للمرة الثانية.. تشيلي ترفض التخلص من «دستور الديكتاتور»

في استفتاء يُجرى للمرة الثانية، رفض الناخبون في تشيلي، الأحد، مشروع دستور جديد صاغته لجنة يقودها محافظون.
يأتي ذلك بحسب ما أعلنته هيئة الانتخابات الرسمية "سيرفيل"، ما يعني أن الدستور الذي يعود لحقبة الديكتاتور أوغستو بينوشيه سيبقى ساريا.
وبعد فرز 99% من الأصوات، بلغت نسبة المعارضين للدستور الجديد 55,75% مقابل تأييد 44,25%، وفق سيرفيل، بعد ساعات فقط من إغلاق صناديق الاقتراع عند الساعة السادسة مساء (21,00 ت غ).
وأعدت النسخة الجديدة بإشراف الحزب الجمهوري اليميني المتطرف، بعدما رفض التشيليون بغالبية كبيرة في سبتمبر/أيلول 2022، مسودة أكثر تقدمية سعت إلى ترسيخ مبادئ حماية البيئة والحق بالإجهاض الاختياري.
وقال الرئيس اليساري غابريال بوريتش الشهر الماضي إن استفتاء الأحد سيكون محاولته الأخيرة لتعديل دستور البلاد، قبل أن ينصرف للتركيز على تحقيق الاستقرار والتنمية البعيدة المدى.
وفي استفتاء عام 2020، صوّت 80 بالمئة من التشيليين لصالح إقرار دستور جديد.
وشرعت تشيلي في محاولة تعديل الدستور الذي تمّ إقراره عام 1980 في عهد بينوشيه، سعيا لتهدئة الاحتجاجات التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2019 ضد انعدام العدالة الاجتماعية.
لكن بعد أربعة أعوام على الاحتجاجات، تراجعت حماسة السكان بسبب عوامل شتى منها الجائحة والتضخم والجمود الاقتصادي، وتزايد الشعور بانعدام الأمان وإحباط الناخبين، وفق خبراء.
وقال الرئيس بوريتش بعد الإدلاء بصوته في مسقط رأسه بونتا أريناس (3000 كيلومتر جنوب سانتياغو): "نشهد اليوم نهارا مدنيا جديدا يعزز ديمقراطيتنا بغض النظر عن النتيجة".
وجذب الحزب الجمهوري الناخبين بخطابه الحازم ضد انعدام الأمن والذي ربطه في الأساس بالهجرة الفنزويلية.
وقالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة تشيلي كلوديا هايس: "ثمة جو من خيبة الأمل الكبيرة، قليل من الاهتمام والحافز، وتعب من القضية الدستورية".
وأضافت: "يريد الناس مزيداً من القضايا الأساسية: يريدون الأمن، النظام العام، المزيد من عناصر الشرطة في الشوارع، العودة الى الحياة الطبيعية بعد بضعة سنوات من الحياة غير الطبيعية".
جنوح إلى اليمين
وتنظر المعارضة إلى الاستفتاء الدستوري على أنه استفتاء على بوريتش الذي استفاد من موجة امتعاض عارمة في البلاد وتمكن في أواخر 2021 من أن يصبح أصغر رئيس للبلاد عن 35 عاما.
إلا أن شعبيته تراجعت إلى زهاء 30 بالمئة، وتعرض لانتكاسة سياسية في مايو/أيار مع فوز الحزب الجمهوري اليميني بتصويت على المستوى الوطني منحه حق اختيار أعضاء لجنة إعادة صياغة الدستور.
ويُحمّل دستور العام 1980 على نطاق واسع، مسؤولية السماح بإثراء الشركات والنخب على حساب الفقراء والطبقات العاملة. وتضمن اقتراح التعديل الأول الذي سقط في استفتاء العام الماضي، حماية أكبر لحقوق السكان الأصليين، واقتراحات لحماية الموارد الطبيعية مثل المياه، وخصّ النساء بنصف المناصب على الأقل في المؤسسات العامة.
ورأت هايس أن النسخة المطروحة حاليا "تقع بين دستور العام 1980 ودستور أكثر جنوحاً إلى اليمين"، خصوصا في قضايا مثل الإجهاض والسلامة العامة.
وتهدف النسخة الجديدة إلى ترسيخ الحق بالحياة منذ الحمل، وهو ما يعتقد الخبراء بأنه قد يؤدي إلى تحدي القوانين النافذة حاليا.
وحظرت تشيلي الإجهاض حتى العام 2017 حين تمّت إجازته في حالات الاغتصاب أو تهديد حياة الحامل أو الإعلان أن الجنين غير قابل للعيش.
كذلك، يجيز التعديل المقترح طرد المهاجرين بطريقة غير نظامية "في أقرب الآجال الممكنة"، علما بأن اليمين يحمّل مسؤولية تصاعد معدلات الجريمة، على تدفق مهاجرين فنزويليين هربا من الأزمة الاقتصادية في بلادهم.
إلا أن الدستور يعترف للمرة الأولى بمجموعات السكان الأصليين الذين يشكلون 12 بالمئة من إجمالي عدد سكان البلاد، من دون أن يتجاوب مع مطالبهم بمزيد من الحكم الذاتي.