معارك دامية في 10 مدن.. يوم ثانٍ في محنة السودان
لليوم الثاني، لا تزال الاشتباكات المسلحة مستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم والولايات وسط تضارب حول السيطرة.
وأعلن الجيش السوداني، اليوم الأحد، موافقته على مقترح الأمم المتحدة بفتح مسارات آمنة للحالات الإنسانية لمدة 3 ساعات دون أن يلغي ذلك حق الرد على قوات الدعم السريع.
وذكر بيان صادر عن الجيش: "القوات المسلحة السودانية توافق على مقترح الأمم المتحدة بفتح مسارات آمنة للحالات الإنسانية ولمدة ثلاث ساعات تبدأ من الساعة الرابعة عصر اليوم، على ألا يلغي ذلك حقها في الرد عند حدوث أي تجاوزات من قبل المليشيات المتمردة".
وكان قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان قد أصدر أمس السبت قرارا بحل قوات الدعم السريع في أعقاب الاشتباكات مع يجعلها قوات متمردة في توصيف الجيش.
بدورها، ذكرت قوات الدعم السريع، في بيان: "تهيب قوات الدعم السريع بالمواطنين الكرام أنها وفي إطار طلب الأمم المتحدة ورغبة القوات في تيسير جزء من حياة الناس تعلن عن السماح للمسارات الآمنة والحالات الإنسانية للمواطنين وذلك منذ الآن ولمدة 4 ساعات."
وأضافت "مع احتفاظنا بحقنا في حماية المواطنين وحقنا في الرد على أي اعتداءات من انقلابي ومليشيات النظام البائد"، بحسب تعبير البيان.
كما أعلنت قوات الدعم السريع في بيان منفصل، الاستيلاء على قاعدة عسكرية بكامل عتادها الحربي، وتدمير مدرعات من الجيش السوداني بالعاصمة الخرطوم، والقبض على عدد من أفراد الجيش.
خريطة المعارك
ووفقا لشهود عيان، فإن المعارك ما زالت مستمرة أمام القيادة العامة للجيش، والقصر الرئاسي ومحيط مطار الخرطوم الدولي، وعدد من المواقع الاستراتيجية في ظل أوضاع إنسانية حرجة وبالغة التعقيد.
وأفاد الشهود "العين الإخبارية"، بسماع أصوات المدافع وتصاعد ألسنة الدخان في وسط الخرطوم والأحياء الطرفية.
ومع انقطاع التيار الكهربائي الطويل، لا تزال أصوات الذخائر والأسلحة الثقيلة والخفيفة تصم الآذان بالتزامن مع شن الطيران الحربي للجيش السوداني هجمات على مواقع لقوات "الدعم السريع" في مدن الخرطوم وبحري (شمال) وأم درمان (غرب).
وما يزيد من صعوبة تحديد حقيقة الوضع على أرض المواجهات، أن قوات الجيش و"الدعم السريع" تتواجد في كل ولايات البلاد الـ18 وبأعداد تقدر بالآلاف في كل ولاية.
وحتى الآن، شملت الاشتباكات 10 مدن في 9 ولايات، مما يعني أنها قابلة للتمدد والاستمرار لعدة أيام، وفق مراقبين.
وفجر الأحد، أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية (غير حكومية)، عبر بيان، أن الاشتباكات أودت بحياة 56 مدنيا وأصابت 595 آخرين، بينهم عسكريون، ومنهم عشرات الحالات الحرجة.
وأفادت اللجنة بوجود حالات وفاة وإصابة بين المدنيين تعذر نقلها إلى مستشفيات ومرافق صحية؛ جراء صعوبة الحركة واعتراض القوات النظامية لعربات الإسعاف والمسعفين.
ولم يغادر السكان منازلهم في مناطق الاشتباكات، مع مخاوف من تدهور الأوضاع الإنسانية إذا استمر القتال في إحدى أفقر دول العالم.
موقف الحرية والتغيير
ومحذرة من نسف العملية السياسية في البلاد، اعتبرت قوى "الحرية والتغيير- المجلس المركزي" أن القتال الراهن من صنع أنصار نظام الرئيس المعزول عمر البشير (1989-2019).
وفي أول تعليق للائتلاف الحاكم سابقا وأبرز القوى المدنية الموقعة على "الاتفاق الإطاري"، قالت قوى الحرية التغيير في بيان إن "مخططات عناصر النظام البائد تكشفت وبوضوح عقب إشعال فتيل المعركة، ليتضح أنهم هم الجهة التي قامت بالتعبئة لهذه الحرب، وهم الذين يرجون حصاد نتائجها".
ودعت الشعب السوداني إلى مواجهة "فلول النظام السابق، الذين يحاولون تمرير أجندتهم بتأجيج الكراهية والحرب وقطع الطريق أمام مسار الانتقال الديمقراطي"، وفقا للبيان.
وفي غضون ذلك، قالت منظمة الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد) أنها قررت إرسال رؤساء كينيا وجنوب السودان وجيبوتي إلى السودان بأسرع ما يمكن لإجراء مصالحة.
وصباح السبت، اندلعت الاشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع" في الخرطوم، وتبادل الطرفان اتهامات ببدء كل منهما هجوما على مقار تابعة للآخر بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كل منهما.
واندلعت الاشتباكات قبل ساعات من لقاء كان مرتقبا بين قائد الجيش رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه في المجلس وحليفه السابق قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وتوجت الاشتباكات شهورا من التوترات المتصاعدة بين الجيش وشريكه "قوات الدعم السريع" الذي تحول إلى خصم نتيجة الخلافات حول عملية دمج قوات الدعم بالجيش.