السعودية والإمارات.. قمم أخوية تعزز شراكة إستراتيجية
نحو 12 قمة عقدها قادة السعودية والإمارات خلال الـ27 شهرا الماضية، لتبادل الرؤى وتنسيق الجهود وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما.
ووصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اليوم الإثنين، إلى الرياض في زيارة إلى المملكة العربية السعودية. وكان في استقباله لدى وصوله إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير دفاع المملكة العربية السعودية.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع أخيه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود العلاقات الأخوية المتأصلة التي تربط البلدين وشعبيهما الشقيقين والتنسيق بينهما والشراكة الإستراتيجية التي تخدم مصالحهما المتبادلة وتحقق تطلعات شعبيهما الشقيقين إلى مزيد من التقدم والرخاء، بالإضافة إلى مجمل القضايا والتطورات العربية والإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
ورحب الأمير محمد بن سلمان، خلال اللقاء، بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان والوفد المرافق في بلدهم المملكة العربية السعودية.. وتبادلا التهاني بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وتمنياتهما للبلدين وقيادتيهما وشعبيهما الشقيقين دوام الخير والرفعة ولشعوب الأمة الإسلامية والعالم أجمع.. السلام والاستقرار، سائلين الله عز وجل أن يرفع الوباء عن البشرية.
كما تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية، خاصة مستجدات الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية والشرق الأوسط والجهود المبذولة، لإيجاد تسويات سياسية للأزمات والتحديات التي تواجهها، بما يكفل تحقيق السلام والاستقرار للمنطقة وشعوبها.
وتعد القمة هي الثانية خلال شهرين بعد القمة التي عقدت خلال الزيارة التي أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى جدة 5 مايو/أيار الماضي.
كما تعد القمة الرابعة خلال العام الجاري، والقمة الثانية عشر التي تجمع قادة البلدين منذ أبريل/نيسان 2019، بحسب إحصاء لـ"العين الإخبارية" في إطار المباحثات الثنائية أو الخليجية و الإقليمية والدولية والتي يظهر خلالها توافق في وجهات النظر تجاه مختلف قضايا المنطقة.
وظهر خلال تلك القمم والزيارات المتبادلة التوافق الكبير بين الدولتين إزاء القضايا العربية والخليجية والإقليمية والدولية؛ حيث تعمل الدولتان على تعزيز العمل العربي المشترك، وصون مسيرة مجلس التعاون الخليجي، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، والتصدي للتدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية، وتعملان على إيجاد حلول دائمة لأزمات ونزاعات المنطقة المختلفة.
كما ظهر توافق كبير بين الدولتين في الرؤى حول مواجهة تحديات التغير المناخي، والتعاون لمكافحة جائحة "كورونا" وتداعياتها.
4 قمم في 2021
عام 2021 شهد 4 قمم جمعت قادة البلدين، بما فيها القمة المرتقب عقدها، خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى المملكة.
واستبقت القمة، قمة في مايو/أيار الماضي بجدة، بحث خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان العلاقات الأخوية المتجذرة التي تربط البلدين وشعبيهما الشقيقين وجوانب التعاون الاستراتيجي الشامل، والتنسيق المشترك بينهما لما فيه مصلحة البلدين المتبادلة وبما يحقق تطلعات شعبيهما الشقيقين إلى التقدم والازدهار، إضافة إلى مجمل القضايا والتطورات العربية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "أن العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات والسعودية قوية وراسخة، وتقوم على المحبة وأواصر القربى والإيمان بوحدة المصير المشترك".
وبين أن "متانة العلاقات التي تجمعهما تمثل العمق التاريخي وصمام أمان للبلدين والعرب جميعاً، فهما نموذج للاستقرار والأمان والنماء والازدهار في المنطقة".
وقال "إن العلاقات الأخوية تزداد روابطها رسوخاً وعمقاً، إدراكاً من قيادتي البلدين لطبيعة المرحلة وظروفها والتحديات التي تشهدها المنطقة والعالم والتي تتطلب التعاون وتوحيد المواقف وتكثيف الجهود المشتركة للتعامل معها لما فيه خير البلدين وشعبيهما وشعوب المنطقة".
