صناديق الثروة السيادية السعودية.. كيف تقود استثمارات المستقبل عالمياً؟

تُعد صناديق الثروة السيادية ركيزة استراتيجية ورافد محوري في تعزيز تنويع الاقتصادات وترسيخ مكانتها التنافسية عالمياً.
وفي يومها الوطني الـ95، تفخر السعودية بكونها تمتلك صناديق فاعلة ومؤثرة على مسار المستقبل المستدام ضمن أكبر 20 صندوقاً سيادياً عالمياً، حيث يأتي صندوق الاستثمارات العامة "PIF" في المرتبة السابعة بحجم أصول 930 مليار دولار، وصندوق التنمية الوطني "NDF" في المرتبة الـ17 بحجم أصول 132 مليار دولار؛ وفقاً لمنصة تتبع بيانات صناديق الثروة السيادية العالمية "Global SWF" المحدثة حتى سبتمبر/أيلول 2025.
صندوق الاستثمارات العامة يرسم ملامح المستقبل
عكس التقرير السنوي صندوق الاستثمارات العامة للعام 2024، أداءً قويّاً واستمراراً في التقدم على صعيد تحقيق مستهدفاته لدفع التحول الاقتصادي في المملكة وتحقيق عوائد مستدامة.
وأظهر التقرير ارتفاعاً في أصول الصندوق المُدارة بنسبة 19% على أساس سنوي، لتبلغ 3.42 تريليون ريال (ما يعادل 913 مليار دولار تقريباً) بنهاية عام 2024، مع تحقيق 7.2% إجمالي عائد للمساهمين على أساس سنوي منذ 2017. وارتفع إجمالي الإيرادات بواقع 25%.
كما شهد عام 2024 توجيه 213 مليار ريال للقطاعات ذات الأولوية، ليصل إجمالي استثمارات الصندوق في هذه القطاعات منذ عام 2021 إلى أكثر من 642 مليار ريال، ويواصل الصندوق الاعتماد على الابتكار من أجل تحقيق مستهدفاته الاستراتيجية وقيادة التحول الاقتصادي في المملكة.
وحافظ الصندوق على متانة مستويات السيولة والموجودات النقدية لديه، مع استقرارها على أساس سنوي. وأظهر التقرير تقدماً ملحوظاً في تنفيذ مستهدفات استراتيجية الصندوق الاستثمارية، مما يعزز مكانته كأحد أكبر وأسرع صناديق الثروة السيادية نمواً في العالم.
وواصل الصندوق خلال عام 2024 مسيرته الريادية مع رؤية وأهداف طويلة المدى، معززاً حضوره وتأثيره محلياً ودولياً، ومتابعاً لقيادة التحول الاقتصادي للمملكة، وتحقيق عوائد مستدامة، حيث أسهم الصندوق بما يصل إلى 10% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي وبلغت قيمة مساهمته 910 مليار ريال خلال الفترة من 2021 إلى 2024. وتعكس محفظة الصندوق التركيز على تنويع الاقتصاد السعودي حيث بلغ عدد شركات محفظة الصندوق 225 بنهاية 2024 من بينها 103 شركات أسسها الصندوق، كما عزز الصندوق مساهمته في دعم القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية بالمملكة، وذلك من خلال الشركات الوطنية الرائدة، وتوسيع القدرات التقنية لمحافظ الصندوق الاستثمارية، وتعزيز التوطين وتحفيز الابتكار.
كما أظهر التقرير انتقال الصندوق من التحول الرقمي إلى الريادة الرقمية، ليصبح الذكاء الاصطناعي والأتمتة جزءاً حيوياً من عملياته، وتُُوّّجت جهود الصندوق بتحقيق إنجازات ملموسة على مدار العام، منها إتمام 58 مشروعاً رقمياً، وإطلاق 15 تطبيقاً جديداً، وأتمتة أكثر من 477 عملية، مما يمكّن القدرات المعرفية والاستراتيجية، ويحقق قيمة اقتصادية مضافة.
فيما واصلت محفظة الاستثمارات الدولية لصندوق الاستثمارات العامة توسعها خلال عام 2024، مدعومة باستثمارات مؤثرة وطويلة الأجل، مستهدفة تحقيق عوائد مستدامة وبناء الشراكات في الأسواق الرئيسة حول العالم.
