السنغال.. هل تطوق «الضاد» ما بقي لفرنسا في غرب أفريقيا؟
اعتمد الرئيس السنغالي الجديد باسيرو فاي خلال حملته الانتخابية خطابا يغازل أشواقا كامنة بسيادة صافية من شوائب سنوات التبعية.
ومن بين القضايا التي أثارها الرئيس السنغالي، المدفوع من مؤثرات في محيطه الإقليمي، طرح اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية بديلا عن الفرنسية.
وحصلت السنغال على استقلالها في عام 1960، لكنها لا تزال واحدة من القواعد الفرنسية الرئيسية في أفريقيا كدولة حليفة، لكن إرث الماضي الاستعماري لا يزال يحوم في أجواء العلاقات بين البلدين.
مشروع كبير
وقال الدكتور محمد المختار جي رئيس الرابطة العربية الأفريقية بالسنغال، لـ"العين الإخبارية"، إنه لا يمكن تجاهل الاهتمام الكبير لحكومة فاي بدفع حركة اللغة العربية إلى الأمام.
وأشار جي إلى تأسيس مديرية الشؤون العربية، وإدماج حملة الشهادات العربية في الرئاسة، كما لفت إلى أن أهمية هذه الخطوات في تطوير اللغة العربية التي طالما كانت مهمشة منذ وجود الاستعمار الفرنسي.
واعتبر أن حكومة فاي لديها مشروع طموح للتخلص من الهيمنة الفرنسية والتعامل مع فرنسا كندّ، دون شوائب التجربة الاستعمارية.
وتنعكس أشواق السنغاليين في العلاقات مختلفة مع فرنسا عبر سيل من الأنباء بشأن اعتماد اللغة العربية لغة رسمية للبلاد، خاصة عقب فوز فاي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وانتشر على نطاق واسع في وسائل إعلام محلية ودولية أن دكار تتجه لاعتماد العربية كلغة رسمية في البلاد، على الرغم من العلاقات المستقرة بين البلدين، خلاف علاقات باريس بدول أخرى بغرب أفريقيا، التي بادرت إلى تخفيض استعمال اللغة الفرنسية بعد التغييرات التي جاءت بها الانقلابات العسكرية في بوركينا فاسو والنيجر ومالي.
شائعات
من جهته، أوضح الكاتب الصحفي السنغالي تيرنو بشير أن اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية للدولة غير صحيح، مشيرا إلى أنها مجرد شائعات أطلقتها بعض المواقع الإلكترونية.
وقال بشير لـ"العين الإخبارية" إن ذلك الاحتمال غير وارد، فالسنغال منذ استقلالها في عام 1960 اعتمدت اللغة الفرنسية لغة رسمية لعوامل كثيرة، أهمها أنها لغة الأعمال والإدارة.
وتابع أن هناك جهودا للسلطات من أجل تعزيز مكانة اللغات المحلية، وإدراج بعضها في المناهج التعليمية، لعلها تكون انطلاقا في قادم الأيام.
وأشار إلى أن تصفية الإرث الاستعماري ليس محل نقاش في الوقت الراهن، والدعوات التي أطلقت خلال الحملات الانتخابية لا تنعكس في الممارسة العملية، مدللا على ذلك بالإشارة إلى زيارة باسيرو فاي إلى فرنسا مؤخرا.
وقال بشير لـ"العين الإخبارية" إن كل شيء يشير إلى أن السنغال تسير على النهج القديم في علاقتها بفرنسا.
جذور عميقة
بدوره استبعد الدكتور علي يعقوب، عميد كلية الدراسات العليا والبحث العلمي بالجامعة الإسلامية في النيجر، أن تقدم السنغال أو غيرها من دول غرب أفريقيا باعتماد اللغة العربية لغة رسمية.
وقال يعقوب لـ"العين الإخبارية" السنغال على وجه الخصوص تربطها جذور عميقة جدا بفرنسا تعود للقرن الثامن عشر، مؤكدا أن ذلك مجرد حديث وأمنيات، وأن هذا ليس بالأمر السهل.
النية متوفرة
في المقابل، أعرب الدكتور محمد شريف جاكو، الخبير التشادي في الشأن الأفريقي، عن اعتقاده أن هناك نية حقيقية للقيادة الجديدة للسنغال بتبني اللغة العربية كلغة رسمية في الدولة.
وقال جاكو لـ"العين الإخبارية" إنه في السنوات الأخيرة في أفريقيا هناك موجة من أجل التخلص من الهيمنة الفرنسية في كافة المجالات، مضيفا أن هذه الموجة وصلت ذروتها لدول الساحل الأفريقي التي تسعى إلى البحث عن شركاء سياسيين.
ولفت الخبير التشادي إلى أنه يمكن التخلص بسهولة من الدبابات والجنود، لكن الأمر بالنسبة للثقافة الفرنكوفونية ربما يتطلب جهدا أكبر.
وأوضح أن هناك خطوات حقيقية في المنطقة من أجل التخلص من الثقافة الفرنسية، أو الحد من تغلغلها، وضرب مثلا بما اتخذته روندا من خطوات على هذا الصعيد بالانتقال أو الخروج من عباءة فرنسا إلى اللغة الإنجليزية.
وقال إن خطوات مماثلة قطعت في الغابون التي خرجت من الفرنكوفونية، إلى جانب دول أخرى اعتمدت العربية بجانب الفرنسية، للتقليل من الهيمنة الفرنسية مثل تشاد منذ 1996، أصبحت اللغة العربية مساوية للفرنسية.
القيادة جادة
وأضاف الخبير التشادي أن أكثر من 70% من الشارع في بلاده يتحدث العربية حاليا، وكذلك دولة غامبيا التي جعلت اللغة العربية مساوية للفرنسية.
وأعرب عن اعتقاده بأن القيادة الجديدة في السنغال جادة من اعتماد اللغة العربية، أو على الأقل اعتمادها إلى جانب الفرنسية.