وزير التجارة والاستثمار السعودي، ماجد القصبي، الذي تمخض عنها توقيع مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية، وأعلن الوفد السعودي خلال زيارته إلى بغداد أن خادم الحرمين الشريفين وجه ببناء مدينة رياضية في العراق، وتخصيص مليار دولار لتنمية العراق، ومهدت زيارته لزيارة رئيس الوزراء العراقي إلى الرياض.
وأكد علي البيدر، الكاتب والصحفي العراقي، أن ميلان العراق نحو إيران خلال السنوات الـ١٦ الماضية أسفر عن إزاحته وابتعاده عن محيطه الإقليمي والعربي.
وتابع "البيدر" لـ"العين الإخبارية": "النفوذ الإيراني في العراق بدأ في التراجع، خصوصا بعد توطيد العلاقات مع المملكة العربية السعودية، وهذه القضية مهمة جدا، فالسعودية ربطت علاقاتها مع العراق بمشاريع استثمارية استراتيجية تمتد طويلا، وتصب في مصلحة الشعب العراقي والدولة العراقية".
وأشار "البيدر" إلى أن المشاريع الأخرى المقترح تنفيذها بين الرياض وبغداد مستقبلا ستساهم في إعمار المدن المدمرة جراء سيطرة داعش عليها، خصوصا الموصل، مؤكدا "أن توطيد العلاقات بين العراق والسعودية مرحب بها من قبل الشارع العراقي والعديد من السياسيين العراقيين، وتحظى بشعبية كبيرة"، داعيا القادة العراقيين إلى الابتعاد عن سياسة تحويل العراق إلى حامي البوابة الغربية للدولة الفارسية، منبها من أن هذه السياسة ستجعل العراق درعا لإيران.
وفي يونيو/حزيران ٢٠١٧، زار رئيس الوزراء العراقي حينها حيدر العبادي السعودية، واتفق على تأسيس "مجلس تنسيقي" للارتقاء بالعلاقات إلى "المستوى الاستراتيجي"، الذي انعقد مرتين كان أحدثها مطلع أبريل/نيسان الجاري.
وشدد المراقب السياسي العراقي عماد الخزاعي لـ"العين الإخبارية" على أن "نجاح عبدالمهدي في الاستمرار بقيادة الحكومة العراقية مرهون بمدى إمكانيته بمسك العصا من الوسط، وجذب الاستثمارات الخليجية لإعادة إعمار العراق والخروج من الأزمة، لأن الجناح الإيراني فشل وعاجز عن تقديم الخدمات والمشاريع الاستثمارية للعراق".
وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي والوفد المرافق له وصل الأربعاء إلى الرياض في زيارة تستمر لمدة يومين، وهي الأولى من نوعها منذ تسلمه منصب رئيس الوزراء، وبحث مسؤولون سعوديون في الرياض، أمس، مع وفد عراقي ضم أكثر من ٧٠ رجل أعمال، الفرص الاستثمارية بين الجانبين.
aXA6IDMuMTQ1LjM3LjIxOSA= جزيرة ام اند امز