شبيلي السفلى.. "جنة الصومال" بين أنياب الإرهاب
من بين 18 محافظة تشكل "جسد الصومال"، تحتفظ محافظة شبيلي السفلى بموقع متميز في التقسيم الفيدرالي، منذ انهيار الحكومة المركزية عام 1991.
وشبيلي السفلى محافظة تقع جنوبي الصومال، حاضرتها مدينة مركا الساحلية، وتتكون من 9 مديريات من بينها مديريات تاريخية قديمة تتمركز قبالة المياه الإقليمية في سواحل المحيط الهندي، منها مركا وبراوي، ومديريات زراعية أخرى.
وتشتهر المحافظة بالتنوع السكاني العشائري، حيث تقطن أكثر من 15 عشيرة صومالية تتحدث بلهجات محلية مختلفة ويعد رائد الأقاليم في مجال الزارعة والإنتاج الزراعي.
ويحد "شبيلي السفلى" أقاليم زراعية وإدارية من بينها جوبا الوسطى، شبيلي الوسطى، باي، بنادر الذي يضم العاصمة مقديشو والمحيط الهندي. وتشير التقديرات غير رسمية إلى تجاوز تعداد سكان المحافظة عتبة مليوني نسمة في عام 2017.
وظل المحافظة قائمة بذاته نهاية القرن التاسع عشر قبل دخول الاستعمار إلى الصومال في عام 1884، ويعبر فيه أحد نهري البلاد وهو نهر شبيلي.
وتستمد محافظة شبيلي السفلى عمقها الاستراتيجي من ناحية تاريخها القديم في كسر شوكة الاستعمار، والسلطنات القبلية العريقة البائدة التي كانت تضمها بحكم التنوع السكاني لها والاكتفاء الاقتصادي التي تتمتع بها بسبب خصوبة الأرض والمواشي والثروات البحرية، وتميز سكانها بالخرف اليدوية والصناعات التقليدية المحلية بالإضافة إلى صعوبة جغرافيتها.
ولما كانت المحافظة تتمتع بتلك المميزات، أضحت بؤرة للصراعات سواء في معارك التحرر من الاستعمار، أو الحرب الأهلية أو الحرب الدائرة بين القوات الحكومية ومسلحي حركة الشباب الإرهابية.
ورغم سيطرة الجيش الصومالي على 5 مديريات من أصل 9 تشكل المحافظة فإن هذا ليس ذلك كافيا لتطهير المنطقة من الإرهاب بسبب الوضع الجغرافي الصعب لها، ولجوء الإرهابيين إلى قطع الجسور التي تعتمد ٥٠٪ من حركة النقل في المحافظة.
وفوق ذلك تجدر الإشارة إلى أن القوات الأمريكية المتواجدة في الصومال تمتلك أكبر قاعدة عسكرية لها في محافظة شبيلي السفلى.
وتتولى القوات الأمريكية تدريب القوات الصومالية الخاصة التي بلغ عددهم مؤخرا نحو 2000 عنصر موزعين في ثماني وحدات، وتعرف باسم قوات دنب الصومالية الخاصة، أقوى وحدة كوماندوز في الجيش الصومالي أعيد تأسيسها في عام 2014 بدعم أمريكي مستمر حتى الآن.
ويشكل قطاع الزراعة الناتج المحلي للبلاد 60%، ويمد الإنتاج الزراعي بهذه الحصة أكثر من النصف وفق خبراء الاقتصاد، ما يجعلها "سلة غذاء" الصومال.
محافظة شبيلي السفلى الصومالية، تتحدث عن نفسها ولنفسها، بحكم الموارد والموقع والتاريخ والديمغرافيا، وفي تعبير بسيط جنة الصومال المفقودة في حضن الإرهاب.
واليوم باتت هذه البقعة الخضراء تنشد الأمن والاستقرار وبخلاصها من أوكار الإرهاب سيتحول الصومال بلا مقدمات منافسا إقليميًا في القرن الأفريقي بمجال السياحة فقط بمزيد البنية التحتية وضخ الاستثمارات.