جاءت تلك القمة بعد أسابيع من مشاركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في أعمال قمة القادة المنعقدة "عن بعد" حول المناخ والتي استضافها الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال يومي 22 و23 أبريل/نيسان الماضي.
مشاركة قادة البلدين في قمة المناخ إلى جانب 40 من قادة الدول جاءت تأكيداً لدور البلدين ومكانتهما الرائدة في العمل المناخي، وجهودهما في التصدي لتداعيات تغير المناخ، والوصول إلى اقتصاد منخفض الكربون.
كما جاءت قمة أبريل/نيسان، بعد 3 أسابيع من مباحثات هاتفية جرت، بعد تلقي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالاً هاتفياً من الأمير محمد بن سلمان 29 مارس/آذار الماضي جرى خلاله بحث العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين وتعاونهما في مختلف المجالات.
وتطرق الجانبان إلى "مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" التي أعلنها ولي عهد السعودية وتهدف -بالشراكة مع دول المنطقة- إلى زراعة 50 مليار شجرة بوصفه أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم للحفاظ على البيئة وحمايتها واستدامة مواردها وزيادة مساهمة الطاقة المتجددة.. إضافة إلى أهمية التعاون المشترك لمواجهة التحديات البيئة.
وثمّن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في هذا السياق مبادرة ولي عهد السعودية النوعية وتأثيرها في مواجهة مختلف التحديات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالأوضاع البيئة في المنطقة والعالم وتحسين جودة حياة المجتمعات.
وفي 5 يناير/كانون الثاني الماضي، قام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بزيارة إلى محافظة العلا غرب السعودية للمشاركة في القمة الخليجية 41.
واختتمت القمة الخليجية بإصدار بيان ختامي مطول من 117 بندا، وإعلان حمل اسم "إعلان العلا".
وعبّر البيان الختامي عن "بالغ التقدير والامتنان للجهود الكبيرة الصادقة والمخلصة، التي بذلها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات العربية المتحدة، وحكومته، خلال فترة رئاسة الإمارات للدورة الأربعين للمجلس الأعلى، وما تحقق من خطوات وإنجازات هامة".
قمتان في 2020
وخلال عام 2020، وفي ظل انتشار جائحة كورونا كوفيد-19، قام البلدان ومن خلال اجتماعات مجموعة العشرين، والتي ترأست دورتها في ذلك العام المملكة العربية السعودية، بتنسيق عالي المستوى والتعاون فيما بينهما لبناء استجابة عالمية منسقة لمواجهة تداعيات الجائحة العالمية.
شارك الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في أعمال الجلسة الختامية لقمة قادة مجموعة العشرين الافتراضية، والتي عُقدت برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على مدار يومين، وشاركت فيها الإمارات بصفتها ضيفا ورئيس الدورة الـ40 لمجلس التعاون الخليجي.
وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أهمية الإسهام السعودي وأثره في معالجة أهم وأبرز القضايا التي تعنى بمستقبل المنطقة والعالم، منوهاً بالدور المحوري للمملكة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ومتابعة الأمير محمد بن سلمان، في تحفيز الجهود الدولية لمواجهة مجمل التحديات القائمة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وأثنى على الاختيار الدقيق للموضوعات التي دارت حولها نقاشات القمة وتركزت على آفاق تعزيز العمل الجماعي المشترك، وتوحيد الجهود من أجل التصدي للتحديات الراهنة التي يواجهها العالم وفي مقدمتها جائحة كوفيد-19.
كما شارك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قمة قادة مجموعة العشرين "G 20" الاستثنائية الافتراضية التي عقدت برئاسة خادم الحرمين الشريفين في مارس/آذار 2020.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمناسبة انعقاد القمة الحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى التعاون والتكاتف الدوليين للتصدي لفيروس كورونا، فالعالم كله يمر بظروف غير مسبوقة في ظل انتشار الفيروس وتحوله إلى وباء عالمي يؤثر على كل مناحي الحياة وعلى وجه الكرة الأرضية.
