باحث مصري لـ«العين الإخبارية»: مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون تواجه 3 تهديدات

في قلب وادي الملوك، حيث كان يرقد الفتى الذهبي توت عنخ آمون منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام، يتسلل خطر صامت يهدد مقبرته الأسطورية.
لم تعد المقبرة في مأمن من تغيّرات المناخ وتقلبات الطبيعة وصدوع الأرض العميقة، بحسب دراسة علمية حديثة نشرتها دورية مجلة "نيتشر لشؤون علوم التراث"، وقادها الدكتور سيد حميدة، رئيس قسم الترميم المعماري بكلية الآثار بجامعة القاهرة.
بين جدرانها المزخرفة، وتحت سقفها المهيب، تتراكم عوامل التهديد التي قد تحول هذا الصرح التاريخي إلى ذكرى باهتة إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة.
وفي هذا الحوار مع "العين الإخبارية"، يشرح لنا الدكتور حميدة تفاصيل ما اكتشفته محاكاة هندسية متطورة أجراها خلال الدراسة ، والسيناريوهات التي قد تواجه المقبرة، والحلول الممكنة لإنقاذها قبل فوات الأوان.
بداية، ما الذي كشفته دراستكم الأخيرة عن حالة مقبرة توت عنخ آمون؟
الدراسة أوضحت أن المقبرة تواجه ثلاثة تهديدات صامتة يمكن أن تتسبب في كارثة جيولوجية، وهي التكوينات الصخرية الهشة، الفيضانات المفاجئة، ووجود صدوع جيولوجية عميقة، وهذه العوامل مجتمعة تضع المقبرة في خطر الانهيار إذا لم نتخذ إجراءات عاجلة.
متى بدأ الخطر الفعلي في الظهور؟
يمكن القول إن فيضان عام 1994 كان بمثابة ناقوس إنذار، وقتها، تسللت مياه الأمطار عبر شقوق الصخور ووصلت إلى داخل المقبرة من خلال صدع كبير في سقف غرفة الانتظار وغرفة الدفن، مما أدى إلى زيادة الرطوبة ونمو الفطريات التي هاجمت الرسوم على الجدران.
ما تأثير هذه الرطوبة على بنية المقبرة؟
الرطوبة تسببت في انتفاخ وتشقق الصخور الطينية المحيطة بالمقبرة، والمعروفة باسم "طفل إسنا"، وهذا الانتفاخ أضعف الأعمدة الصخرية التي تتحمل ضغط الجبل، ما جعل السقف والجدران أكثر عرضة للانهيار.
ما التقنية التي استخدمتموها للكشف عن هذه المخاطر؟
اعتمدنا على برنامج "بلاكسِس ثري دي"، وهو من أقوى البرمجيات في مجال الهندسة الجيوتقنية، ويسمح البرنامج ببناء نماذج هندسية دقيقة تحاكي الواقع، بما في ذلك طبقات الصخور والفواصل والصدوع، وهو يُستخدم عالميا في مشاريع الأنفاق والسدود والمنشآت الأثرية المدفونة.
وما الذي أظهرته نتائج المحاكاة؟
المحاكاة كشفت مناطق التشوه في الصخور، وحددت مواضع الانهيار المحتمل، كما أظهرت أن ثلاثة عوامل رئيسية، وهي الضغط الجيولوجي، والرطوبة، ووجود الصدع الهيكلي، تُضعف استقرار المقبرة يوما بعد يوم.
هل لديكم خطة للتعامل مع هذه المخاطر؟
نعم، أوصينا بعدة إجراءات عاجلة، منها تدعيم السقف في مناطق الضعف، عزل التراكيب الصخرية الرطبة وتحسين تصريف المياه، إضافة إلى تركيب حساسات ذكية لمراقبة التشققات والرطوبة بشكل لحظي.
وما رسالتكم الأخيرة بشأن هذه النتائج؟
يجب أن نتعامل مع هذه الدراسة كصرخة علمية عاجلة، فالوقت ليس في صالحنا. إذا تأخرنا، قد نرى جدران المقبرة تتهاوى، ويضيع جزء من تاريخنا للأبد.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOSA= جزيرة ام اند امز