انتخابات أوروبا تعصف بشولتز.. هل تصمد حكومة المستشار؟
السؤال في ألمانيا لا يدور حول قدرة حكومة أولاف شولتز على البقاء، بل إلى متى يمكنها الصمود أمام حمم الانتخابات الأوروبية؟
فنتائج انتخابات البرلمان الأوروبي وجهت ضربة قاصمة لعدد من الزعماء الأوروبيين.
وبينما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حل الجمعية الوطنية، اختار المستشار الألماني أولاف شولتز التجاهل، مُصرا على أن إجراء انتخابات مبكرة ليس أمرا مطروحا.
ومع ذلك، يبدو أن الأمر ليس بيده، فالسؤال الآن لا يدور حول قدرة حكومته على البقاء بل إلى متى؟
وبعد ظهور نتائج الانتخابات التي حل فيها حزب شولتز بالمركز الثالث، قال رئيس وزراء بافاريا ماركوس سودر، على شاشة التلفزيون الألماني: "الحقيقة هي أن الحكومة الائتلافية قد تم التصويت عليها، ويجب على شولتز أن يدعو إلى انتخابات جديدة مثل ماكرون".
ودعا المعلق في صحيفة "دي تسايت" الألمانية ذات الميول اليسارية آلان بوسنر، إلى إجراء انتخابات جديدة في أقرب وقت هذا الصيف.
احتمال
رغم عدم وجود خطط ثابتة للدعوة إلى التصويت، إلا أن كبار أعضاء البرلمان في ائتلاف شولتز المكون من ثلاثة أحزاب أخبروا مجلة "بوليتيكو" الأمريكية أنهم يستعدون لهذا الاحتمال.
ولا يمكن إنكار تأثير نتيجة الانتخابات الأوروبية والتي أظهرت أن 31% فقط من الألمان يؤيدون أحد الأحزاب الثلاثة في الائتلاف.
وبعد مرور عامين ونصف فقط على توليه منصبه، وصلت حكومة شولتز المنقسمة والأقل شعبية في تاريخ ألمانيا إلى نقطة الانهيار.
حيث أعرب أكثر من ثلثي الألمان عن عدم رضاهم عن التحالف، كما سجل معدل قبوله الشخصي رقما قياسيا سلبيا، حيث كان أكثر من 70% غير راضين عن أدائه.
وبعد سوء إدارة الإصلاح التاريخي لتحويل البنية التحتية للتدفئة من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، عانت حكومة شولتز من هزيمة مذلة عندما قضت أعلى محكمة بالبلاد، قبل أشهر، بأن ميزانيتها غير دستورية. وحرمها ذلك من عشرات المليارات من اليورو التي كان تعتمد عليها لتمويل جدول أعمالها.
وكان التحالف على خلاف منذ ذلك الحين، حيث يخوض الحزبان اليساريان الميول، حزب شولتز الديمقراطي الاجتماعي وحزب الخضر، معركة مستمرة مع الحزب الديمقراطي الحر المحافظ حول الإنفاق.
ومن المتوقع أن تصل هذه المواجهة إلى ذروتها خلال الأسابيع المقبلة مع توجه أحزاب الائتلاف إلى الجولة النهائية من المفاوضات حول ميزانية 2025.
اتفاق؟
تريد أطراف الائتلاف التوصل إلى اتفاق بحلول أوائل شهر يوليو/تموز المقبل، أي قبل العطلة الصيفية، لكن مع حرص كل طرف على بذل قصارى جهده لإنقاذ حظوظه السياسية، يبدو التوصل إلى اتفاق غير مرجح.
وسيمنح الفشل في التوصل إلى حل وسط الحزب الديمقراطي الحر فرصة للخروج من التحالف، وهي الخطوة التي تردد الحزب في اتخاذها رغم التوترات المستمرة داخل الائتلاف، خوفا من إثارة غضب الناخبين لكن قد تتغير حسابات الحزب بعد هزيمة حليفيه في الانتخابات الأوروبية.
ووفقا للعرف في معظم الأنظمة البرلمانية، يكون زعيم البلاد مجبرا على الدعوة لإجراء انتخابات جديدة بعد هزيمة ساحقة مثل التي تعرض لها شولتز لكن الأمر مختلف في ألمانيا.
ولتجنب تكرار السياسات المضطربة التي ساهمت في صعود النازية، سعى واضعو القانون الأساسي الألماني في فترة ما بعد الحرب إلى ضمان الاستقرار من خلال إنشاء نظام سياسي يتطلب حل النزاعات بسرعة مع أقل قدر ممكن من الاضطراب، فوضعوا سقفاً عالياً لإجراء انتخابات مبكرة.
وهناك طريقتان للتصويت على الثقة في ألمانيا، الأولى تُعرف باسم "التصويت البناء لحجب الثقة"، حيث يمكن للبرلمان إقالة المستشار، فقط في حال التصويت على بديل خلال 48 ساعة وهو مسار غير مرجح حاليا بسبب عدم قدرة الأحزاب على الاتفاق.
الطريقة الثانية هي دعوة المستشار للتصويت على الثقة، وهو ما يتم عادة لأسباب تكتيكية، مثل دفع ائتلافه إلى المسار الصحيح من خلال ربط التصويت على الثقة بتشريع مهم.
وهذا النهج اعتمده المستشار السابق للحزب الاشتراكي الديمقراطي جيرهارد شرودر عام 2001، حيث ربط الاقتراح المثير للجدل بإرسال الجيش الألماني إلى أفغانستان بمستقبله وانتصر في النهاية.
شولتز على الخطى؟
يعتقد البعض في البرلمان الألماني (البوندستاغ) أن شولتز قد يتخذ هذه الخطوة لإجبار الحزب الديمقراطي الحر، لكنها ستكون محفوفة بالمخاطر لأن الحزب المحافظ قد يستخدم التصويت للتوجه نحو الخروج.
وإذا خسر شولتز، سيكون على الرئيس فرانك فالتر شتاينماير أن يقرر ما إذا كان سيدعو إلى انتخابات جديدة أو سيطلب من حزب الديمقراطيين المسيحيين (يمين الوسط) محاولة تشكيل حكومة على أساس نتائج انتخابات عام 2021.
وفي ذلك الاقتراع، حل فيها في المركز الثاني وإذا فشل في بناء ائتلاف، يمكن بعد ذلك الدعوة لانتخابات جديدة.
ومن بعد الحرب العالمية الثانية، لم يحدث تصويت على الثقة سوى 5 مرات وعادة ما تكون تحركات تكتيكية من قبل المستشارين الذين يسعون إلى تعزيز مكانتهم السياسية.
والحالة الوحيدة التي تم فيها إقالة مستشار على غير قصد كانت في عام 1982، عندما تخلى الحزب الديمقراطي الحر عن تحالفه مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة المستشار هيلموت شميدت.
وبالنسبة لشولتز، من المرجح أن تتزايد الدعوات لإجراء انتخابات مبكرة في سبتمبر/أيلول المقبل، عندما يتم إجراء انتخابات في ثلاث ولايات بشرق البلاد، قد يفوز بها جميعا حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف.
aXA6IDMuMTYuODIuMjA4IA== جزيرة ام اند امز