الحكومة السعودية تضخ أموالا في الاقتصاد لتحفيز النمو
الحكومة السعودية بدأت في ضخ كميات كبيرة من الأموال في الاقتصاد في خطوة قد تدعم النمو بنهاية العام الجاري.
أظهرت بيانات لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) أن الحكومة السعودية بدأت في ضخ كميات كبيرة من الأموال في الاقتصاد في خطوة قد تدعم النمو بنهاية العام الجاري بعد تباطؤ حاد نتيجة هبوط أسعار النفط.
ومع تضرر المالية العامة جراء تراجع إيرادات النفط أتمت السعودية الشهر الماضي إصدارا ضخما للسندات هو الأكبر على الإطلاق لسوق ناشئة وبلغت قيمته 17.5 مليار دولار.
وتشير البيانات الشهرية للمركزي السعودي الصادرة أمس الاثنين إلى أن الرياض لم تحتفظ بحصيلة السندات في الخارج لكنها جلبتها سريعا إلى البلاد.
فبدلا من ارتفاع الأصول الأجنبية للبنك المركزي بدعم من حصيلة السندات تراجع صافي الأصول الأجنبية بواقع 10.8 مليار دولار عن الشهر السابق ليصل إلى 535.9 مليار دولار في أكتوبر/ تشرين الأول في إشارة إلى أن الحكومة ربما تكون قد جلبت أموالا للداخل تقدر في مجملها بنحو 28.3 مليار دولار الشهر الماضي.
وفي الوقت ذاته قفزت الودائع لدى البنوك التجارية بواقع 27.2 مليار ريال (7.2 مليار دولار) في اكتوبر تشرين الأول لتصل إلى 1.610 تريليون ريال مسجلة أكبر زيادة في أكثر من عام. وكانت الودائع قد شهدت تراجعا في الأشهر السابقة نتيجة خفض الإنفاق الحكومي.
تقول مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري إن الأرقام تشير إلى أن الحكومة تجلب كميات كبيرة من الأموال إلى المملكة لتسوية ديون شركات المقاولات وشركات أخرى بعد تأجيل سداد مستحقات تلك الشركات لشهور.
وأضافت "انخفاض الأصول الأجنبية يشير إلى أنه يجري استخدام جزء كبير من حصيلة السندات لسداد الأموال التي تدين بها الحكومة للقطاع الخاص."
ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من مسؤولين بالمركزي السعودي لكن مسؤولين كبارا قالوا خلال الأسابيع المنصرمة إنهم يعتزمون تسوية ديون الشركات في أقرب وقت.
كان فهد الحمادي رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين قال لصحيفة الشرق الأوسط الاسبوع الماضي إن الحكومة دفعت ما يصل إلى 40 مليار ريال (10.7 مليار دولار) من المستحقات المتأخرة التي تدين بها لشركات القطاع الخاص وهو ما يعادل نحو 25% من إجمالي المستحقات.
وتوقع الحمادي آنذاك أن تدفع الحكومة مبلغا جديدا بحدود 100 مليار ريال في الأسابيع المقبلة وهو ما يعني أن الحكومة ستسدد ما يزيد على 80% من مستحقات قطاع المقاولات المسجلة على خزينة الدولة.
وأثر تأخر سداد مستحقات الشركات على النمو الاقتصادي الذي تباطأ إلى 1.4% على أساس سنوي في الربع الثاني من 2016 مسجلا أدنى مستوى في أكثر من 3 أعوام. ومن شأن تسوية الديون أن يساعد على تعافي الاقتصاد.
وقالت مونيكا مالك "بإمكاننا توقع نمو النشاط في القطاع غير النفطي في الربع الأخير من العام."
ولفتت إلى أن بيانات المركزي تشير إلى ارتفاع عمليات السحب النقدي من ماكينات الصرف الآلي في اكتوبر تشرين الأول في علامة على أن خفض علاوات ومزايا العاملين بالقطاع الحكومي ربما لم تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد كما تخوف بعض المحللين.
الأصول
أدى تسييل الأصول الأجنبية للمركزي السعودي إلى انخفاضها 16.3% على أساس سنوي لتسجل أدنى مستوى منذ ديسمبر/ كانون الأول 2011.
وكانت الأصول سجلت مستوى قياسيا عند 737 مليار دولار في أغسطس/ آب 2014 قبل أن تبدأ في الانخفاض مع سعي الحكومة لتغطية جزء كبير من عجز الموازنة الذي سببه هبوط أسعار النفط.
وانخفضت الودائع الخارجية للمركزي السعودي بشكل حاد في اكتوبر تشرين الأول بواقع 11.6 مليار دولار إلى 102.7 مليار دولار بينما ارتفعت حيازته من الأوراق المالية في الخارج بواقع 2.5 مليار دولار إلى 375.1 مليار دولار.
وإلى جانب تمويل سداد الديون الحكومة يبدو أن إصدار السندات الدولية الشهر الماضي يساعد الاقتصاد عبر الحد من الضغوط على الرياض للاستدانة من الداخل.
وأدى إصدار الحكومة لسندات محلية بشكل شهري منذ منتصف 2015 إلى ارتفاع أسعار الفائدة بشكل حاد حتى الشهر الماضي ليسجل معدل الفائدة بين البنوك السعودية لأجل ثلاثة أشهر أعلى مستوى في سبع سنوات ويصل إلى 2.386%.
لكن منذ ذلك الحين تمكنت الرياض من وقف إصدارات السندات المحلية لشهرين متتالين ما خفف الضغوط على السيولة في القطاع المصرفي وأدى لتراجع معدل الفائدة بين البنوك لأجل ثلاثة أشهر إلى 2.0920%.
وقال مصرفي سعودي إنه يتوقع أن توقف الحكومة السعودية إصدار السندات المحلية خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول أيضا ما سيسمح باستمرار نزول معدلات الفائدة.
وأضاف أن الحكومة قد تستأنف إصدار السندات المحلية اوائل 2017 لكن ليس بشكل قوي كما كان هذا العام إذ سيكون بمقدور الرياض إصدار سندات دولية مرة أخرى بحلول الربع الأول.
وقال "القطاع المصرفي يتمتع بسيولة كبيرة والضغوط على البنوك قد انحسرت. السيولة اليومية عند أعلى مستوياتها منذ 18 شهرا."