دراسة علمية تثير الجدل.. هل تنتقل إنفلونزا الطيور عبر الرياح؟

في ظل استمرار تفشي إنفلونزا الطيور وتأثيرها المتزايد على المزارع الأمريكية، يسعى الباحثون لفهم الأسباب الكامنة وراء سرعة انتشار الفيروس.
دراسة حديثة صادرة عن جمهورية التشيك أثارت جدلًا واسعًا بعدما أشارت إلى أن الرياح قد تلعب دورًا محوريًا في نقل الفيروس بين المزارع، وهو ما قد يقدم تفسيرًا جديدًا لهذا الانتشار المفاجئ.
الدراسة، التي لم تخضع بعد لمراجعة الأقران، وثّقت انتشار فيروس H5N1 في ثلاث مزارع دواجن خلال فبراير 2024. البداية كانت في مزرعة للبط، حيث نفق نحو 800 طائر بشكل مفاجئ في الرابع من الشهر. وبحلول السابع من فبراير، تم التخلص من القطيع بالكامل وفرض إجراءات حجر صحي مشددة.
ورغم تطبيق تدابير صارمة للأمن الحيوي، سُجلت إصابات جديدة في مزرعتين للدجاج تبعدان حوالي 8 كيلومترات عن المزرعة الأولى، مما دفع الباحثين من معهد الدولة البيطري في براغ للبحث عن تفسير محتمل لهذا الانتشار غير المتوقع.
التحقيق استبعد انتقال العدوى عبر البشر أو الطيور البرية، إذ لم تُظهر المقابلات مع مديري المزارع أي تواصل مباشر بين المواقع المصابة، كما أن غياب المسطحات المائية في المناطق المحيطة قلل من احتمال انتقال الفيروس عبر الطيور البرية.
لكن تحليل البيانات المناخية كشف عن احتمال جديد؛ حيث أظهرت الظروف الجوية عوامل مساعدة على نقل الفيروس عبر الهواء. السحب الكثيفة قللت من تعرض الفيروس للأشعة فوق البنفسجية القادرة على قتله، بينما ساهمت درجات الحرارة المنخفضة والرياح المستمرة في تهيئة بيئة مناسبة لانتقال الفيروس جويًا بين المزارع.
رغم أن الدراسة لم تتمكن من تقديم دليل مادي على وجود الفيروس في الهواء، يرى بعض الخبراء أن البيانات تدعم هذه الفرضية. الدكتورة مونتسيرات توريموريل، رئيسة قسم طب تجمعات الثروة الحيوانية بجامعة مينيسوتا، أوضحت أن توقيت العدوى والظروف المناخية وغياب الروابط الوبائية المباشرة تشير إلى أن انتقال العدوى عبر الهواء قد يكون واردًا.
في المقابل، دعا بعض الباحثين إلى التعامل مع هذه النتائج بحذر. الدكتور ديفيد ستالنكشت، أستاذ الطب البيطري بجامعة جورجيا، اعتبر أن هذه النتائج تقدم تفسيرًا ممكنًا، لكنها تفتقر إلى الأدلة القاطعة التي يمكن الحصول عليها من التجارب المخبرية الدقيقة.
الاحتمال الجديد أثار مخاوف بشأن تأثيره على الصحة العامة، خاصةً مع تسجيل إصابات بشرية بفيروس H5N1 في الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد، أشار الدكتور مايكل أوسترهولم، مدير مركز أبحاث الأمراض المعدية والسياسات بجامعة مينيسوتا، في حديثه لشبكة CNN، إلى أن انتقال العدوى عبر الهواء قد يكون نادرًا لكنه يفسر بعض الحالات التي لم يُحدد مصدرها حتى الآن. وأضاف: "الخطر على البشر ما زال منخفضًا جدًا، لكنه يظل احتمالًا يجب أخذه بعين الاعتبار."
يُذكر أن الدراسة نُشرت على منصة bioRxiv العلمية، ولا تزال قيد المراجعة، ما يعني أن نتائجها بحاجة إلى مزيد من التحقق قبل أن تُعتمد بشكل رسمي في الأوساط العلمية.