أمين اتحاد أدباء فلسطين: بقاء شعر المقاومة مرهون بالاحتلال
الشاعر الفلسطيني مراد السوداني يؤكد أن الأجيال الجديدة استسهلت كتابة قصيدة النثر حتى لا تكلف نفسها عناء التجريب والبحث
قال الشاعر الفلسطيني مراد السوداني، الأمين العام لاتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين، إن الشاعر العربي لم يصل بعد إلى الحداثة بكل تعقيداتها، مؤكدا أن شعر المقاومة الفلسطيني سيظل باقيا ما دام هناك احتلال.
وأوضح، في حواره لـ"العين الإخبارية"، أن الأجيال الجديدة استسهلت كتابة قصيدة النثر حتى لا تُكلِّف نفسها عناء التجريب والبحث، مشيرا إلى أن ما تكتبه الأجيال الجديدة في مختلف الأقطار يبدو كأنه "نص واحد".. وإلى نص الحوار:
حدثنا عن ديوانك الأخير "مرقى الغزالة" وعن أجواء كتابته.
الديوان "سياحة عرفانية" حاولت معها صياغة ذاتي من جديد، بعد العثرات والخسارات والخذلان المبين، وحالة التردي العاصفة.
كيف تقيم حركة الشعر داخل فلسطين؟
في ظل الأوضاع الصعبة التي تمرّ بها فلسطين وما يعصف بالبلاد من استباحة واستلاب وقتل يومي، لم يعد للأسف اهتمام بالشأن الثقافي، فالوضع الثقافي في بلادنا ليس بخير، ولا يوجد إمكانيات ودعم كافٍ وروافع للفعل الثقافي مثلما كان الأمر في لحظات المدّ الثوري، حيث كانت هناك إمكانيات واسعة للمبدعين وللمؤسسات الثقافية على تنوعها. ورغم ذلك ما زالت تتوالد الأصوات الشِعرية في الوطن لتقدم عطاياها.
هل يعني هذا أن المشهد الثقافي والشعري الفلسطيني يفتقر إلى الرؤية؟
المشهد الثقافي والشِعري الفلسطيني جزء من النسيج الثقافي والشِعري العربي والعالمي، يستفيد من التجريب ولكنه مؤسَّس بشكل فذّ على شِعرية فلسطينية مناضلة ومحمولة على ثقافة استثنائية وعميقة أسسها الرواد وأعلوا بنيانها الشِعري، والشِعر نهر وصيرورة لا يمكن التنبؤ بمجراه، إلا أنه ما دام هناك احتلال فمن الأكيد أن شِعر المقاومة سيظل باقيا مع تطوير جماليات القصيدة وثرائها المعرفي.
ما الذي يجب أن يفعله الشاعر العربي ليواكب الحداثة؟
الشاعر العربي ما زالت تشدّه أوتاد الماضي، ولم يصل بعد إلى الحداثة بكل تعقيداتها وما بعد الحداثة، وباعتقادي أننا نحتاج لزمن طويل لكي نرمم أرواحنا من خرائب الحياة التي تعيدنا كلما تقدمنا إلى عصور سالفة، وكثير من كتاباتنا تقع في الانفصام والالتباس، لذلك علينا أن نكتب زماننا ومكاننا ومنهما ننفذ لما بعدهما.
كيف تقرأ قصيدة النثر، وهل هناك صراع وجود بينها والقصيدة العمودية؟
في اعتقادي أننا نقلّد ولا نجدِّد، قلة منا قدّموا الجديد في السياق التجريبي، والشِعر شِعر بصرف النظر عن شكله وزمانه، والقضية ليست صراعاً بين النثر والقصيدة الكلاسيكية، وأرى أن هناك حاجة لاستيعاب الأصالة لكي نتقدم للحداثة التي قالتها قصيدة النثر في كثير من تفاصيلها.
كيف ترى الإقبال الكبير على كتابة قصيدة النثر من قبل الكثيرين خاصة الأجيال الجديدة؟
الأجيال الجديدة استسهلت كتابة قصيدة النثر حتى لا تُكلِّف نفسها عناء التجريب والبحث، وتشعر عندما تقرأ ما تكتبه الأجيال الجديدة في مختلف الأقطار وكأنك تقرأ نصاً واحداً للأسف.
المشكلة ليست في القصيدة، وإنما في الشعراء الذين يكتفون بالقليل ولا يجتهدون في تطوير ذائقتهم الشِعرية، وأرى أن هناك أقلاما قليلة هي التي قدمت نصوصاً مختلفة في قصيدة النثر لا تتعدى أصابع اليدين.
هل يمكن أن يتحرر الشعر الفلسطيني من تاريخه المقاوم؟
ما دام هناك قضية واحتلال فثمة أدب مقاوم، التحدي لدى الشِعر الفلسطيني أن يطور ذاته ومشروعه ليعتمد على التجريب والجماليات دون أن يتخلى عن الهدف، وللأسف هناك بعض الأصوات الشِعرية الفلسطينية في الوطن تحاول أن تنأى عن القضية لتقدم تجريباً صافياً، ولا يمكن لنا كشُعراء فلسطينيين أن نتحرر من الإرث المجيد لشِعر وأدب المقاومة، بل سنظل أمناء على التجربة مطوّرين لجمالياتها وستظل الراية عالية.
ما وضع شعر المقاومة في الوقت الراهن؟
للأسف هناك تراجع واضح بالنسبة لشِعر المقاومة، وأسماء قليلة ما زالت تجهر به، والأجيال الجديدة في معظمها جرفها تيار التقليد والكتابة من أجل الترجمة والجوائز والسقوط في التجريبية الخالصة.
حدثنا عن عزلة أدباء 48 داخل المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلى، وكيف يؤثر ذلك على إبداعكم وطرق استقبال هذا الإبداع؟
مثقفو وأُدباء "1948" تعرضوا لظلم تاريخي، حيث تركوا في فم الضبع الاحتلالي ليستلبهم ويقوم بكيّ وعيهم، ولكنهم صمدوا، على الرغم من أن بعض أشقائهم العرب أغلقوا أمامهم الأبواب بحجة أنهم يحملون جواز السفر الإسرائيلي الذي لا ذنب لهم فيه.
ونجحنا في الاتحاد العام للكتّاب والأُدباء الفلسطينيين ولأول مرّة في تاريخ الثقافة الفلسطينية بتأسيس اتحاد الكُتّاب العرب الفلسطينيين بحيفا، وهو جزء من الاتحاد العام للكُتّاب والأُدباء الفلسطينيين.