خبراء دوليون: هجوم أرامكو يقفز بأسعار النفط على المدى القصير
خبراء دوليون استبعدوا أن تؤثر الهجمات على منشأتي أرامكو على خفض صادرات السعودية النفطية أو تعطل الإنتاج على نحو كبير
توقع خبراء دوليون أن يؤدي الهجوم الإرهابي على منشأتي شركة النفط السعودية "أرامكو" إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز على المدى القصير، لكنهم استبعدوا أن يؤثر على خفض صادرات السعودية النفطية أو تعطل الإنتاج على نحو كبير.
وقالت وكالة "بلومبرج" الأمريكية إن أسعار النفط سجلت أكبر قفزة خلال التداول اليومي ليرتفع سعره نحو 11 دولارا إلى أكثر من 71 دولارا للبرميل، بعد أن أثر الهجوم الذي ألقت الولايات المتحدة باللوم فيه على إيران على نحو 5.7 مليون برميل تمثل 5% من إمدادات السوق العالمي.
وأوضحت أنه في بداية استثنائية للتداول، الإثنين، قفزت العقود الآجلة لخام برنت في لندن ما يقرب من 12 دولارا في الثواني التي أعقبت الافتتاح، وهو أعلى سعر بالدولار منذ عام 1988.
- بورصة السعودية تستعيد ما فقدته قبل هجمات أرامكو
- النفط عند 100 دولار.. سيناريو "مفزع" بعد الهجوم الإرهابي على أرامكو
وأشارت إلى أن هذا الانقطاع تجاوز فقدان إنتاج النفط الكويتي والعراقي إبان حرب الخليج الأولى في أغسطس/آب 1990، عندما غزا الرئيس الراحل صدام حسين الجارة الكويت، كما تجاوز خسارة إنتاج النفط الإيراني في عام 1979 أثناء الثورة، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.
وقال ساول كافونيك، محلل الطاقة لدى مجموعة "كريدي سويس جروب إيه جي": "لم نشهد قط انقطاعا في الإمدادات، واستجابة للسعر مثل هذا في سوق النفط. علاوات المخاطر السياسية تراجعت الآن فيما يتعلق بأجندة سوق النفط".
وقال فيريندرا تشوهان، المحلل المقيم في سنغافورة لدى مؤسسة "إنرجي آسبكتس" لاستشارات الطاقة، إن "تأثر البنية التحتية السعودية بالهجمات، التي كان ينظر إليها عبر التاريخ على أنها مصدر ثابت للخام في السوق، هو نموذج جديد سيحتاج السوق إلى التعامل معه".
وأضاف: "في الوقت الراهن، من غير المعروف كم من الوقت سيكون الخام خارج الخدمة".
وفي السياق، قالت مصادر مطلعة إن السعودية يمكنها إعادة تشغيل كمية كبيرة من إنتاج النفط المتوقف خلال أيام، ولكنها تحتاج إلى أسابيع لاستعادة طاقتها الإنتاجية الكاملة، وربما تستخدم المملكة أو عملاؤها المخزونات للحفاظ على تدفق الإمدادات على المدى القصير.
وقال جون دريسكول، كبير الاستراتيجيين في مؤسسة "جيه تي دي إنرجي سيرفيس" السنغافورية، إن الهجمات "مهّدت لمذبحة صغيرة صباح الإثنين لأي مشاركين في السوق يشغلون مناصب قصيرة أو توقعات هبوطية".
وأضاف: "تصاعدت حركة الأسعار بسبب الحجم غير المسبوق للانقطاع على المورد الرئيسي في العالم واحتمال تصاعد المناوشات الجيوسياسية التي تشمل الولايات المتحدة والسعودية وإيران".
من جانبها، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الهجوم ربما يؤدي إلى تعطل جزء من صادرات النفط السعودية لأيام أو حتى أسابيع وارتفاع أسعار الطاقة إلى حد كبير؛ لكن الخبراء استبعدوا تأثر أسواق الطاقة والاقتصاد العالمي بصدمة شديدة.
في السياق، قال مانيش راج، المدير المالي لشركة "فاليندا إنرجي بارتنرز" الأمريكية للتنقيب عن النفط وإنتاجه: "لا نتوقع حدوث انقطاع فوري في تجارة النفط العالمية، لأن العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، لديها كميات كبيرة من مخزون النفط الخام".
وأضاف: "السعوديون أنفسهم لديهم مساحة تخزين كافية للوفاء بالتزاماتهم المتعلقة بالتصدير لمدة 60 يوما. لذلك، لا نتوقع عدم توازن في العرض والطلب في المدى القريب".
