فلسطين توقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.. من الخاسر؟
غالبا ما ينظر المسؤولون الفلسطينيون والإسرائيليون إلى التنسيق الأمني على أنه "منفعة متبادلة"، ولذلك يعتبرون وقفه خسارة للطرفين.
وتتجنب القيادة الفلسطينية اتخاذ القرار بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل وفي أكثر من مناسبة اعتبره الرئيس الفلسطيني محمود عباس نفسه بأنه "مقدس".
ولكن سبق للقيادة الفلسطينية أن اتخذت القرار بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل أكثر من مرة في الماضي كان آخرها في العام 2020 عندما أعلنت إسرائيل مخططات ضم أجزاء من الضفة الغربية.
وفي العام 2000، تم اتخاذ القرار بوقف التنسيق الأمني مع انطلاق الانتفاضة الثانية.وغالبا ما كان ينتهي وقف التنسيق الأمني باتفاق ما بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بعد تدخلات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
وكان قرار القيادة الفلسطينية في اجتماعها الطارئ، صباح الخميس، وقف التنسيق الأمني متوقعا بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين والتي أدت إلى مقتل 9 فلسطينيين وإصابة 20 بينهم 4 بجروح خطيرة.
ولكن سبق ذلك خطوات إسرائيلية بينها خصم أموال من المستحقات الفلسطينية وفرض عقوبات على مسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني.
وتشير استطلاعات الرأي العام الفلسطينية إلى أن مطلب وقف التنسيق الأمني هو من المطالب الأكثر شعبية.
وفعليا يكاد التنسيق الأمني يكون الورقة الأخيرة في أيدي القيادة الفلسطينية لإقناع المجتمع الدولي بالتدخل الفاعل من أجل منع انزلاق الأمور إلى منعطفات خطيرة لا يريدها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي.
ويقول مراقبون فلسطينيون ل"العين الإخبارية" إن القيادة الفلسطينية تكسب شعبيا بوقفها التنسيق الأمني ولكنها تخسر في علاقاتها مع إسرائيل.
ما هو التنسيق الأمني؟
غالبا ما يبقى فحوى التنسيق الأمني وآلياته قيد الكتمان ويتم في اجتماعات سرية يعقدها كبار المسؤولين الأمنيين من الطرفين ويتواصل يوميا من خلال ضباط أمن ميدانيين من الطرفين.
وتقول وزارة الدفاع الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني:" التنسيق الأمني هو دائم ومتواصل، في مناطق الضفة الغربية، بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بما في ذلك الجيش وشرطة إسرائيل، وبين أجهزة الأمن الفلسطينية. ويحظى التنسيق الأمني بأهمية كبيرة نظرًا لانعكاساته في تحسين الوضع الأمني في الضفة الغربية".
وفعليا بدأ التنسيق الأمني بعد إقامة السلطة الفلسطينية في العام 1994 وكنتاج لاتفاق أوسلو وهو أول اتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وفي بدايته، هدف التنسيق الأمني إلى ترتيب الانسحابات الإسرائيلية من الأراضي التي خضعت لاحقا للسيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية.
وفي حينه كان هذا التنسيق انتقاليا إلى حين توصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إلى اتفاق دائم يسمح بإقامة دولة فلسطينية.
وانتقاليا تم تقسيم أراضي الضفة الغربية إلى 3 أقسام وهي المناطق (أ) التي تخضع للسيطرة الأمنية والمدنية الفلسطينية الكاملة والمناطق (ب) التي تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية والمدنية الفلسطينية والمناطق (ج)، التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية وتخضع للسيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية الكاملة.
وعمدت أجهزة الأمن الفلسطينية والإسرائيلية للتنسيق فيما بينها من أجل منع صدام غير مقصود بين الطرفين.
وبدأ هذا الترتيب بالتآكل في العام 2000 مع انطلاق الانتفاضة الثانية ومع ذلك فقد بقي قائما.
وقالت مصادر مطلعة ل"العين الإخبارية" إن التنسيق الأمني الفلسطيني-الإسرائيلي اكتسب زخما مع بداية إقامة السلطة الفلسطينية وبخاصة في أثناء تنفيذ حركة "حماس" سلسلة من العمليات الانتحارية داخل إسرائيل في سنوات التسعينيات ثم تأكل مع الانتفاضة الثانية وعاد بقوة بعد سيطرة "حماس" بالقوة على قطاع غزة في العام 2007.
وبحسب المصادر فإنه يشمل التنسيق الأمني تبادل المعلومات بين مسؤولي الأمن من الطرفين حول نوايا فصائل فلسطينية، على رأسها "حماس" والجهاد الإسلامي، لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية.
وحتى ما قبل الانتفاضة الفلسطينية الثانية كانت إسرائيل تمتنع عن اقتحام المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية الكاملة لتنفيذ اعتقالات وتكتفي بنقل المعلومات التي لديها إلى أجهزة الأمن الفلسطينية.
وتحتاج أجهزة الأمن الفلسطينية للتنسيق مع الإسرائيليين من أجل انتقال القوات الفلسطينية ما بين المناطق (أ) و(ب) و(ج) وانتشار القوات الفلسطينية في المناطق (ب) الخاضعة أمنيا للسيطرة الإسرائيلية.
ولكن التنسيق الأمني لا يقتصر فقط على تبادل المعلومات الأمنية إذ يرتبط بقضايا مدنية واقتصادية وصحية فضلا عن الامتيازات التي يحصل عليها كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية بالتنقل في الأراضي الفلسطينية وإلى الخارج عبر تصاريح خاصة.
فالتنسيق ما بين الطرفين مطلوب من أجل نقل مريض مثلا من الضفة الغربية أو قطاع غزة إلى الخارج من أجل تلقي العلاج وهو مطلوب من أجل حركة البضائع وحتى انتقال العمال للعمل في إسرائيل.
كما أنه مطلوب إسرائيليا، فكثيرا ما يدخل إسرائيليون بالخطأ إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية ويتم نقلهم من خلال الأمن الفلسطيني إلى نظيره الإسرائيلي.
وتعتمد إسرائيل على هذا التنسيق من أجل تبادل المعلومات مع الأمن الفلسطيني حول أشخاص يخططون لتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية.
وقالت مصادر فلسطينية ل"العين الإخبارية" إن التنسيق يطول كافة مناحي الحياة الفلسطينية والذي يتم من خلال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وهيئة الشؤون المدنية الفلسطينية التي يترأسها أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ.
ويرتبط التنسيق المدني ارتباطا وثيقا بالتنسيق الأمني فيما أن هناك أيضا التنسيق العسكري ما بين الطرفين.
ويتعلق التنسيق المدني بقضايا المرضى وتصاريح العمل ولم شمل العائلات وحركة التجارة، وفي هذا الشأن فإن أي تأثير لوقف التنسيق الأمني سينعكس على الكثير من الفلسطينيين.
أما التنسيق العسكري فيكاد يكون متوقفا منذ فترة طويلة بعد وقف إسرائيل الانسحابات من الأراضي الفلسطينية لتسليمها للسلطة الفلسطينية.
aXA6IDMuMTM1LjIwNi4yMTIg
جزيرة ام اند امز