الغضب يتفاقم والمعارضة تحشد.. السنغال بمفترق الطرق؟
لم يخمد السخط في السنغال بعد أيام على إرجاء الانتخابات الرئاسية وسط دعوات للتعبئة تضع البلد الأفريقي على فوهة بركان.
ومنذ قرار الرئيس ماكي سال تأجيل انتخابات 25 فبراير/شباط الجاري، تشهد السنغال أزمة أسفرت عن مقتل 3 أشخاص خلال اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة.
وعزا الرئيس سال قراره إلى خلاف بين البرلمان والمجلس الدستوري بشأن أشخاص منعوا من الترشح، ومخاوف من عودة الاضطرابات التي شهدتها البلاد في عامي 2021 و2023.
وحظرت السلطات مسيرة كان من المقرر تنظيمها أمس الثلاثاء في العاصمة داكار، لكن جمعية آر سونو انتخابات (دعونا نحمي انتخاباتنا)، والتي دعت لهذا التجمع، وعدت بالتعبئة مرة أخرى.
والجمعية التي تضم أكثر من 50 جماعة مدنية ودينية ومهنية، وعدت بتنظيم مسيرة صامتة جديدة السبت المقبل مع خط سير جديد في داكار، وذلك للتعبير عن رفض تأجيل الاقتراع وأيضا للمطالبة بالعودة إلى الرزنامة الانتخابية الأولية، بحسب الباحث إليمان كين أحد الأعضاء المؤسسين لهذا المنبر.
وفي حديث لإعلام محلي، قال كين إن "الأمر متروك لرئيس الجمهورية ليدرك أن هذه خيانة كبرى يرتكبها، خيانة كبيرة للشعب السنغالي، وبالتالي حتى يتراجع ويسحب ببساطة كل نصوصه التي طرحها".
واعتبر أن التحركات تهدف أيضا لـ"السماح للتقويم الجمهوري باستئناف مساره الحر حتى يمكن إجراء الانتخابات، فنحن بحاجة إلى تعويض بضع عشرات من الأيام الضائعة في الحملة الانتخابية".
وتابع: "إذا لم نتمكن من القيام بكل شيء حتى 3 أبريل/نيسان المقبل، فسيتعين على ماكي سال المغادرة والسماح لرئيس الجمعية الوطنية بتولي الرئاسة حتى يتم انتخاب الرئيس الجديد”.
في المقابل، تسري أحاديث في السنغال عن إجراءات للتهدئة يمكن الإعلان عنها، ولا سيما إطلاق سراح السجناء السياسيين، والتي من المحتمل أن يعتمدها مجلس الوزراء مساء غد الأربعاء. لكن في الوقت الحالي، لم يتم الإعلان عن أي شيء بعد.
وتؤكد بعض شخصيات المجتمع المدني، على غرار أليون طينة، أنهم يقومون بدور الوسيط بين الرئيس ماكي سال والمعارضة، ويحاولون إيجاد قناة للنقاش.
وقالت أليون طينة: إنه “نعمل كل يوم على تهدئة الأوضاع في البلاد وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإيجاد التوافق”، مشيرة إلى أن "إمكانية إطلاق سراح المعارض عثمان سونكو، مطروحة أيضًا على الطاولة".
تزايد دعوات التهدئة
في الوقت نفسه، تتواصل الدعوات إلى الهدوء والحوار، حيث دعا رئيس طائفة "تيديانيس" الدينية، وهو شخصية مهمة في البلاد، إلى ضبط النفس، وشجع الأطراف السياسية على تفضيل الحوار للتعامل مع الوضع "المتوتر للغاية" السائد في السنغال.
كما دخل على الخط الرئيسان السنغاليان السابقان، عبده ضيوف وعبدالله واد، حيث طالبا السنغاليين أيضا باللجوء إلى الحوار.
لكن السلطات لم تسمح حتى الآن بأي تجمعات احتجاجا على هذا التأجيل، وأمس الثلاثاء، انقطع الإنترنت عبر الهاتف المحمول مرة أخرى، للمرة الثانية خلال 8 أيام في إشارة إلى أن الوضع لا يزال متوترا في السنغال.
المجلس الدستوري
في هذا السياق، يتعين على المجلس الدستوري، وهو آخر دفاع مؤسسي عن كل أولئك الذين يعارضون هذا التأجيل للانتخابات الرئاسية، أن يصدر قراراً ينتظره كل السنغاليين بفارغ الصبر.
وتوجه مرشحو المعارضة إلى هذا المجلس الأسبوع الماضي لتحديد ما إذا كان القانون الذي ينص على تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى 15 ديسمبر/كانون الأول المقبل يحترم الدستور أم لا.
ويستنكر هؤلاء ممن يرون أن قرار تأجيل الانتخابات والإبقاء على ماكي سال في السلطة بعد انتهاء ولايته التي كان من المقرر أن تنتهي في 2 أبريل/نيسان القادم، ينتهك الدستور لأن الأخير يقفل ويحظر أي مراجعة لعدد ومدة ولاية الرئيس.
وأمام المجلس الدستوري شهر واحد للبت في هذه المسألة.
ويسعى سال، الذي يتولى السلطة منذ عام 2012، إلى إيجاد مخرج، وتحدثت وسائل الإعلام عن إمكانية إجراء حوار جديد مع المعارضة، بما في ذلك عثمان سونكو الذي سُجن العام الماضي.
وتحدث البعض عن إمكانية العفو عن سونكو، ونائبه باسيرو ديوماي فاي، وعن الأشخاص الذين اعتقلوا خلال اضطرابات 2021 و2023. ولم تعلق الحكومة على هذه الأنباء.