وشاح بـ"خيوط ذهبية".. هدية مسيحيي قرقوش العراقية للبابا فرنسيس
تنكبّ كرجية من سكان قرقوش الواقعة في محافظة نينوى بشمال العراق، على وضع اللمسات الأخيرة بخيوط ذهبية على وشاح اختار أهالي البلدة تقديمه لقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية خلال زيارته لها ضمن جولته التي بدأها الجمعة في العراق.
ويصل البابا فرنسيس قرقوش الواقعة على بعد نحو 30 كيلومتراً إلى جنوب الموصل الأحد، وتزينت البلدة بأعلام العراق والفاتيكان وصور البابا ترحيباً به.
ويشرح مصمم الوشاح وراعي كنيسة الطاهرة الكبرى في قرقوش الأب عمار ياقو أن "5 أشخاص من أهالي قرقوش اشتركوا بحياكته وتطريزه"، وصُنع كما يقول من "قماش يسمى محلياً بالشال"، واستغرق العمل على الوشاح الأسود والأحمر، شهرين، وفقاً لوكالة "فرانس برس".
ولبلدة قرقوش تاريخ قديم جداً سابق للمسيحية، يتحدث سكانها اليوم لهجة حديثة من الأرامية، لغة المسيح، ولذلك تعدّ محطة هامة في زيارة الحبر الأعظم التي تستغرق 3 أيام.
ولزيارة البابا فرنسيس إلى قرقوش تحديداً أهمية كبرى ليس فقط لتاريخها المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمسيحية، لكن أيضاً لكونها تعرضت لدمار كبير على يد تنظيم "داعش" الإرهابي.
وهذه أول زيارة بابوية على الإطلاق للعراق، يحقق فيها البابا فرنسيس حلماً لطالما راود البابا الأسبق يوحنا بولس الثاني، وتنطوي على دعم معنوي مهم للمسيحيين الذين تعود جذورهم في العراق إلى تاريخ طويل.
اختصار للتراث
وحِيك الوشاح على "الطراز القرقوشي" بحسب الأب ياقو، فنسجت على أحد طرفيه، "الصلاة الربية"، أي "أبانا الذي في السموات"، وعلى الطرف الآخر، دُرز "السلام الملائكي" لمريم العذراء بخيوط ذهبية باللغة السريانية.
وزيّن الوشاح أيضاً بـ"ثلاثة صلبان تحمل تصميم الصليب الذي كان موجوداً في كنيسة الطاهرة الكبرى" في قرقوش قبل "تخريبه وتكسيره" على أيدي التنظيم الإرهابي، كما يوضح الأب ياقو.
وبالخيوط الذهبية نفسها، طرزت "زخارف نباتية لها رمزية مهمة جداً" في الدين المسيحي وهي "السنبلة والعنب" التي تعني "الخبز والخمر".
كما حيك رمز عراقي آخر على الوشاح هو سعفة النخيل، ليختصر الوشاح بذلك "تراث بغديدة وسهل نينوى والعراق كاملاً".
وهذه ليست الهدية الأولى التي يقدّمها العراقيون للبابا فرنسيس، إذ قبل عامين، حاكت الكردية المسلمة شاناز جمال رداءً يحمل رموز الأديان كافة، وهو بات معروضاً حالياً في الفاتيكان، هدية للحبر الأعظم.
وطرّزت جمال على مدى 5 أشهر رموز الطوائف الرئيسية الموجودة في كردستان وفي العراق، على العباءة، من الصليب والهلال إلى معابد الإيزيديين الذين تعرضوا لاضطهاد وعنف شديدين على يد "داعش" الإرهابي، وتمثّل العباءة التعدد الإثني والديني الغني في المنطقة.
أما اليوم، فحضّرت جمال هدية أخرى للبابا هي عبارة عن صليب مطرّز حيك يدوياً بخيوط ذهبية على قماش مقطّع باللونين الأحمر والأسود، ورُصّع بأحجار باللونين الفيروزي وبالأحمر الياقوتي والزمردي، بالإضافة إلى قبعة باللونين الأبيض والذهبي.