القاعدة.. خطر الهامش يحتل متن المواجهة في ذكرى 11 سبتمبر
حمل الإعلان عن مقتل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة قبل أسابيع من حلول ذكرى مرور 20 عاما على أحداث 11 سبتمبر/أيلول رمزية خاصة، لكن خبراء حذروا من إضفاء دلالات خطرة على العملية.
وفي ضوء غياب الظواهري كثرت التساؤلات عن مستقبل التنظيم الإرهابي، وما إذا كان بقدور التنظيم تنظيم صفوفه خاصة مع سقوط "دولة" داعش المزعومة وفقدان المنافس الأبرز إغراء بسط نفوذه على مساحات واسعة في الشرق الأوسط.
رأى الباحث جيمس بيج، زميل كلية الحكم والشؤون الدولية التابعة لجامعة دورهام البريطانية، أن إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد مقتل أيمن الظواهري أن "العدالة قد تحققت" وأن هذا الزعيم الإرهابي لم يعد موجودا، يؤدي إلى التركيز على العلاقة بين التخلص من الزعامات، والمفاهيم الأوسع نطاقا للعدالة.
وقلل بيج في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية من أثر مقتل الظواهري رغم رمزيته الكبيرة، معتبرا أنه ليس شيئا عظيما كما يُزعم في الغالب، فالظواهري فشل في منع حدوث الانشقاقات في تنظيم القاعدة، مما أسفر عن تشكيل داعش؛ ولم يكن قائدا قويا أو مؤثرا بصورة خاصة، على حد وصفه.
واستند بيج في تحليله إلى أن "القاعدة" طوّر بصورة متزايدة لا مركزية قائمة على دور القيادات الإقليمية للتنظيم الإرهابي، منذ مقتل أسامة بن لادن في باكستان عام 2011، وهذه القيادات هي التي تتولى تنفيذ الكثير من أنشطتها.
وذهب إلى أنه في ضوء هذه الحقيقة من المحتمل أن يتصدر الواجهة أي قائد لأحد فروع التنظيم مما يحمله ذلك من تداعيات أكثر إثارة للقلق، موضحا أن هناك رغبة في الانتقام لدى هؤلاء القيادات لإثبات قدرة تنظيمهم الإرهابي على الاستمرار.
ويوضح بيج، الذي عمل مسؤولا للأمم المتحدة للشؤون السياسية في أفغانستان في الفترة من2009 إلى 2015، أنه وبعد اغتيال الظواهري في أفغانستان زادت التهديدات ولم تنخفض، ولن تتوقف جهود تنظيم القاعدة وحلفائه ضد الولايات المتحدة.
واعتبر الباحث البريطاني أن وهذه التطورات من شأنها أن تزيد الضغط على الولايات المتحدة وحلفائها فيما يتعلق بما ينبغي عمله بالنسبة لنظام طالبان ومؤيديه في أفغانستان وخارجها، وبالنسبة لأفغانستان نفسها.
وقال بيج، الذي يستكمل حاليا رسالته العلمية عن الطائرات المسيرة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة سانت أندروز البريطانية إنه ليس من المحتمل إلى حد كبير أن توقف الهجمات بالطائرات المسيرة وحدها نمو الجماعات الإرهابية.
ومن ثم، فإن مقتل الظواهري لا يمثل تقدما في تجريد هذه الجماعات من أسلحتها بقدر ما هو تحفيز لعلاقات أكثر تعقيدا وقائمة على أساس رد الفعل، بين التنظيم والقوى الإقليمية التي قد تدعمه في ظل تهديد إرهابي يزداد قوة.
وينبه الباحث البريطاني إلى ضرورة إعادة النظر في السياسة والاستراتيجية تجاه أفغانستان، بما في ذلك كيفية استخدام الطائرات المسيرة وكيفية استخدام أسلوب" فوق الأفق" لمواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية.
والحديث عن "تغييرات جذرية" في بنية تنظيم القاعدة الإرهابي بعد مقتل زعيمه أيمن الظواهري، يدق ناقوس الخطر من احتمالية تمدد التنظيم في شمال أفريقيا وبلدان أخرى، بحسب دراسة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف.
وتوقعت الدراسة حدوث ارتباك للتنظيم خلال المرحلة المقبلة، بالنظر إلى افتقار المرشحين لقيادة التنظيم إلى خبرة الظواهري، موضحة أنه يصعب تعيين زعيم جديد للتنظيم يحظى بقبول الأفرع، كما أشارت إلى أن المنافسة على زعامة القاعدة تنحصر بين المصري سيف العدل، عضو مجلس شورى التنظيم، واللجنة العسكرية، ومسؤول تدريب العناصر الإرهابية في الشرق الأوسط وأفريقيا، والمغربي عبد الرحمن المغربي صهر الظواهري ورئيس مؤسسة التنظيم الإعلامية.
يشار إلى أن محمد صلاح زيدان المكنى بـ"سيف العدل المصري" الذي انتقل إلى أفغانستان عام 1989 وانضم إلى "القاعدة"، لعب دوراً محورياً في تطوير القدرات العسكرية للتنظيم، في ضوء خبراته السابقة، فضلاً عن مشاركته في تأسيس الكثير من الأفرع الإقليمية للتنظيم؛ خصوصاً في منطقة القرن الأفريقي، وهو ما يجعل اعتلائه لقيادة التنظيم أمر شديد الخطورة.
دراسة المرصد توقعت "حدوث تغييرات جذرية بعد الظواهري في سياسة التنظيم الخارجية وعلاقته بالتنظيمات الأخرى كـ"داعش"، إلا أنها ربطت ذلك بمدى استعداد القيادة الجديدة لتحقيق نوع من التوازن أو فرض القوة على الصعيد العالمي. وقالت إنه من المتوقع أن يتمدد القاعدة في أماكن أخرى كشمال أفريقيا، وهو ما قد يعكس استعداد التنظيم مواصلة القتال رغم مقتل قياداته التاريخية".
وما يرجح المخاوف التي أوردتها دراسة الأزهر، أن تنظيم القاعدة تبنى استراتيجية لا مركزية للحفاظ على بقاء التنظيم وانتشاره لا سيما في أفريقيا، حيث تتعدد أفرع "القاعدة" في القارة السمراء، مثل "جماعة أنصار الإسلام والمسلمين"، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة "الأنصار"، وحركة الشباب الصومالية، وهي كلها تنظيمات شديدة الخطورة.
وكان مرصد الأزهر قد أشار إلى أن العمليات الإرهابية في القارة الأفريقية خلال يوليو/تموز الماضي بلغت 39 عملية، شنتها التنظيمات المتطرفة، ما بين تفجيرات واستهدافات، أسفرت عن مقتل 203، وإصابة 103 آخرين.
يذكر أن عدد العمليات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي 18 عملية خلفت 93 قتيلاً و61 مصاباً. وفي منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي بلغ عدد العمليات الإرهابية 10 عمليات، أسفرت عن مقتل 69 وإصابة 39. أما منطقة غرب أفريقيا فقد تعرضت لـ6 عمليات إرهابية أسفرت عن مقتل 21 وإصابة 3، وفيما يخص دول وسط أفريقيا، فشهدت 5 عمليات إرهابية أسفرت عن مقتل 20 شخصاً.
aXA6IDE4LjExNy4xOTIuNjQg جزيرة ام اند امز