أول قضية أمريكية ضد السيارات الذاتية.. خطأ البشر أم السائق الآلي؟
شركات التأمين تطالب الشركات المُصنعة بالإفصاح عن بيانات الاستشعار في السيارات أثناء التحقيقات.
حادث وقع نهاية العام الماضي في ولاية كاليفورنيا، كان أحد طرفيه سيارة ذاتية القيادة، تحول بعدها إلى أول قضية أمريكية ضد السيارات الذاتية، وهو الأمر الذي فتح بدوره الجدل بشأن مستقبل تلك السيارات.
في ديسمبر الماضي، كان أحد الأمريكيين، يسترخي في مقعد السائق، ويتفقد هاتفه الجوال، مستمتعا بخاصية "القيادة الآلية" التي توفرها له سيارته الجديدة التي أصدرتها حديثا شركة "جنرال موتورز"، والتي تستخدم تكنولوجيا كروز للاستشعار عن بعد، وبينما كان السائق الآلي يستعد لتغيير الحارات في سلاسة ويسر، على أحد الطرق السريعة في ولاية كاليفورنيا، اصطدمت السيارة مع دراجة نارية تخص أوسكار نيلسون، وهو ما أسفر عن تعرضه لإصابات في الرقبة والكتف.
اتهم نيلسون، سائق السيارة بالمسؤولية عن الحادث، وطالب شركة تأمينه بدفع التعويضات اللازمة، وهو ما أنكرته الشركة، مؤكدة أن العقد مع عميلها يغطي فقط الحوادث الناتجة عن الخطأ البشري لعميلها ولا يتضمن تغطية الحوادث أثناء القيادة الآلية، مشددة على أن سبب الحادث خطأ السائق الآلي وليس خطأ بشريا" وهو ما دفع محامي نيلسون باتهام الشركة المصنعة مباشرة.
وكشفت صحيفة ميركوري نيوز المحلية، في سان فرانسيسكو، أمس الأول، عن أن المصاب قرر مقاضاة شركة جنرال موتورز مباشرة، حيث تنظر المحاكم الأمريكية دعوى هي الأولى من نوعها لحسم صراع قانوني معقد حول مدى مسؤولية السائق الآلي في سيارة جنرال موتورز عن الحادث.
ويدّعي محامي نيلسون أن السيارة شيفي، التي كانت تعمل في وضع القيادة الذاتية مع سائق احتياطي وراء عجلة القيادة، "انحرفت فجأة إلى حارة نيلسون، وهو ما تسبب في الاصطدام بالدراجة النارية لنيلسون ودفعه إلى الأرض، مما تسبب في إصابات خطيرة لموكله، بينما رد المتحدث باسم جنرال موتورز لموقع جلوبنيك الأمريكي: أن تقرير تصادم إدارة شرطة سان فرانسيسكو قال إن سائق دراجة نارية اندمجت في ممر سيارة جنرال موتورز قبل أن يكون الاندماج آمنا تماما للقيام بذلك.
ومنذ أغسطس 2017، قامت شركة "كرويز" التابعة لشركة جنرال موتورز، باختبار خدمة ذاتية القيادة في سان فرانسيسكو، مع سائقين احتياطيين خلف عجلة القيادة، حسبما تقتضيه قوانين الولاية.
وتواجه جنرال موتورز، التي تضخ استثمارات ضخمة في سوق صناعة السيارات ذاتية القيادة، الواعدة، مأزقا كبيرا، حيث سيجبرها المحققون على ما يبدو، بالكشف عن بيانات استشعار سياراتها "تشيفي"، ومدى سلامة اختبارات السلامة لتكنولوجياتها، وإذا ما ثُبت خطأ السائق الآلي قد تجد جنرال موتورز، نفسها مضطرة لدفع تعويضات بملايين الدولارات، كما سيجبرها القانون الأمريكي لسحب سياراتها ذاتية القيادة من الأسواق لعلاج الخلل أو تحذير عملائها من أن تكنولوجيا القيادة الذاتية لديها ليست كاملة بعد.
ويتعين على المحاكم الأمريكية أن تحكم في البداية في القضية كدعوى قضائية مدنية - ولكن تأثير القرار سيشمل نواحي عديدة بعيدة المدى، لأنه يمس مسألة قانونية أساسية: هل القوانين القائمة كافية للتعامل مع تلك المسائل التي لم يسبق لها مثيل من قبل؟ حيث ينظر العديد من الخبراء على أن هذه الحالة يمكن أن تضع الإطار القانوني للسيارات ذاتية القيادة ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل في العالم كله، الذي يشهد نموا مطردا في سوق السيارات ذاتية القيادة.
وفي 24 يناير الماضي، وقع الحادث الثاني، الذي اتهمت فيه شركات التأمين، السائق الآلي لدى عميلها بالمسؤولية عن الحادث، حيث تصدر خبر اصطدام سيارة تسلا موديل S الجديد، بسيارة إطفاء كانت واقفة، من الخلف، عناوين الصحف في كاليفورنيا، ووفقا لـBBC، فإن النموذج S اصطدم بسيارة دفاع مدني تابعة لمدينة كولفر سيتي متوقفة، وكانت تسير بسرعة 65 ميلا في الساعة (105 كم/ ساعة)، وبالرغم من أنه لم يصب أحد أثناء الحادث، فإن صاحب السيارة ادعى أن السيارة كانت في وضع القيادة الذاتية عندما وقع الحادث، رافضا دفع التعويضات، وهو ما دفع المحققين إلى إدخال الشركة المصنعة كطرف في التحقيقات الأولية.
ودعت شركة أليانز للتأمين، في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى إنشاء هيئة مستقلة تمنح الحق في الوصول إلى بيانات العملاء وبيانات الاستشعار في السيارات ذاتية القيادة لتحديد المسؤولية في حالة وقوع حادث، حيث تعد الشركة الرائدة في صناعة التأمين، ويمكن أن يساعد هذا الاقتراح في توضيح مسألة المسؤولية في الحوادث والتوفيق بين مصالح المستهلكين وصناعة السيارات وشركات التأمين وإنفاذ القانون.
يذكر أن العديد من شركات صناعة السيارات في العالم تضج مليارات الدولارات في تطوير نماذج لسياراتها ذاتية القيادة، حيث من المتوقع أن تشهد سوق السيارات ذاتية القيادة نموا كبيرا في عام 2019، ووفقا لشركة "ناناليز" الأمريكية لأبحاث سوق صناعة السيارات، فإن شركة إيف لوظائف القيادة الآلية للسوق الصينية، التي تتخذ من شانغهاي مقراً لها، تصدرت قائمة الشركات التي تستثمر في صناعة السيارات ذاتية القيادة بقيمة 2.1 مليار دولار من التمويل منذ بداية 2017 فحسب، تليها شركة Argo.ai، الأمريكية بمليار دولار.