وأعرب عن خالص الشكر والتقدير إلى المملكة وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على المبادرة الكريمة بالدعوة لعقد هذه القمة الاستثنائية لمجموعة العشرين للعمل على تعزيز الجهود الدولية في مواجهة فيروس "كورونا" المستجد.
6 زيارات متبادلة بـ2019
وقبيل انتشار جائحة كورونا، شهد عام 2019، نحو 6 زيارات رسمية متبادلة بين قادة البلدين على مدار العام، حيث أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان 4 زيارات، فيما أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان زيارة إلى الإمارات في ختام العام، فيما ترأس الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وفد الإمارات في القمة الخليجية 40 التي عقدت في الرياض.
أولى الزيارات الرسمية عام 2019، قام بها الشيخ محمد بن زايد في 16 أبريل/نيسان، وبحث خلالها مع الملك سلمان بن عبدالعزيز في قصر عرقة بمدينة الرياض العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين وعددا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ورحب خادم الحرمين الشريفين -في اللقاء الذي حضره الأمير محمد بن سلمان- بزيارة الشيخ محمد بن زايد للمملكة، مشيدا بعمق العلاقات الأخوية بين البلدين وشعبيهما الشقيقين والتي تزداد رسوخا وقوة في ظل الحرص المشترك على تطويرها وتوسيع آفاقها.
وخلال الزيارة الثانية، ترأس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وفد الإمارات إلى القمتين الخليجية والعربية الطارئتين في مكة المكرمة 30 مايو/أيار، وأكد أن بلاده تقف قلباً وقالباً إلى جانب السعودية في كل تحركاتها الهادفة إلى توحيد الصف والكلمة في مواجهة المخاطر والتهديدات المحيطة بدولنا وشعوبنا، وتحقيق طموحاتها إلى السلام والرخاء والازدهار.
الزيارة الثالثة جرت في 12 أغسطس/آب، وأجرى خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مباحثات مع كل من خادم الحرمين الشريفين وولي العهد السعودي في قصر منى بمكة المكرمة.
الزيارة الرابعة، أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الرياض في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، وشهد خلالها توقيع اتفاق الرياض التاريخي الذي وقّعته الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي برعاية سعودية.
ونوه الأمير محمد بن سلمان خلال حفل التوقيع بما قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة من تضحيات جليلة في ساحات الشرف مع جنود المملكة وزملائهم في بقية قوات التحالف العربي لدعم الشرعية على الأرض اليمنية، معبرا عن شكره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
الزيارة الخامسة أجراها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لأبوظبي 27 نوفمبر/تشرين الثاني، واستمرت عدة أيام تم خلالها عقد الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي - الإماراتي وترأسه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والأمير محمد بن سلمان.
وفي الزيارة السادسة ترأس الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وفد الإمارات في القمة الخليجية التي عقدت في الرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين 10 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه.
وعقدت القمة في وقت كانت تترأس فيه الإمارات دورة مجلس التعاون الخليجي آنذاك، في حين عقدت القمة الخليجية للدورة نفسها بالرياض، لتبرز العلاقات القوية والشراكة الاستراتيجية ووحدة المصير بين البلدين، وأهمية التعاون بينهما في تعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي.
علاقات أخوية راسخة
قمم متتالية جاءت تجسيدا للعلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين في جميع المجالات التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز آل سعود.
وتوثقت العلاقات بين البلدين بدعم من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
وتعمقت وتجذرت بإشراف ومتابعة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، حتى أضحت العلاقات بين البلدين نموذجاً يحتذى في العلاقات بين الدول.
وبتوجيهات قادة البلدين، تمضي مسيرة التعاون بين البلدين نحو تعزيز الشراكة وتحقيق التكامل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، بما يسهم في تحقيق الخير والرفاهية لشعبي البلدين، ومواجهة التحديات في المنطقة وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.