السعودية.. نهضة ثقافية واعدة تتوج احتفالات اليوم الوطني الـ91
تشهد المملكة العربية السعودية حراكا أدبيا وفنيا وتراثيا ونهضة ثقافية واعدة، بالتزامن مع احتفالها باليوم الوطني 91، الخميس.
احتفال يأتي في وقت تشهد فيه المملكة حركة ثقافية مبهرة تستقطب المبدعين، وإطلاق مشروعات حضارية عملاقة ومبادرات ثقافية رائدة تستهدف النهوض بالقطاع ودعم المبدعين والمثقفين.
الاحتفال يأتي أيضا قبل أيام من انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي سيحتضن لأول مرة مؤتمرًا دوليًا للناشرين، ويأتي بعد أيام من إطلاق الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، إطلاق مشروع "إعادة إحياء جدة التاريخية"، وإطلاق أول جمعية مهنية ثقافية في مجال المكتبات، وتوقيع اتفاقيات لدعم مشاريع رواد الأعمال والمساهمة في تعزيز وتوطين القطاع الثقافي، وإعلان لجنة اليونسكو للتراث العالمي، إدراج منطقة "آبار حمى الثقافية" التابعة لمنطقة نجران جنوب السعودية، على قائمتها.
كما يتزامن احتفال السعودية بيومها الوطني هذا العام، مع انطلاقة مرحلة جديدة من تنفيذ رؤية 2030، بعد أن نجحت على مدار 5 سنوات من إطلاقها في تحقيق إنجازات استثنائية.
أبرز تلك الإنجازات على الصعيد الثقافي، تأسيس وزارة مستقلة للثقافة، وإنشاء مجمع الملك سلمان للغة العربية، وبناء وتشغيل مسرح مرايا، الذي دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية، كأكبر مبنى مكسو بالمرايا في العالم، وإدراج 5 مواقع سعودية جديد في قائمة اليونسكو، و إدراج أكثــر مــن 400 مهنــة ثقافيــة ضمـن التصنيف السعودي الموحد للمهن.
من بين تلك الإنجازات أيضا تأسيس البنية التحتية لقطاع الأفلام، ما أسهم في إنتاج 45 فيلما سعوديا، وارتفاع حركة التأليف في المملكة بنسبة 187%.
ثقافة الأنسنة ورؤية 2030
إنجازات تتوج احتفالات المملكة بيومها الوطني هذا العام الذي يقام تحت شعار "هي لنا دار" وهو شعار تم استلهامه من ثقافة "الأنسنة" التي تنعكس بوضوح على المشاريع الضخمة، التي راهنت عليها المملكة في رؤيتها الطموحة 2030، وفي مقدمتها مشاريع البحر الأحمر ونيوم وذا لاين، وغيرها.
ويساهم قطاع الثقافة بدور مهم ومباشر في تحقيق الركائز الاستراتيجية الثلاث لرؤية المملكة 2030، والمتمثلة في بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح.
أما الشعار اللفظي فاستلهم من وصف القصائد والأغاني الشعبية للوطن بالدار، حيث وصف الشعراء الوطن بالدار في عدة قصائد أشهرها أغنية "فوق هام السحاب"، والتي جاء فيها "حنا هلك (نحن أهلك) يا دارنا برد وهجير حنا هلك يا دارنا وخيرك كتير"، وكذلك في قصائد العرضة "يا دار لنا.. حقك علينا.. والسلايل في يدينــا.. يا دار لا هنت ولا هان راعيك.. حب وكرامة دارنا اليوم نحميك".
وجاء استلهام شعار "هي لنا دار" من ثقافة وتراث المملكة، مع ما يحمله من بلاغة لغوية، ليعبر عن مشـاعر الاعتزاز والانتمـاء.
اعتزاز وفخر يتزايد بالإنجازات الثقافية التي تشهدها المملكة في مختلف المجالات.
معرض الرياض للكتاب.. مؤتمر دولي للناشرين لأول مرة
تنطلق في المملكة مطلع أكتوبر المقبل فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2021 ، الذي يشكّل حدثًا ثقافيًا مهمًا في قطاع صناعة الكتب والنشر، عبر تسليط الضوء على القراءة وزيادة الوعي المعرفي والثقافي والأدبي، وتقديم تجارب ملهمة من خلال تحفيز المشاركة الثقافية للمملكة، وتحفيز التعاون التجاري؛ لتصبح المملكة العربية السعودية بوابة عالمية لقطاع النشر.
