استهداف المستوطنين لمساعدات غزة.. رسائل «واتساب» تكشف المستور
كيف يعلم المستوطنون بمسار شاحنات المساعدات المتوجهة لقطاع غزة؟ ومن يزودهم بمعلومات حول خط سير الرحلة التي تنتهي بمصير صادم؟
وخلال الأيام الماضية، أوقف نشطاء من اليمين الإسرائيلي المتطرف ما لا يقل عن سبع شاحنات مساعدات آتية من الأردن ونهبوها.
وألقى المهاجمون شحنة المواد الغذائية التي كانت تضم أكياس حبوب وأرزا ودقيقا وحزم بسكويت، ومواد غذائية أخرى، على الأرض وداسوا عليها. وأظهرت صور ولقطات المواد متناثرة على الأرض، وأخرى شاحنات تشتعل فيها النيران.
وأثارت تلك المشاهد غضبا شديدا، حيث أدان البيت الأبيض الهجوم ووصفه بأنه "سلوك غير مقبول تماما وعلى الإطلاق".
من يزود المستوطنين بالمعلومات؟
صحيفة "الغارديان" البريطانية نقلت عن متحدث باسم المجموعة الناشطة الإسرائيلية الرئيسية التي تقف وراء هذه العمليات، أن المستوطنين الذين يعترضون الإمدادات الإنسانية الحيوية إلى قطاع غزة "يتلقون معلومات حول موقع شاحنات المساعدات من أفراد الشرطة والجيش الإسرائيليين".
ولدعم هذه المعلومات، أكدت الصحيفة أنها اطلعت على رسائل من بعض مجموعات التواصل عبر الإنترنت، بالإضافة إلى روايات عدد من الشهود ونشطاء حقوق الإنسان.
ويقول أولئك الذين يعترضون المركبات إن المساعدات التي تحملها يتم تحويلها من قبل حماس بدلا من تسليمها إلى المدنيين المحتاجين، وهو ادعاء ترفضه وكالات الإغاثة.
ويرى مسؤولون أمريكيون أن إسرائيل لم تقدم أي دليل يدعم المزاعم القائلة بأن حماس تقوم بتحويل المساعدات.
وقالت راشيل تويتو، المتحدثة باسم المجموعة الإسرائيلية "تساف 9"، إن المجموعة كانت تعترض طريق الشاحنات أثناء مرورها عبر إسرائيل منذ يناير/كانون الثاني، على أساس أن المساعدات التي كانت تحملها "تختطفها" حماس بمجرد وصولها إلى غزة.
مضيفة "عندما يكون من المفترض أن يقوم شرطي أو جندي بمهمة حماية الإسرائيليين، وبدلا من ذلك يتم إرساله لحماية قوافل المساعدات الإنسانية - مع العلم أنها ستنتهي في أيدي حماس - فلا يمكننا أن نلومهم أو نلوم المدنيين الذين يلاحظون الشاحنات التي تمر عبر بلداتهم لتقديم المساعدات".
واستطردت "نعم، بعض معلوماتنا تأتي من أفراد في القوات الإسرائيلية".
وعن الشاحنات التي ظهرت تشتعل فيها النيران، في مقاطع الفيديو والصور التي تم تداولها، زعمت تويتو أن مجموعتها ليست لها أي صلة بذلك، مشيرة إلى أن مجموعات أخرى كانت مسؤولة عن هجوم الحرق المتعمد.
ويقول المستوطنون إنهم يمنعون شاحنات المساعدات من أجل منع وصول الإمدادات إلى حماس، ويتهمون الحكومة الإسرائيلية بتقديم "هدايا" للحركة.
مشاهد "همجية"
ووصف سائقو الشاحنات الفلسطينيون الذين يقومون بتسليم المساعدات إلى غزة لصحيفة الغارديان مشاهد "همجية" بعد أن تعرضت مركباتهم للهجوم، مشيرين إلى أن الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يرافقون القافلة "لم يفعلوا شيئا للتدخل".
وقال يزيد الزعبي (26 عاما)، وهو سائق شاحنة فلسطيني تعرض لهجوم من قبل المتظاهرين الأسبوع الماضي عند حاجز ترقوميا: “هناك تعاون كامل بين المستوطنين والجيش. نحن مصدومون ومتفاجئون بأن الجيش لم يقدم لنا أي نوع من الحماية. رغم أنهم كانوا حاضرين ويشاهدون ما يحدث. وكانوا في خدمة المستوطنين”.
والأسبوع الماضي، رفض جنديان إسرائيليان أمرا بإجلاء المتظاهرين الذين اعترضوا شاحنات المساعدات في منطقة مخاش، وحُكم على أحدهما بالسجن لمدة 20 يوما. حسب هيئة الإذاعة الإسرائيلية.
رسائل واتساب
وبحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في "الغارديان"، كثيرا ما يقوم نفس المستوطنين ونشطاء اليمين المتطرف بإخطار أعضائهم مسبقا بالمواعيد والأماكن التي تتجه فيها شاحنات المساعدات نحو غزة، مشيرين إلى أنهم يتلقون هذه المعلومات من الشرطة والجيش الإسرائيليين.
وفي إحدى الرسائل التي اطلعت عليها صحيفة الغارديان، نبّه نشطاء اليمين المتطرف الأعضاء إلى أنهم "سيتلقون معلومات أولية حول التخطيط لنقل الشاحنات، من جنود وشرطة المعابر الحدودية".
وفي رسالة أخرى في مجموعة واتساب للمستوطنين، كتب أحد الأعضاء يوم الأحد: “تلقيت معلومات من ضابط في جيش الدفاع الإسرائيلي أنهم يحضرون الشاحنات من أمام عوفرا (مستوطنة) إلى بيتين (قرية فلسطينية)”.
تقول الرسالة الأولى: “عند تلقي مكالمة طوارئ بشأن قافلة من الشاحنات، تفتح المجموعة للمناقشة، وعندما يحدث ذلك يرجى فقط إرسال الرسائل المتعلقة بالهجوم، مثل المواقع والصور والمعلومات والتوصيل”.
ووفق تويتو فإن معظم المعلومات التي تلقوها جاءت من مدنيين. “في كثير من الأحيان يكون الإسرائيليون أنفسهم هم الذين يبلغون عن مرور قوافل المساعدات".
على جانب آخر من المشهد، روت سابير سلوزكر عمران، محامية حقوق الإنسان الإسرائيلية التي زارت الأسبوع الماضي حاجز ترقوميا لتوثيق تصرفات المستوطنين ولمنع نهب المساعدات، أنها تعرضت للضرب والصفع على يد أحد المستوطنين وأن قوات الأمن الإسرائيلية لم تفعل شيئا لوقف النهب.
وقالت “كان لدى المستوطنين بنادق وسكاكين”. "طلبت من جنود الجيش الإسرائيلي إيقافهم لأن ما يفعلونه غير قانوني، لكنهم طلبوا مني المغادرة".
وتابعت "في مرحلة ما، بينما كنت أحاول منع تعرض شاحنة مساعدات للتخريب، صفعني أحد المستوطنين بشدة وذهب بعيدا. قمت بتصويره والتقاط صور له. ذهبت إلى الشرطة وسألتهم أنني بحاجة إلى مساعدتهم لأنني أردت توجيه اتهامات ضد الرجل. مرة أخرى طلبوا مني المغادرة. وأطلقت القوات الإسرائيلية سراح الرجل الذي هاجمني ليقوم بتخريب الشاحنات”.