"سكوتر الصعيد" في مصر.. تاريخ يصارع من أجل البقاء
"الكراتة" الصعيدية أو "سكوتر" تتجاوز المشكلات التي تسببها المشايات الحديثة؛ حيث تسمح للطفل بالنظر إلى قدميه أثناء المشي.
على الرغم من انحسار الطلب على مشاية الأطفال التقليدية، التي يطلق عليها في صعيد مصر "الكراتة" أو "سكوتر الصعيد"، فإن عم "فتحي الصعيدي" ما زال متمسكا بتصنيعها؛ إذ إنها تمثل بالنسبة له أكثر من مجرد مهنة؛ فهي ميراث أجداده الذي يصارع من أجل بقائه.
وورث فتحي ابن محافظة سوهاج بجنوب مصر، تصنيع "الكراتة" عن جده وأبيه، وعاصر أوقاتا كانت هي الوسيلة الوحيدة التي يتم استخدامها في تدريب الأطفال على المشي، قبل أن تظهر الوسائل الحديثة التي حذرت منها أبحاث علمية حديثة.
وأكدت أبحاث للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن استخدام الأطفال للمشايات الموجودة بالأسواق في شهورهم الأولى يعوق النمو الجسماني والذهني لهم، حيث يكونون أكثر بطئا في الجلوس باعتدال خلال الزحف، كما أنهم يحرزون نتائج أقل في الاختبارات المبكرة للنمو العقلي والجسماني.
وتتجاوز "الكراتة" الصعيدية المشكلات التي تسببها المشايات الحديثة؛ حيث تسمح للطفل بالنظر إلى قدميه أثناء المشي، وبالتالي لا تحرمه من تعلم التحكم بالقدم، بما يجعلها أشبه بلعبة "سكوتر"، كما يوضح فتحي.
ويقول لـ"العين الإخبارية": "الكراتة وسكوتر تصميمهما واحد، ولكن الفرق بينهما في السرعة، والتي تتحكم فيها المادة التي تصنع منها العجلات، فعجلات الكراتة خشبية بطيئة لتتناسب مع طفل يتدرب على المشي، بينما عجلات سكوتر المعدنية تناسب الطفل الأكبر سنا، والذي يستخدمها من أجل اللعب، وليس تعلم المشي".
ويصنع فتحي "الكراتة" حسب الطلب لانحسار الإقبال عليها، ويبلغ سعر الواحدة منها 20 جنيها مصريا، ويتم تصنيعها من أخشاب الأشجار.
ورغم أن الاستمرار في المهنة لم يعد مجديا اقتصاديا؛ فإن ذلك لم يخطف ابتسامته التي تملأ وجهه، وقال متحديا الواقع: "سأستمر في تصنيعها حتى آخر يوم في حياتي؛ فهذه مهنتي التي لا أعرف غيرها".
وكان الباحث في التراث الشعبي أسامة غزالي قد وثق "الكراتة"، كإحدى الألعاب الشعبية التي تصارع من أجل البقاء.
وقال غزالي، وهو صاحب مشروع لتوثيق الألعاب الشعبية بمصر لـ"العين الإخبارية": "كثير من الألعاب الشعبية اندثرت برحيل من يقومون على تصنيعها، ولا يزال البعض الآخر موجودا، ولكن بشكل محدود جدا مثل الكراته".
ويعود تاريخ هذه اللعبة إلى الحضارة الفرعونية، كما يؤكد الباحث في التراث الشعبي، مضيفا أنها ومثل كثير من الألعاب الشعبية أصلها فرعوني.