وتسعى استثمارات الصندوق الدولية إلى تحقيق أهداف استراتيجية عبر تنمية وتنويع أصوله وعوائده، وإبرام شراكات استراتيجية مع كبار الشركات والمستثمرين، إلى جانب الاستثمار في أحدث التقنيات التي تساهم في تعزيز اقتصاد المملكة ورسم ملامح مستقبل الاقتصاد العالمي.
ولاقى الاستقرار في أداء صندوق الاستثمارات العامة تقديراً دولياً، حيث رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، تصنيف الصندوق من A1 إلى Aa3 خلال 2024، في حين أكدت وكالة فيتش تصنيفها للصندوق عند A+ مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وسجّل صندوق الاستثمارات العامة إنجازاً مميزاً في الالتزام والأداء لمعايير الحوكمة والاستدامة والمرونة (GSR)، محققاً نسبة 96% على مؤشر الحوكمة والاستدامة والمرونة لعام 2024 الصادر عن مؤسسة Global SWF، بتقدم كبير مقارنة بنتائج عام 2021 التي بلغت النسبة فيها 40%. كما حّل في المركز الأول عالمياً بشكل مشترك على قائمة تضم 200 مستثمر سيادي، مع نسبة التزام بلغت 100% خلال عام 2025.
وفي دراسة أجرتها شركة "براند فاينانس"، تصدر صندوق الاستثمارات العامة قائمة العلامات التجارية الأعلى قيمة بين صناديق الثروة السيادية، حيث بلغت قيمة علامته التجارية أكثر من 4.13 مليار ريال (ما يعادل 1.1 مليار دولار)، كما أن صندوق الاستثمارات العامة حلّ بين ثلاثة صناديق سيادية فقط على مستوى العالم حصلت على تصنيف A+.
- هيمنة سعودية-إماراتية.. أقوى العلامات التجارية في الشرق الأوسط لعام 2025
- شراكة سعودية-أمريكية عملاقة.. الاقتصاد العالمي على مسار جديد
صندوق التنمية الوطني.. ذراع التمويل لـ"رؤية 2030"
أما صندوق التنمية الوطني فيلعب دوراً انتقالياً أساسياً في تطوير القطاعات الجديدة لدعم تحقيق رؤية 2030. كما يعمل على تحفيز مشاركة القطاع الخاص وتمكين تحمل المخاطر وزيادة المرونة.
وتأسس صندوق التنمية الوطني عام 2017؛ بهدف تنظيم وتنسيق التمويل التنموي بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030، ويشرف على 12 صندوقاً متخصصاً.
يعمل صندوق التنمية الوطني على تمكين المشاريع ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي العالي، وتحفيز نمو القطاع الخاص، وتفعيل الممكنات والسياسات، وتقديم المشورة الاستراتيجية والرقابية لدعم تنويع الاقتصاد السعودي.
ويدير الصندوق منظومة متكاملة تضم 12 صندوقًا وبنكًا تنمويًا تعمل في قطاعات واعدة، وأسهم في تمويل أكبر مشروع للهيدروجين الأخضر في العالم، وإنشاء شركة الصندوق الصناعي للاستثمار، إضافةً إلى دعم مشاريع نوعية في مجالات السياحة، الزراعة، الألعاب الإلكترونية، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ويشارك الصندوق في تحفيز الاستثمارات وسد فجوات التمويل في القطاعات غير النفطية، فالتمويل التنموي يسهم في تقليل المخاطر الاستثمارية، وتهيئة بيئة خصبة لجذب الاستثمارات الجديدة، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية الوطنية.
وتستهدف منظومة التنمية التي يشرف عليها الصندوق تحفيز مساهمة القطاع الخاص بما يزيد على ثلاثة أضعاف من التأثير التنموي في اقتصاد المملكة بحلول عام 2030.
إضافة إلى المساهمة في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة؛ بضخ أكثر من 570 مليار ريال سعودي، وزيادة حصة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بأكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى 605 مليارات ريال، وايجاد العديد من فرص العمل في المملكة؛ بحلول عام 2030، فضلاً عن تأمين الوفورات التمويلية للصناديق والبنوك التنموية، وتمكينها من تحقيق نموذج أعمال ومحفظة مستدامة، بالإضافة إلى تعزيز القطاع الخاص في التمويل التنموي والاستفادة من المواءمة والتكامل التجاري والتشغيلي لخدمة مستفيدي الجهات التابعة، وتفعيل المبادرات المعنية بتحسين الأداء والشفافية وزيادة الكفاءة والفعالية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTEg جزيرة ام اند امز