الشهداء الأبرار لم يكن أحدهم يتفاخر في يوم من الأيام بما قام به من عمل خيري وإنساني
الشهيد محمد علي زينل البستكي، والشهيد عبد الله محمد عيسى الكعبي، والشهيد أحمد راشد المزروعي، والشهيد أحمد عبد الرحمن الطنيجي، والشهيد عبد الحميد سلطان الحمادي.
كوكبة مباركة من رجال الخير والعمل والإنساني الإماراتيين ترجلوا من هذه الدنيا شهداء بواسل في سبيل الله سبحانه وتعالى، وفي سبيل الوطن والخير والإنسانية، نتيجة عمل إرهابي جبان في أفغانستان.
لولا استشهاد هؤلاء الرجال، ما علم أهلهم وذويهم بحجم العمل الإنساني والخيري الذي يقدمونه خارج الإمارات؛ فقد كان "شهداء الإمارات في قندهار" الأبرار يشاركون في وضع حجر الأساس لدار "خليفة بن زايد آل نهيان" في ولاية قندهار، والتوقيع على اتفاقية مع جامعة "كاردان" للمنح الدراسية على نفقة دولة الإمارات، بالإضافة إلى وضع حجر الأساس لمعهد "خليفة بن زايد آل نهيان للتعليم الفني" في العاصمة الأفغانية كابول، بتمويل من مؤسسة "خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية".
السر في أن الكثير من أفراد أسر هؤلاء الشهداء الأبرار وأصدقائهم وزملائهم وجيرانهم لم يكونوا على معرفة بحجم العمل الخيري والإنساني الكبير، الذي يقومون به لسنوات عدة في جمهورية أفغانستان الإسلامية، ومشاركتهم في برنامج دولة الإمارات لدعم الشعب الأفغاني، وأن أحدهم لم يتفاخر في يوم من الأيام بما قام به من عمل خيري وإنساني.
فبتوجيهات من قيادة البلاد الحكيمة، وعلى رأسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" ساعدت دولة الإمارات العربية المتحدة ومنذ سنوات، الشعب الأفغاني الشقيق في مجالات عدة كالتعليم والصحة والمياه ورعاية الأيتام والمساعدات الإغاثية وغيرها، وتكللت عشرات ملايين الدولارات التي قدمتها دولة الإمارات للشعب الأفغاني الشقيق بما هو أغلى وأعلى عند الله عز وجل، ألا وهو دم شهداء الإمارات في قندهار، إنه سر عمل الخير بصمت وسر الراحة التي كانوا يشعرون بها قبل أن يباغتهم الغدر ويكتبهم بإذن اﷲ من الشهداء، فحسب ما سمعنا جميعاً الحديث الذي دار بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والمصاب مبارك الساعدي والذي كان يروي قصة اللحظات الأخيرة لأصدقائه الراحلين، حين قال أحدهم أشعر براحة عجيبة في داخلي، والآخر يقول أشعر براحة؛ فـ"أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة".
وها هو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" ينعي ببالغ الحزن والأسى نخبة من أبناء الوطن الأبرار، ويدعو لهم بالرحمة والمغفرة، ويأمر بتنكيس الأعلام في جميع الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية في جميع أرجاء الدولة لمدة 3 أيام تكريماً لشهداء الواجب الذين قدموا أرواحهم الطاهرة دفاعاً عن الإنسانية.
وها هو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" يُعرب عن فخر دولة الإمارات قيادةً وشعباً بالأدوار الإنسانية الجليلة التي يقوم بها أبناؤها في كل مكان من العالم، قائلاً: "ننعي بكل فخر شهداء العمل الإنساني الإماراتي في جمهورية أفغانستان.. شهداء ختموا حياتهم وهم يسعون إلى خدمة الضعفاء والأطفال والمحتاجين".
