تتسارع المستجدات الدولية في مقاربة الحرب الروسية-الأوكرانية ومواقف دول العالم المختلفة منها بعد مضي أكثر من أربعة أشهر على اندلاعها.
وذلك في ظل ما حملته هذه الحرب للبلدين من حملات حصار وعقوبات وأزمات اقتصادية.
ومن أبرز ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية، الحدث التاريخي المتمثل في انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي، الدولتين المحايدتين منذ أكثر من مائتي عام، رغم ما مرت به أوروبا من حروب وتحالفات ومحاور، مع ما يعنيه هذا الحدث من عسكرة لمجتمعَيْ الدولتين، حتى إن دولة مثل فنلندا باتت تمتلك جيشا قوامه يزيد على المليون ونصف المليون جندي بين نظامي واحتياطي، في أعمق دلالة على سباق التسلح المحموم، الذي تعيشه القارة العجوز منذ انطلاق العملية الروسية في أوكرانيا.
كما جاء إثر هذا الحدث المفصلي استراتيجيا وعسكريا وجيوسياسيا، إعلان المستشار الألماني أولاف شولتس أن بلاده ستمتلك أكبر جيش تقليدي أوروبي في حلف شمال الأطلسي بفضل الأموال التي قررت برلين استثمارها لتعزيز قدراتها العسكرية، والتي كانت إلى حد قريب تمتلك جيشا لا يزيد عدد أفراده على 200 ألف جندي، ربما يكْفون لحراسة الحدود والمساحة الشاسعة لأكبر دولة صناعية في غرب أوروبا.
ما يحدث في أوروبا من سباق تسلح، يتطلب منا وعيا لأهمية التحالف العربي، الذي هو درع وردع في وجه كل عدوان على أمن المنطقة والإقليم، خاصة ما يفعله "الحوثي" الإرهابي، الذي يجور على أهل اليمن الشقيق ثم يزعزع استقرار المنطقة والتجارة الدولية، بعد انقلابه على الشرعية في اليمن وافتعاله صراعا مستمرا منذ 21 سبتمبر عام 2014.
إن ما نراه اليوم من تنسيق عربي-عربي، وعربي-إقليمي، إنما يعكس وعي قيادتنا الرشيدة بخطورة المرحلة، ووقوفها، ووقوفنا صفا واحدا خلفها، على أهبة الاستعداد لأي تطورات أو متغيرات جيوسياسية تستوجب ردًّا حازمًا، فلا مجال للتهاون في مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا، ولا مجال للتراخي في أمن الأوطان وأمان المواطنين.
وهنا، نقول "إنّ أمننا بيننا"، واليوم بات يمكننا تأكيد صفاء السرائر والعلاقات بين الأشقاء والأصدقاء، وأهلا بمن عادوا إلى الصف الواحد، وأهلا بمن سيعود ولو بعد حين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة