ذكرى هجمات 11سبتمبر الـ21.. كيف تغيّر وجه أمريكا والعالم؟
قلوب مفزوعة وعيون زائغة ودول مصدومة من مشاهد ما كان لقريحة مؤلف سينمائي أن تتطرق لها، إلا أنها كانت واقعا عايشته أمريكا ودفعت والجميع ثمنه.
ذلك الثمن الذي دفعه العالم بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، لا زالت فواتيره لم تسدد، رغم مرور 21 عامًا على الأحداث "المأساوية"، وما أثمرت عنه من إعادة تغيير وجه أمريكا والعالم، وابتكار استراتيجيات لمعالجة آثارها وصفت بـ"غير الناجعة".
ففيما أحيا العالم قبل أيام الذكرى الحادية والعشرين لأحداث 11 سبتمبر/أيلول، كانت أوجه المقارنة حاضرة بين أمريكا ما قبل وما بعد 2001، وخاصة وأن الذكرى الحالية كانت بعد أشهر قليلة من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وترك الساحة لحركة طالبان وتنظيم القاعدة، واللذين كانا أحد المتهمين في الأحداث، مما طرح تساؤلات حول مدى الاتزان الأمريكي في فرض تواجدها في المنطقة.
كيف تغيرت أمريكا؟
تساؤلات أجاب عنها انتفاض قنبر، المحلل السياسي ونائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق، ومحمد خلفان الصوافي الكاتب والباحث السياسي في مساحة نقاش التي استضافتها "العين الإخبارية"، وتضمنت الحديث حول ذكرى هجمات سبتمبر.. وكيف تغير وجه أمريكا والعالم؟
وفي السياق قال السياسي العراقي انتفاض قنبر، وهو كان أحد شهود العيان على أحداث 11 سبتمبر، إن الاستراتيجية الأمريكية تغيرت، فالهجمات "الإرهابية" كان لها تأثير كبير على صراع الحضارات والإسلاموفوبيا.
وأشار السياسي العراقي، الذي عايش أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، حتى إن منزله اهتز من شدة الهجمات، أن أول تلك التغييرات كان حاضرا في ذلك الاجتماع الذي عقده مجلس الدفاع وهو مجلس غير حكومي من وزراء سابقين بعد 6 أيام من الأحداث، والذي ناقش فيه كيف يمكن الرد على هذا الإرهاب؛ ففيما كانت أفغانستان حاضرة كأحد محاور الرد، إلا أنه كان هناك شعور بأن الرد على أفغانستان لن يكفي؛ لأن الإسلام "المتطرف" يأتي من الشرق الأوسط، ولا يأتي من أفغانستان التي لا تعد المنبع الوحيد له.
وأوضح أنه منذ ذلك اليوم، تغيرت قابلية أمريكا في قبولها لأنظمة معادية لها؛ لذلك كان المرشح الأول بعد المحور الأفغاني، إسقاط نظام حسين الذي احتفى بضربات 11 سبتمبر.
ثاني تلك التغييرات ما أشار إليه قنبر، بصدور قانون الأمن الوطني من الكونجرس الأمريكي الذي غير تاريخ الولايات المتحدة؛ فأصبحت الدواعي الأمنية التي كانت مسؤوليتها محدودة على التجسس الأمريكي، تنفذ بشكل أكبر، وخاصة بعد الفشل في كشف الشبكة التي كانت هناك علامات على تواجدها في أمريكا لأكثر من عام.
انسحاب "مخجل"
وأشار إلى أنه بعد أحداث 11 سبتمبر، كانت هناك هواجس حتى الطاولة بضرورة استعمال النووي؛ وخاصة وأن أمريكا شعرت بإهانة تاريخية.
ومن بين التغيرات –كذلك- التطورات المتلاحقة التي أدت إلى "انسحاب مخجل" من أفغانستان، واستغلال روسيا الفراغ والهجوم على أوكرانيا، فيما باتت دول الخليج العربي والشرق الأوسط تبحث عن حلفاء آخرين لحماية أنفسها من المخاطر الموجودة في العالم.
التغيرات في أمريكا لم تكن في الخارج فقط، بل إن هناك فكرة خطيرة بات يروج لها الحزب الديمقراطي الآن، وخاصة مع قرب انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني النصفية، مفادها أن مؤيدي ترامب هم الإرهابيون في الداخل، بل إنه بدأ يقارنهم بـ"إرهابيي 11 سبتمبر"، وهي نظرة خطيرة وغير عادلة، ستشغل أمريكا عن الوقوف ضد الإرهاب العالمي وخاصة التطرف.