وفي حال إصلاح الضرر الذي لحق بالمنشآت السعودية بسرعة، تقدر شركة "يوراسيا جروب" الأمريكية لاستشارات المخاطر أن أسعار النفط ربما ترتفع ارتفاعا بسيطا من 2 إلى 3 دولارات للبرميل، وذلك سيترك خام برنت القياسي العالمي أقل من 65 دولارا للبرميل، وهو سعر منخفض نسبيا وفقا لمعدلات الفترات الأخيرة.
وحذرت الشركة من أن أي اضطراب طويل الأمد ربما يعني زيادة قدرها 10 دولارات للبرميل، على الرغم من أن الأسعار ستظل عند أدنى مستوياتها قبل عام بعدة دولارات.
وقال بيل فارن برايس، مدير مجموعة "آر إس إنرجي جروب" لأبحاث السوق: "المشكلة هي أن الهجوم كبير للغاية. هذا يدل على أن واحدة من أفضل شركات النفط الإقليمية تواجه صعوبات في الدفاع عن نفسها من هذا النمط الجديد من التهديد. هذا الموضوع سوف يدوم".
فيما توقع كلاي سيجل، المحلل في شركة "جينسكيب" لأبحاث السوق، أن "أحجام الصادرات سوف تتأثر بشدة. وسيترك هذا السوق أضعف بكثير مقابل اضطرابات العرض الإضافية، وسيقوم التجار بعرض أسعار أعلى نتيجة لذلك".
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن توم كلوزا كبير المحللين النفطيين في منظمة "خدمة معلومات أسعار النفط"، قوله: "هذا أمر جلل. إنها أكبر صدمة لأسواق النفط منذ (إعصار) كاترينا. ومثل كاترينا، فمن المرجح أن تطاردنا لشهور، على الأقل أسابيع".
وتوقع كلوزا أن أسعار البنزين من المرجح أن "تصعد" هذا الخريف، بدلاً من أن تنخفض بشكل مطرد، كما حدث على مر التاريخ.
بدوره، قال أيهم كامل، من مجموعة أوراسيا في مذكرة بحثية: "ستظهر زيادة صغيرة تتراوح بين دولارين وثلاثة دولارات للبرميل إذا بدا أن الضرر يمثل مشكلة يمكن حلها بسرعة و10 دولارات إذا كانت الأضرار التي لحقت بمرافق أرامكو كبيرة".
وقال أوسكار يي، المحلل في سيتي للأبحاث في هونج كونج، في تقرير صدر الإثنين، إن تداعيات الأسهم تعتمد أيضا على المدة التي تستغرقها السعودية لاستئناف الإنتاج.
أما كيري كريج، خبير استراتيجيات السوق العالمي لدى مؤسسة "جيه بي مورجان أسيت مانيجمنت" بأستراليا، فتوقع أن قدرة منتجي النفط على الانخفاض في المخزونات قد تخفف من بعض الارتفاع في الأسعار على المدى القريب.
لكنه قال في مذكرة بحثية إن "المشكلة الأكبر هي ما ستقوم به الأسواق الرئيسية لتعكس خطر وقوع المزيد من الهجمات".
ونقلت "واشنطن بوست" عن بافل مولتشانوف، محلل النفط لدى مؤسسة "ريموند جيمس" لاستثمارات الطاقة إن "انقطاع الإمداد على هذا النطاق يعد حدثا غير عادي. لم يحدث أي انقطاع على هذا النطاق منذ عقود".
ورأى مولتشانوف أن "الأخبار الجيدة هي أن هناك ما يكفي من مخزون النفط لمنع نقص الوقود. لن تكون هناك طوابير للبنزين كما كانت في السبعينيات".
وقال جون كيلدوف من "نيو كابيتال": "السعوديون يسارعون لإجراء إصلاحات والحفاظ على تدفق النفط. ستحدد الاستجابة مدى ارتفاع الأسعار وإلى متى".
وكانت الداخلية السعودية أعلنت، يوم السبت، السيطرة على حريقين اندلعا في معملين للنفط بمحافظة بقيق وهجرة خريص، نتيجة استهدافهما بطائرات من دون طيار.
وقوبل هذا الهجوم بموجة استنكار وإدانات عربية ودولية واسعة النطاق.
وحمَّلت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو إيران المسؤولية عن هذا الهجوم.
وقال بومبيو: "وسط كل الدعوات لعدم التصعيد مع إيران فقد شنت هجوماً غير مسبوق على إمدادات الطاقة الدولية في السعودية".