عقب افتتاح "عرعر".. واحة الاستثمار السعودي تُطفئ التصحر الطائفي بالعراق
أعادت السعودية والعراق، الأربعاء، فتح معبر حدودي بينهما لغرض التبادل التجاري، وهو أيضاً المعبر البري الوحيد بينهما، المغلق منذ 30 عاما.
ويرتقب أن يشكل معبر "عرعر" الحدودي بين البلدين، طريق حرير مليئة بالاستثمارات السعودية والعراقية المشتركة، خاصة وأن المعبر سيعمل بشكل خاص لأغراض التبادل التجاري السلعي بين البلدين الجارين.
وإعادة فتح المعبر اليوم، تأتي بعد أن اتفق البلدان في يوليو/ تموز 2019، على الآليات الجمركية التي سيتم اعتمادها في منفذ عرعر الحدودي، خلال إجراء التبادل التجاري، وتتويجا للمجلس الاقتصادي المشترك المؤسس في 2017.
وتقود الروابط القوية بين السعودية والعراق، وحدة المصالح الاقتصادية بينهما، وفق ما صرح به ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الثلاثاء الماضي، خلال اجتماع افتراضي مع رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي.
- الحياة تعود لـ"منفذ عرعر" العراقي بعد 30 عاما من الإغلاق
- المخابرات العراقية في مهمة اقتصادية على الحدود.. ماذا يحدث؟
وبدأت بغداد منذ 2015، تدشين عهد جديد من العلاقات الاستراتيجية على المستوى السياسي والاقتصادي مع الرياض، والخطوة الكبرى التي جرت اليوم بإعادة فتح معبر عرعر الحدودي بعد غلق دام ثلاثة عقود.
وقادت السعودية جهودا لإدماج العراق في عمقها العربي من جديد، بعد تذبذب في العلاقات إبان غزو العراق للكويت مطلع تسعينات القرن الماضي، تجسدت في 2017 أبان حكومة حيدر العبادي.
** واحة للاستثمار
ويرتقب أن تؤسس الرياض وبغداد واحة للاستثمار في عديد المحافظات بدءا من البصرة جنوبا وصولا إلى الموصل شمالا، بعد أن تسببت الطائفية الإيرانية في تعزيز التصحر الاقتصادي والاستثماري خلال سنوات مضت.
وتعتزم السعودية استثمار مليون هكتار من الأراضي العراقية، بهدف تحويلها إلى حقول ومزارع لتربية الأبقار والماشية والدواجن، ليكون بذلك أكبر مشروع استثماري زراعي في العراق، مستفيدة من تجارب شركاتها مثل "المراعي" وغيرها.
وقال الأكاديمي والمحلل السياسي عبد الرحمن الجبوري، إن المملكة لديها تجارب ناجحة في مجال الاستثمار في القطاع الزراعي والاقتصادي.. "علينا الاستفادة من تجربتها وخصوصاً أن العراق يعيش أزمة مالية كبيرة عقب تراجع أسعار النفط".
ونوه خلال حديث لـ"العين الإخبارية": العراق جزء من منظومة الأمن الغذائي الإقليمية، وبالتالي هو يتحرك ضمن نطاق معروف وسائد بما يؤمن قوت الشعب ويوفر الضمانة الاقتصادية للبلاد".
** مزاعم كاذبة
خلال وقت سابق الأربعاء، أبدى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، امتعاضاً ورفضاً شديدين بشأن المشككين بنوايا التعاون بين الرياض وبغداد، وأغلبهم من القوى والمليشيات التي توصف بأنها أذرع إيران في العراق، مؤكداً أن الاستثمار السعودي هو بوابة كبرى لتوفير "فرص عمل للعاطلين".
وأضاف الكاظمي في مؤتمر صحفي ردا على تلك الأصوات التي هالها العودة القوية للعلاقات السعودية العراقية وما سيفتحه الأفق التنموي لهذه العلاقة، وحاولت النيل منها بزعم كاذب أن الاستثمار السعودي بـ "الاستعمار"، أضاف قائلا إن "الرياض تملك استثمارات زراعية في دول كندا والأرجنتين والبرازيل.. لماذا لا تقول هذه الدول عنها استعمار".
كان الكاظمي، قد أشار في وقت سابق عقب مكالمة متلفزة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أن أطرافا دون أن يذكر اسمها تحاول عرقلة أي تحرك لبغداد نحو بناء علاقاته الدولية.
ويرى الجبوري، أن "التعاون الاقتصادي وتأسيس المجلس الاقتصادي المشترك، لم ينشأ في حكومة الكاظمي وإنما في حكومة العبادي الذي ينحدر من حزب الدعوة.. بالتالي محاولات البعض تسميم تلك العلاقات تأتي استجابة لمواقف طهران وخشية تقلص نفوذها في العراق".
وبدأت تيارات تنشط في العراق، مؤخرا، بتفسير تطورات العلاقات الثنائية، وفق مقاييس سياسية مرتبطة بفهم إقليمي معارض لأية علاقات عربية مع بغداد، تخوفا من تلك الأحزاب بالتأثير سلبا على تواجد إيران على أراضيها.
ومنذ الشهر الماضي، يتزعم قيس الخزعلي، الذي يقود ميليشيا متورّطة في أعمال عنف طائفي منذ 2006، والمشمول بالعقوبات الأمريكية بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان، حملة إعلامية لتشويه العلاقات السعودية العراقية.
يقول المحلل السياسي إحسان الشمري، إن اعتراض العديد من القوى على الاستثمارات السعودية في العراق، سببه الحقيقي، تخوفات أن تؤثر تلك الاستثمارات سلبا على الوجود الطائفي الإيراني في المحافظات العراقية.
ولفت الشمري خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "الكاظمي استطاع أن يحرر الإرادة الوطنية من مقبض بعض الأحزاب بالتحرك إقليميا ودولياً لرسم مسارات جديدة أساسها المصالح المشتركة لبلاده".
يذكر أن معبر عرعر الذي افتتح اليوم، هو المنفذ البري الوحيد بين العراق والسعودية، وخصص طيلة السنوات الماضية لنقل الحجاج فقط، فيما يتوقع أن تنتعش تجارة السلع بين البلدين اعتبارا من الأسبوع المقبل.