بعد فضائح الانبعاثات.. شركات السيارات الألمانية تتجه لمنافسة "تيسلا"
بعدما كانت مركبات الديزل محركا أساسيا للنمو لدى شركات السيارات الألمانية، تسجل مبيعات هذا النوع من الآليات حاليا تدهورا كبيرا.
تبدي الشركات الألمانية الثلاث الرئيسية لصناعة السيارات، الضالعة في فضائح تتعلق بالانبعاثات الملوثة، عزمها راهنة على سلوك طريق الآليات الكهربائية في وقت تواجه فيه مجوعة "تيسلا" الرائدة في هذا المجال ورئيسها إيلون ماسك صعوبات.
وتستحوذ مجموعات "فولكس فاجن" المالكة لماركتي "أودي" و"بورش"، و"دايملر" المنتجة لسيارات "مرسيدس"، و"بي إم دبليو"، على ما يقرب من 80% من سوق المركبات الفارهة في العالم، غير أنها كانت لفترة قريبة الغائب الأكبر عن قطاع السيارات الكهربائية الفاخرة الذي تهيمن عليه "تيسلا" الأمريكية.
غير أن الشركات الألمانية الـ3 قدمت خلال الأسابيع الماضية أول نماذجها لسيارات رياضية "إس يو في" تعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية، قبل طرحها في الأسواق اعتباراً من نهاية العام الحالي، أملاً في طي صفحة فضيحة التلاعب بمحركات الديزل التي لا يزال القطاع يترنح تحت وطأتها منذ 2015.
وبعدما كانت مركبات الديزل محركاً أساسياً للنمو لدى شركات السيارات الألمانية، تسجل مبيعات هذا النوع من الآليات تدهوراً كبيراً، خصوصاً في ظل سعي مدن عدة لاعتماد قوانين مشددة تحظر تسيير السيارات العاملة بالديزل التزاماً بمعايير مكافحة التلوث.
وأعلنت "بورش"، الأحد، أنها ستصبح أول مصنّع للسيارات في ألمانيا يتخلى عن مركبات الديزل، في ضربة جديدة لهذه التقنية بعد 3 سنوات على انكشاف فضيحة التلاعب بالمحركات لدى مجموعة "فولكس فاجن" العملاقة.
وقررت شركات تصنيع السيارات استثمار ما يقرب من 40 مليار يورو خلال 3 سنوات في مجال إنتاج المركبات الكهربائية، بحسب شركة "في دي إيه" المتخصصة في القطاع.
وتتوقع شركة "أودي" التي تستحوذ على 8% من سوق السيارات في ألمانيا، أن تكون ثلث مبيعاتها بحلول 2025 هي لسيارات كهربائية أو هجينة.
ويقول الخبير في قطاع السيارات فرديناند دودنهوفر، تعليقاً على الطموحات المتأخرة لكبرى الشركات الألمانية في مواجهة مشاريع "تيسلا" الأمريكية: "أخيراً بدأ ذلك".
دوامة "تيسلا"
كانت شركة "جاجوار" البريطانية سباقة في خوض هذا المجال بين الشركات الأوروبية، مع إعلانها في مطلع مارس/أذار الماضي عن طرازها "أي- بايس" المباع حالياً في بريطانيا، غير أن دخول الثلاثي الألماني هذا المجال يفتح بلا شك باب منافسة أشد ضراوة أمام إيلون ماسك، خصوصاً حصول ذلك في وقت تثار تساؤلات بشأن الاتزان العقلي لإيلون ماسك وقدرته على إدارة "تيسلا" التي تتكبد خسائر كثيرة.
وأقر رجل الأعمال أخيراً عبر "تويتر" بأن الطراز الجديد من الشركة "موديل 3" يعاني من مشكلات في التسليم بعد سلسلة حالات تأخير في مسار الإنتاج.
وقبل 10 أيام، ظهر إيلون ماسك بصورة قد تؤجج التكهنات بشأن وضعه النفسي، من خلال ظهوره في مقابلة غير اعتيادية تصرف خلالها بشكل غير لائق، إلى جانب المقدم جو روجان. وقبل بضعة أسابيع سرت تكهنات بشأن معاناته التعب والضغط النفسي.
وأكدت "تيسلا"، الثلاثاء، أن وزارة العدل الأمريكية تجري تحقيقاً يتناول تغريدة أعلن فيها ماسك عزمه سحب مجموعته من البورصة.
ويقول دودنهوفر: "تيسلا رائدة في السوق وهي تتمتع بقدرة ابتكارية كبيرة".
تحدي البطاريات
ومن المتوقع أن تسير حوالي مليون مركبة كهربائية على الطرقات الألمانية بحلول 2022، في مقابل حوالي 100 ألف في مطلع العام الحالي، غير أن هذا النمو السريع في سوق السيارات الكهربائية قد يلجم بسبب المسافة المحدودة التي يمكن لهذه السيارات أن تقطعها قبل إعادة الشحن والنقص الكبير في نقاط الشحن.
وأشارت لجنة حكومية بشأن المركبات الكهربائية إلى ضرورة زيادة عدد نقاط الشحن العامة بواقع 5 مرات، لتلبية حاجات مليون سيارة كهربائية على الطرقات.
ويتساءل دودنهوفر: "كيف سنلبي الحاجة على البطاريات في ظل قدرات الإنتاج المحدودة للغاية حالياً".
وبعدما انضمت متأخرة إلى السباق، تطوّر هذه الشركات محركات كهربائية ومكونات إلكترونية لزيادة طاقة هذه السيارات، غير أنها لم تبدِ اهتماماً بتطوير خلايا البطاريات.
وتضم آسيا عمالقة التخزين الكهربائي كما الحال مع "باناسونيك" الشريكة اليابانية لـ"تيسلا".
ويفكر الاتحاد الأوروبي من ناحيته بوسائل لدعم إنتاج أوروبي مستقبلي لهذه البطاريات.
وأعلن المفوض الأوروبي ماروس سيفكوفيتش أخيراً انفتاح الاتحاد على تشكيل هيئة تكون بمثابة "إيرباص البطاريات"، تجمع شركات ومعاهد بحوث يسعى وزير الاقتصاد الألماني إلى تكوينها، بحسب صحيفة "هاندلزبلات" الاقتصادية.
وأعلنت مجموعة "سي إيه تي إل" الصينية عزمها فتح مصنع في ألمانيا هو الأول لخلايا البطاريات في السوق الأوروبية بحلول 2022.