العلاقات السعودية العمانية.. آفاق واعدة وشراكة متنامية
نتائج مثمرة تؤسس لشراكة متنامية وتفتح آفاقا جديدة من التعاون المشترك يتوقع أن تحققها زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق إلى السعودية.
وبدأ سلطان عُمان اليوم الأحد، زيارة للمملكة العربية السعودية تستغرق يومين، يلتقي خلالها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لبحث أجندة حافلة من القضايا السياسية والاقتصادية.
ومن المقرر أن تشهد الزيارة الإعلان عن تأسيس مجلس تنسيق أعلى بين البلدين، وتوقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات متعددة، هذا إلى جانب تنسيق التعاون في العديد من الملفات السياسية والاقتصادية والبيئية وغيرها.
دلالات مهمة
كما تعد الزيارة ترجمة عملية لما سبق أن تعهد به السلطان هيثم بن طارق في أول خطاب له في نفس يوم توليه الحكم، والذي أكد فيه أنه سيواصل مع أشقائه قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية "الإسهام في دفع مسيرة التعاون بين دولنا لتحقيق أماني شعوبنا ولدفع منجزات مجلس التعاون قدما إلى الأمام".
ويتوقع أن تسهم الزيارة في دفع العمل الخليجي المشترك وتعزيزه في إطار مجلس التعاون.
ويُعدّ اللقاء المرتقب بين العاهل السعودي وسلطان عمان هو الثاني بينهما بعد لقائهما الأول في يناير/كانون الثاني 2020 بمسقط، عندما قام الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بأداء واجب العزاء في وفاة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور.
الزيارة السلطانية تعيد إلى الذاكرة أول زيارة خارجية لسلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد بعد توليه الحكم إلى الرياض في 11 ديسمبر/كانون الأول 1971، تلبية لدعوة تلقاها من الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز آل سعود.
مجلس تنسيق أعلى
وفي هذا الصدد، كشف وزير الخارجية العُماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي في تصريحات لـجريدة "الشرق الأوسط" السعودية، عن أن القمة المرتقبة بين الملك سلمان بن عبد العزيز، والسلطان هيثم بن طارق ستشهد إطلاق مجلس تنسيق بين البلدين، معتبراً أن هذا المجلس سيكون إطاراً لكثير من الاتفاقيات التي يزمع البلدان توقيعها.
وقال البوسعيدي إن مجلس التنسيق السعودي - العُماني "سيوفر المظلة والمرجعية التي تؤطر المرحلة المقبلة من التعاون بيننا، والتي من المتوقع أن تشمل أيضاً التوقيع على كثير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في كل المجالات الداعمة للمصالح والمنافع المشتركة".
بدورها، قالت وكالة الأنباء السعودية إن الجانبين يتطلعان إلى أن يسهم "تأسيس مجلس التنسيق السعودي العُماني" في وضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات، ورفعها إلى مستوى التكامل في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والتنموية والبشرية.
وإلى جانب مجلس التنسيق، يتوقع أن تشهد الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون بين البلدين.
وكان مجلس الوزراء السعودي قد فوض في جلسته التي عقدت الثلاثاء الماضي برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز، بالتباحث والتوقيع على مشروعات اتفاقات بين السعودية وسلطنة عمان في مجال الشباب والرياضة والثقافة والتجارة والإعلام المرئي والمسموع والإذاعي والتلفزيوني وتشجيع الاستثمار والاتصالات وتقنية المعلومات والبريد والنقل.
تنسيق وتشاور
وتتوافق الدبلوماسية السعودية العمانية في كثير من الرؤى، خاصة ما يتعلّق منها بمكافحة الإرهاب والمحافظة على السلم والأمن الدوليين.
كما ينسق البلدان بشكل مكثف في كثير من القضايا الإقليمية؛ وفي مقدمتها القضية اليمنية.
وأعلنت سلطنة عمان، ترحيبها بتنفيذ اتفاق الرياض المبرم بين حكومة اليمن الشرعية المعترف بها دوليا، والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وجرى توقيع اتفاق الرياض في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، لينهي أحداثا شهدتها العاصمة المؤقتة عدن، ويوحد صف جميع المكونات المنضوية تحت لواء الشرعية خصوصا بعد تشكيل حكومة كفاءات وطنية يشارك فيها الانتقالي للمرة الأولى.
كما دعمت السلطنة مبادرة للسلام في اليمن أعلنت عنها السعودية في مارس/ آذار الماضي، وتضمنت وقفا شاملا لإطلاق النار وتخفيف قيود شحنات الوقود المتجهة إلى ميناء الحديدة وفتح مطار صنعاء بإشراف من التحالف والأمم المتحدة واستئناف العملية السياسية، إضافة إلى قيامها بمساعٍ للتوفيق بين جميع الأطراف ودعم حل سياسي للأزمة.
منفذ ورؤيتان
وتتسارع الخطى لاستكمال مشروع المنفذ البري الرابط بين المملكة وعُمان بمسافة تتجاوز 680 كيلومتراً، والمقرر تدشينه قبل نهاية العام الجاري.
ويسهم المنفذ الجديد في اختصار نحو 800 كيلومتر من زمن الرحلة بين البلدين، كما سيفتح المجال أمام حركة البضائع من المملكة مرورًا بالطرق البريّة في السلطنة وصولاً إلى موانئها، ومنها تصدّر لمختلف دول العالم، ليسهم بعد افتتاحه في تسريع وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.
وبلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين المملكة وعُمان العام المنصرم 2020 ، 3.36 مليارات دولار، شملت منتجات الحديد والصلب ومنتجات كيميائية عضوية، فيما بلغت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية إلى سلطنة عُمان 1.16 مليار دولار، شملت منتجات معدنية ومصنوعات من الحديد أو الصلب والأغذية.
وفي إطار العمل المشترك بين البلدين لتعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما تشكّل رؤيتا المملكة 2030 وعُمان 2040 قاسماً مشتركاً في مجال التجارة والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة، بما يحقق لكلا البلدين تنوعًا في اقتصادهما ومصادر دخلهما.
مجالات البيئة
كما تتلاقى الرؤى والتطلعات العُمانية السعودية في كثير من المجالات والمواقف المختلفة، ومنها مجال البيئة.
وتعدّ مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أعلنها الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع مجالاً واعداً للتعاون بين المملكة وعمان في مكافحة التغير المناخي.
وقد أكّد السلطان هيثم بن طارق خلال تلقيه اتصالاً هاتفيًا في مارس/آذار الماضي من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، على دعم السلطنة لكل الجهود المبذولة في هذا الصدد.
و"مبادرة الشرق الأوسط الأخضر " التي أعلنها ولي عهد السعودية تهدف بالشراكة مع دول المنطقة إلى زراعة 50 مليار شجرة بوصفه أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم للحفاظ على البيئة وحمايتها واستدامة مواردها وزيادة مساهمة الطاقة المتجددة، إضافة إلى أهمية التعاون المشترك لمواجهة التحديات البيئة.
aXA6IDMuMTQ0LjguNzkg جزيرة ام اند امز