وكانت وزارة الثقافة أشارت إلى أن الدورة الجديدة للمعرض ستشهد مضاعفة الطاقة الاستيعابية، سعيًا منها لاستقطاب أفضل دور النشر المحلية والعربية والعالمية، وتقديم محتوى مميز لجمهور المعرض.
وسيحتضن معرض الرياض الدولي للكتاب لأول مرة مؤتمرًا دوليًا للناشرين يهدف إلى تعزيز التواصل بين دور النشر المحلية والعربية والعالمية، وتفعيل الشراكات بين المؤسسات والشركات ذات العلاقة، وإثراء مشهد النشر الإقليمي بشكل مستدام.
إعادة إحياء جدة التاريخية
كما يأتي الاحتفال بعد أيام من إعلان الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، في 6 سبتمبر/ إيلول الجاري إطلاق مشروع "إعادة إحياء جدة التاريخية" ضمن برنامج تطوير جدة التاريخية الذي يهدف إلى تطوير المجال المعيشي في المنطقة لتكون مركزاً جاذباً للأعمال وللمشاريع الثقافية، ومقصداً رئيسًا لروّاد الأعمال الطموحين.
ويأتي المشروع في إطار الحفاظ على المواقع التاريخية وصوْنها وتأهيلها، تحقيقًا لمُستهدفات رؤية 2030 وبما يعكس العمق العربي والإسلامي للمملكة كأحد أهم ركائز الرؤية، إذ سيعمل المشروع على إبراز المَعالم التراثية التي تحفل بها المنطقة، وذلك بوصفها موقعاً تاريخياً لا مثيل له في المملكة، باحتوائها على أكثر من 600 مبنى تراثي، و36 مسجداً تاريخياً، و5 أسواق تاريخية رئيسة.
أول جمعية للمكتبات
أعلنت وزارة الثقافة السعودية في 23 أغسطس/ آب الماضي إطلاق أول جمعية مهنية ثقافية في مجال المكتبات، وذلك ضمن مبادرة "تأسيس الجمعيات المهنية الثقافية" التي أطلقتها الوزارة بدعم من برنامج جودة الحياة أحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030.
وتهدف أول جمعية مهنية للمكتبات إلى زيادة الوعي بأهمية هذا المجال، وتمكين الممارسين فيه، ودعم البحوث والدراسات المتصلة به، والإسهام في بناء السياسات والمعايير التي تنظم عمل قطاع المكتبات وفق أفضل الممارسات المحلية والدولية.
مبادرات توطين القطاع الثقافي
وأعقب إنشاء أول جمعية مهنية ثقافية في مجال المكتبات وسبقها، توقيع عدة اتفاقيات لتوطين القطاع الثقافي، ففي نهاية أغسطس/ آب الماضي، وقع صندوق التنمية الثقافي وبنك الرياض مذكرة تفاهم لتطوير مبادرات دعم تطوير ممكنات الأعمال في القطاع الثقافي.
كما سبق أن وقع صندوق التنمية الثقافي مذكرتي تفاهم منتصف يوليو/ تموز الماضي، مع شركة صكوك المالية، وشركة أصول منافع للاستثمار، لدعم مشاريع رواد الأعمال والمساهمة في تعزيز وتوطين القطاع الثقافي وتقديم منتجات ذات جودة وتأثير إيجابي على الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من خلال تطوير منظومة عمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة العاملة في القطاع الثقافي.
ويستهدف صندوق التنمية الثقافي الإسهام في دعم القطاعات الثقافية، وتحفيز المشهد العام الثقافي، والمشاركة في تمكين الإستراتيجية الثقافية، ضمن رؤية المملكة 2030، وتطوير قنوات تمويل مناسبة، بالتعاون مع البنوك السعودية، والعمل على رفع نسبة المحتوى المحلي في منظومة القطاع الثقافي .
إنجازات عملاقة.. بلغة الأرقام
حراك ثقافي متواصل، يستند إلى نهضة واعدة شهدها القطاع منذ إطلاق رؤية المملكة 2030، التي نجحت على مدار 5 سنوات في تحقيق إنجازات استثنائية، من أبرزها:
- وزارة مستقلة للثقافة:
تأسست وزارة مستقلة للثقافة يونيو/ حزيران عام 2018، بعد أن تم فصلها عن وزارة الإعلام، للعمــل بصــورة متواصلــة علــى تعزيــز تــراث وثقافــة المملكة.
- مبادرات ثقافية:
قدمت وزارة الثقافة منذ تأسيسها عددًا من المبادرات النوعية، لعل أبرزها تسمية عام 2020 بـعام الخط العربي احتفاءً بالخط العربي، وتقديرًا لما يمثله من أهمية في التعبير عن مخزون اللغة العربية، وما يمتلكه من تاريخ وجماليات في هندسته وتفاصيله وأشكاله، ثم تم تمديده ليشمل عام 2021، بسبب الظروف الاستثنائية وما شهده العالم من جائحة كورونا.
