بعد احتجاجات الغضب.. 5 سيناريوهات ترسم مستقبل النظام الإيراني
"العين الإخبارية" ترصد في هذا التحليل الإخباري 5 سيناريوهات رئيسية لمستقبل النظام السياسي الإيراني، في ظل تضرر العالم منه.
الأنظمة السياسية مثل الكائن الحي تولد وتنمو وتشب وتمرض وتشيخ وتموت، ويحل محلها نظام آخر، وهذا ما قد تشهده إيران خلال الأيام المقبلة.
ومثال على ذلك الثورة الفرنسية، التي ألغت الملكية وأعلنت الجمهورية – أو الثورة الروسية البولشيفية التي أطاحت بحكم قياصرة روسيا وأنشأت الاتحاد السوفيتي 1917، الذي هدمه من الداخل فيما بعد جورباتشوف 1990، أو التدخلات الخارجية عقب هزائم عسكرية التي غيرت طبيعة أنظمة كما حدث في ألمانيا واليابان بعد هزيمتهما من الحلفاء 1945 أو بغزو أمريكا للعراق 2003 وإسقاط نظام البعث وحكم صدام حسين. وربما نرى تغييرا في نظام كوبا الشيوعية بعد انتهاء حكم آخر أعضاء عائلة كاسترو.
نظام الملالي وأدوات التوسع الإقليمي
رغم سقوط نظام الشاه عقب ثورة الخميني 1979، لم ترد الثورة الإيرانية الحق لأصحابه وتبتعد عما اقترفه النظام ضد جيرانه، بل سعت لتعزيز سيطرتها والتوسع إلى مساحات أكبر في المنطقة تحت حجة الدفاع عن القضية الفلسطينية، والتصدي للهيمنة الغربية الإمبريالية.
ونظام الملالي الحاكم في إيران نظام حكم ديني مذهبي شيعي وفقا للدستور.
هل ممكن إسقاط هذا النظام؟
أدت تصريحات وأفعال قادة إيران الى ردود فعل ووعي بخطر التوسع الإيراني؛ فحظرت جامعة الدول العربية الإعلام الإيراني والمحطات المؤيدة له عام 2017.
وكررت الجامعة مطالباتها إيران بالانسحاب من الجزر الإماراتية المحتلة، وأكدت سيادة دولة البحرين على أراضيها ورفضت كافة تدخلات طهران لدعم أي محاولات لزعزعة استقرار دول الخليج.
ومع انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاقية النووية واقتراب فرض عقوبات اقتصادية لم يسبق لها مثيل في التاريخ حسب تصريحات وزير خارجيته مايك بومبيو، وضغوطه لمنع استيراد النفط الإيراني الذي يشكل أهم مصدر للاقتصاد الإيراني من عدة دول مهمة مثل الهند وكوريا الجنوبية واليابان، تثار الآن عدة تساؤلات عن مصير النظام الإيراني وهل حلت نهايته وما هو البديل؟
هناك عدة سيناريوهات رئيسية لمستقبل النظام السياسي الإيراني:
السيناريو الأول
أن ينجح النظام في إظهار الحصار والمقاطعة الاقتصادية التي تقودها أمريكا على أنهما تدخل واحتلال جديد لبلادهم، فتتم التعبئة الشعبية ضد الخارج مع قهر أي معارضة داخلية على أساس أنها تخدم أجندة إمبريالية خارجية، فيتم تحجيمها ويتعايش الشعب مع الصعوبات الاقتصادية المتصاعدة.
السيناريو الثاني
رغم ضعف المعارضة في الخارج (الملكيين ومجاهدي خلق) والمعارضة الداخلية المنظمة أمام قمع النظام من الممكن تكرار ثورة ربيعية 2009، لكن بتلقائية نتيجة لتصاعد الأزمات الاقتصادية والحصار الاقتصادي وعدم توفر الاحتياجات اليومية، وهذه الانتفاضات التي بلا رأس لن تقودها القوى السياسية التقليدية المعروفة وقد لا تستمر طويلا إذا ارتفع القمع.
كما حدث في انتفاضة ارتفاع أسعار البيض في ديسمبر/ كانون الأول 2017، التي استمرت أسبوعين وشملت 65 مدينة.
