اشتباكات طرابلس على مائدة مجلس الأمن.. تنديد ومطالب بتعيين مبعوث أممي
على وقع أصوات المدافع الثقيلة وطلقات النار الكثيفة التي شهدتها العاصمة طرابلس قبل يومين عقد مجلس الأمن الثلاثاء جلسة للمناقشة والتنديد.
وتسببت الاشتباكات التي دامت يومي الجمعة والسبت الماضيين، ووصفت بـ"الأعنف" في عامين، في مقتل 32 شخصا وإصابة 159 آخرين، أغلبهم من المدنيين، إلى جانب تدمير عدد من المنازل والممتلكات والمباني السكنية والحكومية.
آثار تلك الاشتباكات وأسبابها ونتائجها ناقشها أعضاء مجلس الأمن الدولي، في الجلسة التي عقدت مساء الثلاثاء، والتي شهدت تنديدًا من بعض الأعضاء، وتأكيدات من آخرين بأن الحل السلمي لا العسكري هو السبيل الوحيد لمعالجة أزمة الشرعية في ليبيا.
وفيما عبر أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم من وجود حكومتين تتنافسان على السلطة، طالبوا الأمين العام بضرورة تعيين مبعوث أممي بشكل عاجل في ليبيا، لإدارة عملية سياسية تشمل الجميع.
دعم اللجنة العسكرية
وأكدت وكيلة الأمين العام لإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام روزميري دي كارلو، في إحاطتها أمام مجلس الأمن، على ضرورة مواصلة الأمم المتحدة التواصل مع كل الأطراف لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية.
وفيما قالت دي كارلو إن ليبيا شهدت تقدمًا سياسيًا محدودًا خلال الفترة الأخيرة، شددت على أن الانتخابات السبيل الوحيد للعبور من المأزق الحالي، مع استمرار انتهاكات حقوق الإنسان.
وحثت الأطراف الليبية على دعم واستكمال المسار الدستوري للوصول إلى الانتخابات، مشيدة بجهود اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) في تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، مثمنة زيارة وفد القيادة العامة للقوات المسلحة إلى العاصمة طرابلس.
كما أشادت باستئناف إنتاج النفط والذي وصل تدفقه للأسواق لأكثر من مليون و200 ألف برميل يوميا، إلا أنها أعربت عن قلقها من تهميش المجتمعات المحلية والذي قد يهدد عملية إنتاج الذهب الأسود.
وشددت على أهمية امتناع كل الأطراف الليبية عن الخطاب التصعيدي، مؤكدة أن الأمم المتحدة مستعدة لدعم جهود المصالحة الوطنية في ليبيا.
الجمود السياسي
بدروه، قال الطاهر السني مندوب ليبيا الدائم بالأمم المتحدة، إن بلاده لا تزال تعاني من العديد من الأزمات، بسبب الجمود والانقسام السياسي، مشيرًا إلى أن فشل إجراء الانتخابات كان سببا في تأزم الأوضاع بليبيا الآن.
وأوضح السني، في كلمته أمام مجلس الأمن، أن فشل اختيار مبعوث أممي إلى ليبيا يعود إلى انقسام مجلس الأمن، مطالبا الأمين العام للأمم المتحدة بضرورة الإسراع في تعيين ممثل خاص له في ليبيا.
وكرر السني تأكيده على أن الأزمة في ليبيا سياسية وليست قانونية، مطالبا الأمم المتحدة بدعم بلاده لحل الأزمة وإيجاد أرضية توافقية غير إقصائية لإجراء الانتخابات.
انتخابات حرة وشفافة
وفي السياق ذاته، أكدت مندوبة المملكة المتحدة في مجلس الأمن باربرا ودورد، أنه لا حل عسكري للأزمة في ليبيا ولا للشرعية، مناشدة بضرورة العمل مع الأمم المتحدة للوصول إلى انتخابات حرة وشفافة.
وأكدت أن وجود سلطتين تنفيذيتين متوازيتين في ليبيا أمر مقلق ولا يساهم في الحل، داعية مجلس الأمن للاتفاق على تعيين مبعوث أممي بشكل عاجل في ليبيا، لإدارة عملية سياسية تشمل الجميع.
كما دعت مندوبة النرويج بمجلس الأمن مونا يول إلى ضرورة وقف العنف والتصعيد وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن النزاع لا يمكن أن يحل بوسائل عسكرية.
ودعت الأطراف الليبية للاتفاق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، مشيرة إلى أن "الشعب الليبي يرغب في الانتخابات وليس العنف؛ فليبيا تحتاج إلى تعيين عاجل لمبعوث أممي في ليبيا ليقود الجهود السياسية بالبلاد".
تصفية الخلافات
ومن جانبه أكد مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيجوف ، أن النزاع طال أمده في ليبيا، مشيرًا إلى أن العاصمة طرابلس أصبحت ساحة لتصفية الخلافات.
وفيما دعا الأطراف الليبية للعودة إلى الحوار، حذر من العودة للعنف. وشدد على الدور المهم للاتفاق على أساس العملية السياسية دون تدخلات خارجية والإعداد لانتخابات تشمل الجميع.
وأكد أنه في خضم الوضع السياسي الحالي تتنافس مصالح الدول المختلفة مما يعد عائقًا أمام الاستقرار، مشيرًا إلى أن المصالحة الوطنية الشاملة يجب أن تشمل الجميع بما في ذلك أنصار النظام السابق.
وشدد على ضرورة وجوب إخراج القوى غير الليبية بشكل متوازن، مشيرًا إلى أنه من غير المقبول ألا يكون للأمم المتحدة وسيط وممثل في ليبيا.
فشل الساسة
من جانبها، قالت مندوبة أمريكا في مجلس الأمن ليندا توماس غرينفيلد، إن العنف الأخير في ليبيا جاء بسبب فشل الساسة الليبيين، مشيرًا إلى أنه على القادة السياسيين تنحية مصالحهم، ودعم إيجاد قاعدة دستورية لإجراء انتخابات.
وأشارت إلى أن ما يحدث في ليبيا يؤكد الحاجة لتعين ممثل أممي فورا لقيادة جهود الوساطة في ليبيا، مؤكدة أن الولايات المتحدة ستواصل جهودها لدعم إجراء الانتخابات.
وحثت الأطراف الليبية على العمل البناء مع البعثة الأممية لاستكمال القاعدة الدستورية ووضع جدول زمني لإجراء الانتخابات، داعية لنبذ العنف ووقف التصعيد والتدخلات الخارجية وتنفيذ حظر الأسلحة على ليبيا.
مبعوث أممي
ويسعى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريس، لتعيين مبعوث أممي جديد لدى ليبيا، بعد 8 أشهر من استقالة المبعوث السابق يان كوبيتش في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وانتهاء ولايته المستشارة ستيفاني ويليامز في 31 يوليو/تموز الماضي.
ويقود جهود الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حاليا الأمين العام المساعد للبعثة الأممية في ليبيا الزيمبابوي رايزيدون زينينجا، وسط خلاف في مجلس الأمن حول من يرأس البعثة الأممية، والتي تم التجديد لها نهاية يوليو/تموز الماضي لثلاثة أشهر.
وتتولى البعثة الأممية في ليبيا تسيير العديد من المسارات التفاوضية بين الليبيين أبرزها المسار السياسي والعسكري والاقتصادي والدستوري، بهدف الإعداد للانتخابات الرئاسية والنيابية المنتظرة بعد تعذر إجرائها ديسمبر الماضي.
aXA6IDMuMTUuMTcuNjAg جزيرة ام اند امز