- تأسيس 11 هيئة ثقافية مستقلة:
جرى عام 2020 تأسيس 11 هيئــة ثقافيــة مســتقلة جديدة، تتولى مسؤولية إدارة القطاع الثقافي السعودي بمختلف تخصصاته واتجاهاته، وتكون كل هيئة مسؤولة عن تطوير قطاع محدد ، والهيئات الجديدة هي: هيئة الأدب والنشر والترجمة، وهيئة الأزياء، وهيئة الأفلام، وهيئة التراث، وهيئة فنون العمارة والتصميم، وهيئة الفنون البصرية، وهيئة المتاحف، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، وهيئة المكتبات، وهيئة الموسيقى، وهيئة فنون الطهي.
- تأسيس البنية التحتية لقطاع الأفلام
وأسهم ذلك فــي إنتــاج 45 فيلما سعوديا ووصــول المملكــة للمرتبــة الثانيــة فــي الشــرق الأوســط مــن حيــث مبيعــات التذاكــر.
- ارتفاع المؤلفات المجلية
ارتفــع عــدد المؤلفــات المحليــة مــن 6124 عام 2016 إلى 17570 نهاية عام 2019 مسجلة ارتفاع بنسبة 187%.
-زيـادة فـرص احـتـراف الـعـامـلـيـن فـي القطاع الثقافي
جاء ذلك عبر إدراج أكثــر مــن 400 مهنــة ثقافيــة ضمــن التصنيــف الســعودي الموحــد للمهــن عــام 2020 بهــدف تحويــل المبدعيــن الســعوديين مــن مســتوى الهوايــة إلــى مســتوى الاحتــراف الحقيقــي.
- إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية
تم ذلك في سبتمبر/أيلول 2020 لإبراز مكانة اللغة العربية وتفعيل دورها إقليمياً وعالمياً، وتعزيز قيمتها المعبرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية.
- بناء وتشغيل مسرح مرايا بمحافظة العلا
دخل هذا المسرح موسوعة جينيس للأرقام القياسية مارس 2020، كأكبر مبنى مكسو بالمرايا في العالم، ويُعد المبنى العاكس موطناً لمشهد الفنون والثقافة في العلا، واحتضن كوكبة من أشهر وأبرز الفنانين العالميين، وتمت إزاحة الستار عن الواجهة الاستثنائية الجديدة لقاعة مرايا عام 2019.
- تسجيل "منطقة حمى الثقافية" في قائمة التراث العالمي
نجحت المملكة يوليو/ تموز الماضي في تسجيل "منطقة حمى الثقافية" بنجران في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بوصفه موقعاً ثقافياً ذا قيمة عالمية استثنائية للتراث الإنساني.
ويعد هذا سادس موقع سعودي يتم تسجيله في هذه القائمة العالمية الرفيعة، إلى جانب المواقع الخمسة المسجلة سابقاً وهي: موقع الحِجر المدرج في قائمة التراث العالمي عام 2008، ثم حي الطريف بالدرعية التاريخية عام 2010، ثم جدة التاريخية عام 2014، فمواقع الفنون الصخرية بمنطقة حائل عام 2015، ثم واحة الأحساء في 2018.
- تسجيل 624 موقعاً تاريخياً
اعتمدت هيئة التراث تسجيل 624 موقعًا أثريًا وتاريخيًا جديدًا في السجل الوطني للآثار، خلال الربع الأول من العام 2021م، ليصل مجموع المواقع الأثرية التي تم تسجيلها في السجل منذ إنشائه 8176 موقعًا بمختلف مناطق المملكة.
- نقلة نوعية للموسيقى
شهد عام 2020 نقلة نوعية غير مسبوقة في مجال الموسيقى، وذلك بعد إنشاء هيئة مختصة في هذا المجال تحت اسم "هيئة الموسيقى" بدأت أعمالها بالتعاون مع إحدى الشركات المختصة فأطلقت منصة "أبدع" التي تمنح تراخيص لمزاولة المهن الثقافية والفنية، وقدمت 3 رخص لممارس العزف الموسيقي وممارس إدارة الصوتيات الموسيقية وممارس الإنتاج الموسيقي، إضافة إلى توفير منصة للترخيص للمعاهد التدريبية والتي نتج عنها إصدار أول رخصتين للتدريب الموسيقي في المملكة.