ولكي تنجح تحتاج لقيادة توجهها وتكون البديل للنظام إذا سقط. ومن الممكن بضغوط خارجية أن يحدث تحالف بين الملكيين ومجاهدي خلق إذا تم التركيز على ضرورة تنسيق مواقفهم وخططهم إعلاميا وسياسيا داخل إيران، خاصة العاصمة لتوجيه تلك المظاهرات لتحقيق نتائج تجبر النظام على تغيير سياساته أو السقوط أو تزيد من الانشقاق داخل النخب الحاكمة.
السيناريو الثالث
أن تنجح المقاطعة الاقتصادية الخارجية على المدى الطويل على استنزاف الاقتصاد الإيراني، ولا تستطيع إيران في علاقتها مع الهند واليابان وكوريا الجنوبية وباكستان من حماية صادراتها النفطية، فتضطر الحكومة الإيرانية إلى تخفيض التكلفة التي تدفعها في مغامراتها الخارجية.
وتدريجيا تنكفئ إيران على نفسها داخليا وتزداد المطالب والضغوط الداخلية لتصبح إيران جمهورية عادية مهمومة بحالها الداخلي لا التوسع الخارجي.
وانسحاب إيران من سوريا سيعني مساءلة من الشعب وهزيمة لنظام أضاع أموالا ضخمة على الحرب في سوريا.
وهذا أيضا يتوقف على موقف روسيا بعد قمة بوتين وترامب في هلسنكي 16 يوليو 2018، وهل سيجري تقسيم المنطقة بينهما في سايكس بيكو جديدة، واستبعاد إيران من سوريا بضغوط أمريكية روسية وإسرائيلية.
هذا السيناريو يشبه إسقاط الاتحاد السوفيتي على مدى طويل، يحدث نزيف اقتصادي داخلي في إيران، وهي دولة نامية لكنها على أي حال ليست مثل الاتحاد السوفيتي بقوته وثرواته.
السيناريو الرابع
تكرار قلب النظام من الخارج كما حدث 1953 ضد نظام مصدق ليس سهلا، وسيؤدي ذلك لأوضاع غير مستقرة على المدى البعيد، ولا ننسى أن النظام الحالي والثورة الإيرانية كانت ردا على قلب نظام الحكم في عهد مصدق. وهو سيناريو مستبعد لأنه لا يوجد نفوذ مخابراتي غربي قوي داخل المؤسسات الإيرانية للقيام بتكرار مثل تلك العملية.
السيناريو الخامس
غزو إيران على نمط غزو العراق مكلف ماديا وبشريا وكارثيا على اقتصاد العالم كله وليس فقط أمريكا التي عانى جيشها في العراق وأفغانستان، وتدرك أن حربا من هذا النوع لن تكون نزهة ولا يتقبلها الرأي العام المحلي أو العالمي وغير مضمونة العواقب.
كما أن وضع إيران ليس كوضع عراق صدام الذي أنهك جيشه وشعبه في أعقاب هزيمة حرب الخليج والحصار الاقتصادي.
وعمليا فإن غزو إيران يتطلب أن يقوم الجيش الأمريكي بتعبئة عامة لقواته، وهو ما لم يحدث منذ عام 1973، وذلك بسبب حجم وطبيعة سلاسل الجبال التي تحمي البلاد و مساحة إيران وعدم قدرة أو رغبة العديد من الدول المعنية بتغيير النظام الإيراني المساهمة بقوات لمساعدة القوات الأمريكية، إذا قررت غزوها كما حدث في غزو العراق 2003.
أضف إلى ذلك أن عدد سكان إيران يتعدى 80 مليون نسمة أي أكبر من عدد سكان أفغانستان والعراق، وقد تندلع أعمال عنف عرقية وحروب أهلية تنعكس على كل المنطقة في بلد مساحتها أكبر من غرب أوروبا وبها جبال وغابات وصحراء ومغارات وطبيعة صعبة.
الخاتمة
يعد السيناريو الثالث هو الأفضل للشعب الإيراني وللمنطقة والعالم كله، والأقل تكلفة ماديا وبشريا من السيناريوهات الأخرى، ولذلك يحتاج لجهد وتعاون دولي وصبر أكبر حتى يتم تحويل الجمهورية الإيرانية إلى جمهورية عادية تتعايش مع جيرانها دون مليشيات أو تهديدات توسعية.