وقد توجّه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لذوي الشهداء بالقول: "إن أبناء هذا الوطن عُرفوا قبل نشأة الاتحاد بحبهم لعمل الخير وإغاثة الملهوف ونجدة المنكوب، وتعززت هذه القيم النبيلة في نفوسهم بما أرساه الوالد الشيخ زايد بن سلطان (طيّب الله ثراه) من مبادئ إنسانية نابعة من تعاليم ديننا الحنيف وقيمنا العربية الأصيلة، وليواصل من بعده الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله) صاحب الأيادي البيضاء خطى الآباء والأجداد، وما تركوه من سير حميدة ومواقف شجاعة أورثوها لأبناء هذا الوطن وزرعوها في نفوسهم، وهم يجوبون كافة أصقاع الأرض لمد يد العون والمساعدة وزرع الخير والأمل حتى عرفوا بأنهم رجال زايد الخير".
وها هو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، يهدي إلى أرواح وأسر شهداء الإمارات في قندهار "جائزة الإنجاز" التي فازت بها الوزارة ضمن "جائزة محمد بن راشد للأداء الحكومي المتميز" في دورتها الرابعة عن "مؤشر المساعدات الإنمائية الرسمية" والذي يعنى بالشأن الإنساني، مؤكداً أن إهداء هذه الجائزة لأرواحهم الطاهرة هو أقل القليل مقابل التضحية الكبري التي قدموها فداءً للوطن.
إنه سر شهداء الإمارات في قندهار الثاني، الذي يكمن جوهره في العلاقة الوطيدة بين الشعب الإماراتي وقيادته الحكيمة، والتي تبادله الولاء والوفاء والتضحية بالتقدير والعطاء.
4 جثامين طاهرة لشهداء قندهار الأبرار فقط وصلت إلى مطار البطين الخاص في أبوظبي على متن طائرة تابعة للقوات المسلحة الإماراتية الباسلة، إذ لم تتمكن اللجنة المتخصصة بتحديد الجثامين من التوصل إلى جثة الشهيد محمد علي زينل البستكي؛ نظراً لوجوده في مكان التفجير الإرهابي ذاته، لترتقي روحه إلى العلياء، ويبقى جسده خالداً في قلوبنا جميعا صورةً طيبةً عطرة، لا تفارق كل من شاهدها، وتوثق وقوفه مبتسماً بجانب الأيتام في أفغانستان.
ولن ننسى ذوي الشهيد البستكي الذين سطروا موقفاً مشرفاً يفتخر به كل أبناء الإمارات، محتسبين ابنهم شهيداً عند الله سبحانه وتعالى، ولو لم يتسلموا جثمانه الطاهر، تماماً كالمواقف المشرفة لذوي الشهداء عبد الله محمد عيسى الكعبي وأحمد راشد المزروعي وأحمد عبد الرحمن الطنيجي وعبد الحميد سلطان الحمادي، مؤكدين، خلال استقبالهم المعزّين من الشيوخ وكبار المسؤولين والمواطنين والمقيمين، استمرارهم في مسيرة الشهداء الأبرار العظيمة وخلف القيادة الرشيدة لنشر رسالة الإمارات الخيرية والإنسانية في كل أنحاء العالم رغم أنوف الإرهاب والإرهابيين والتطرف والمتطرفين.
إنه سر الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وبتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف والوسطي والمعتدل، وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الطيبة والسمحة، هذا سر الإيمان والإسلام الحقيقيان والبريئان من الإرهاب والإرهابين والتطرف والمتطرفين الذي كانوا وراء العمل الإرهابي الجبان في قندهار وغير قندهار، والذي لن ينجح أصحابه أبداً بجعل دولة الإمارات العربية المتحدة قيادةً وشعباً ومقيمين يحيدون قيد أُنملة عن محاربة الإرهاب والتطرف بمشاعل النور والخير والعطاء.
لن ننسى لشهداء الوطن والخير والإنسانية في قندهار بالدعاء لهم بالمغفرة والرحمة وفسيح الجنات، ولذويهم الصبر والسلوان، وهذا سر الوفاء من شعب الإمارات لشهداءها الأبرار.
ونسأل الله العظيم أن يمُن بالشفاء العاجل للمصابين في اعتداء قندهار الإرهابي، وأن يحفظ الله سبحانه وتعالى دولة الإمارات قيادةً وشعباً ومقيمين من كل سوء ومكروه في كل الميادين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة