عن طريق البصمة الزلزالية.. ادعاء إسرائيلي بالقدرة على التنبؤ بهجوم «حماس» المقبل (خاص)

لا تزال إسرائيل تعيش في صدمة هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، مما دفع باحثين من جامعة تل أبيب للبحث عن وسيلة قد تساعدهم مستقبلا في تفادي هجمات مشابهة.
وفي دراسة نُشرت في دورية "السجل الزلزالي"، زعم الباحثون أنهم تمكنوا من تحديد بصمة زلزالية لحركة مركبات تابعة لحماس قبل هجوم 7 أكتوبر 2023، فعبر استخدام شبكة متطورة من أجهزة قياس الزلازل، كشفت تحليلاتهم عن تسجيلات غير اعتيادية لضوضاء زلزالية في صباح يوم الهجوم، مما أشار إلى تحركات واسعة النطاق لمركبات ثقيلة داخل قطاع غزة. وأشار الباحثون إلى إمكانية استخدام هذه التقنية لاحقا للتحذير من أي هجمات مشابهة.
الذكاء الاصطناعي في الحروب.. عندما تصبح الآلة قاضيًا و«جلادًا»
ورغم أن النتائج تبدو وكأنها خطوة مبتكرة نحو استخدام الزلازل في مجالات الأمن والمراقبة الحدودية، فإن الدراسة تعرضت لعدة انتقادات علمية تتعلق بدقة تحديد مصدر الضوضاء الزلزالية، وتحديات التطبيق في الوقت الفعلي، وضعف الإشارات المكتشفة. كما أثارت الدراسة تساؤلات حول التحديات العملية لاستخدام هذه التكنولوجيا في البيئات الحقيقية والمناطق الحدودية.
وحلل الباحثون البيانات الزلزالية التي سُجلت في ثلاث محطات زلازل بجنوب إسرائيل يوم 7 أكتوبر 2023، حيث اكتشفوا نشاطًا زلزاليا غير طبيعي قالوا إنه ناجم عن حركة مركبات ثقيلة داخل قطاع غزة.
ووفقاً لما ذهبوا إليه، فقد تم تسجيل الإشارات الزلزالية قبل الهجوم بحوالي نصف ساعة، وأشاروا إلى أنها نتجت عن حركة غير معتادة لمركبات ثقيلة متجهة نحو نقاط تنظيمية بالقرب من الحدود الإسرائيلية قبل حوالي 20 دقيقة من بدء الهجوم.
وأكد الباحثون أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها رصد تحركات تسبق هجوماً باستخدام الضوضاء الزلزالية الناتجة عن حركة المركبات، وتم تسجيل الإشارات بواسطة محطات زلزالية تقع بين 30 و50 كيلومتراً من غزة، وذلك في الفترة الزمنية بين الساعة 6:00 و6:30 صباحاً، أي قبل بدء الهجوم.
ومع أن التحليل تم بأثر رجعي، أي بعد الهجوم بعدة أشهر، يعتقد الباحثون أن هذه التقنية قد تُستخدم في المستقبل للتنبؤ بالهجمات.
ورغم عدم وجود موانع عملية واضحة لتنفيذ ما تقترحه الدراسة، إلا أن د. عبدالعزيز محمد عبدالعزيز، أستاذ هندسة الاستكشاف وتقييم الطبقات في كلية الهندسة جامعة القاهرة، يشير إلى أن هناك شروطاً صعبة التحقيق تجعل من الصعب التأكد من أن المركبات التي تم رصدها كانت تابعة لحماس.
يقول عبدالعزيز لـ "العين الإخبارية": "إن أي حركة تولد طاقة، وهذه الطاقة تنتج موجات بثلاثة أنواع: الطول الموجي القصير والتردد العالي، الطول الموجي الكبير والتردد المنخفض، والطول الموجي المتوسط، والنوع الثاني لا يمتص في موقع الحركة ويمكن أن ينتقل لمسافات طويلة تشعر بها أجهزة رصد الموجات الزلزالية مثل السيسموجراف".
ولكي تستطيع هذه الأجهزة رصد الحركة، يوضح عبدالعزيز أنها يجب أن تكون في بيئة هادئة خالية من أي ضوضاء زلزالية قد تتداخل مع الإشارات المطلوبة، كما يجب أن تكون الطاقة الناتجة عن الحركة كبيرة إلى حد ما، ووجود فاصل زمني بين حركة المركبات قد يمنع رصد أي إشارات ذات مغزى، في حين أن الحركة المستمرة والمتتابعة هي التي قد تحقق ما يُسمى "التداخل البنّاء"، وهو ما يحدث عندما تلتقي موجتان في نفس المكان وبنفس الطور أو بطور قريب جداً، مما يؤدي إلى تعزيز قوة الموجة الناتجة.
ويضيف عبدالعزيز: "أعتقد أن حماس تدرك هذه المعلومة، ولا أظن أنها نفذت الهجوم بمركبات كانت تسير بشكل متتابع يمكن رصدها، كما أن الدراسة لم تقدم أي توضيح حول كيفية استبعاد مصادر أخرى للضوضاء الزلزالية مثل أنشطة البناء في المنطقة".
ويشير عبدالعزيز أيضا إلى أن التحليل تم بأثر رجعي، مما يجعل الدراسة مفيدة لتحليل الأحداث التاريخية، لكنه يثير تساؤلات حول إمكانية تطبيق التقنية في الوقت الفعلي للتحذير المبكر.
ويختتم عبدالعزيز ملاحظاته قائلاً: "التحدي الأكبر هو كيفية استخدام نفس النهج في الوقت الفعلي لتقديم تحذيرات مسبقة، فلم تذكر الدراسة تفاصيل حول الزمن اللازم لمعالجة البيانات وتحديد الإشارات غير الطبيعية بشكل فعّال، وهو أمر حاسم للتطبيق العملي".
ويضيف: "تم استخدام ثلاث محطات زلزالية على مسافة تتراوح بين 30 و50 كيلومتراً من غزة، وهذه المسافة القصيرة نسبياً قد تجعل رصد النشاط الزلزالي الناجم عن حركة المركبات أمراً سهلاً، ولكن في حالة التحركات العسكرية التي تحدث على مسافات أبعد أو في مناطق ذات تضاريس أكثر تعقيداً، ستكون هناك صعوبة في رصد مثل هذه الإشارات بنفس الدقة".
aXA6IDMuMTI4LjIyNi4xMTIg
جزيرة ام اند امز