وحول ما إذا كان هناك خلل تسبب في هجمات 11 سبتمبر، قال المحلل العراقي، إنه كان هناك إخفاق كبير؛ وخاصة بعد التقرير الذي أصدرته الشرطة الاتحادية بولاية أريزونا الأمريكية والذي أشار إلى وجود مجموعة تتدرب، طارحًا شكوكًا حول إعدادها لعملية إرهابية، إلا أن التقرير الذي فقد، صاحبه الكثير من العلامات التي أهملتها كذلك الإدارة الأمريكية، بسبب ضخامة البيروقراطية الحكومية؛ وعدم التنسيق الفاعل بينها.
وأشار إلى أن من بين التغييرات -كذلك- الانسحاب "المخجل" من أفغانستان، واستغلال روسيا الفراغ والهجوم على أوكرانيا، دول الخليج العربي والشرق الأوسط تبحث عن حلفاء آخرين لحماية أنفسها من المخاطر الموجودة في العالم.
تغييرات جذرية
من جانبه، قال محمد خلفان الصوافي، الكاتب والباحث السياسي، إنه لا أحد يستطيع أن يشكك في أن أحداث 11 سبتمبر هي ذكرى سيئة وأليمة، ساهمت في تغيير الكثير من سياسات العالم، مشيرًا إلى أن الفاعل الكبير في هذه التغيرات كان نتيجة لسياسات بعض الدول الكبرى التي لم تكن متوافقة مع معالجة هذه الكارثة.
وحول التغيرات التي شهدها العالم بعد تلك الهجمات، قال إنها تمثلت في مقتل واختفاء بعض القيادات التنظيمية الإرهابية الكبيرة مثل أسامة بن لادن، بالإضافة إلى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بعد 20 عامًا، وهي تلك المنطقة التي كانت جزءًا من الأحداث.
وأكد أن من بين التغييرات –كذلك- الاستراتيجية الأمريكية فيما يخص الحلفاء في المنطقة، والتي تغيرت كثيرًا، وخاصة وأن واشنطن استخدمت سلطاتها لتغيير نظم عربية منها العراق.
وأشار إلى أن عقيدة الرئيس الأمريكي جورج بوش كانت تتمثل في: "إذا كنت تأوي إرهابيا فسنعاملك على أنك إرهابي"، وهي قاعدة استخدمت بشكل خاطئ، وربما كانت العامل الرئيس في الكارثة الكبرى ما بعد 11 سبتمبر.
سياسة "كارثية"
وشدد الصواف على أنه لا خلاف على خطورة نظام صدام حسين، لكن ما أفرزته عملية تدمير دولة كاملة وظهور تنظيمات إرهابية أصبحت مكان العراق، بالإضافة إلى استخدام هذه القاعدة مع الربيع العربي أساء للصورة النمطية للشرق الأوسط في الغرب، فصارت من وجهة نظر القاعدة الأمريكية، أن هذه المنطقة لا تصدر سوى الإرهاب فقط.
وحول نجاعة التدخل الأمريكي بعد الحادث وما إذا كان ساهم في الحد من قدرة القاعدة، قال محمد خلفان الصوافي الكاتب والباحث السياسي، إن التدخل الأمريكي قللت بشكل كبير من قدرة القاعدة في الفترة الأولى والتي كان التضامن الدولي مع أمريكا في أشده، لكن عملية المعالجة بعد 2003 كانت بداية "الكارثة" التي يعيشها العالم الآن.
أعراض 11 سبتمبر
وأكد أنه بينما يعد انسحاب أمريكا من الشرق الأوسط أحد أعراض 11 سبتمبر، لكنها استراتيجية أمريكية للاستعداد للتحدي الأكبر القادم من آسيا، مشيرًا إلى أن انسحاب واشنطن من الشرق الأوسط الذي قد يكون نتيجة لنوع ما من الاطمئنان، إلا أنها لم توفق، وعلى أمريكا العودة مجددًا إلى المنطقة، كونه الخيار الأفضل
وأوضح المحلل السياسي، أن تداعيات الخروج من أفغانستان تتمثل في مؤشرات عودة التنظيمات الإرهابية، ونشاط تنظيم داعش، بالإضافة إلى انهيار ما بني خلال 20 عاما، ما يوفر بيئة لعودة تنظيم القاعدة، وخاصة وأن تفاعل طالبان مع الضربة الأمريكية لقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري على أراضيها أرسل إشارات متخبطة.
aXA6IDE4LjIyNi4yNDguODgg
جزيرة ام اند امز