في الدوحة ليس هناك حكومة ظل واحدة، بل هناك أكثر من 6 حكومات مختلفة، كل واحدة منها سلطة كاملة
مع أن الجميع دون إستثناء، حتى شعب قطر نفسه، يعلمون أن قارب نظام الحكم في الدوحة قد غرق وبلغ القاع، ومع ذلك يتساءل البعض: لماذا لا يغادر هذا النظام الدوحة، أو يسقط تلقائيا، أو يزيحه الشعب أو المعارضة قسرا؟
الجواب بالطبع معروف للجميع، ولكن لمن لا يعرف فإن العقود الموثقة بين قطر وتركيا من جهة ومع إيران من جهة أخرى تعتبر البساط الأول الذي يفترش عليه نظام الدوحة حاليا سلطته، أي سلطة احتلال تمنح السلطة المحلية شرعية البقاء، بالتأكيد هي سلطة هشة جدا، لكنها في النهاية كظل شجرة بلا أوراق في ظهر يوم حار، لا يمنح الدوحة أية مشاعر سوى المشاعر الكاذبة بوجود ظل فوقها.
الارتباك في حكومات الظل الحاكمة في قطر يترك المدلل تميم تائها، لكن المسكين أُسقط في يده، فورث ولم يرث منظومة أقل ما يُلاحظ فيها الصراع والفوضى، ولذلك، فكل ما يريده هو البقاء حيا على سدة الحكم، معتبرا أن مونديال 2022 الذي تم سرقته هو الإنجاز الأعظم
السبب الآخر، الذي جعل نظام الدوحة متشبثا بالحكم من قاع المحيط كأخطبوط يحتضر، يبدو سببا غير منطقي لبقاء سلطة ما في موقعها، لكنه في هذه الحالة، وفي الدوحة فقط، التي تنقلب فيها كل الموازين، فيبدو غير المنطقي منطقيا، فحكومات الظل في الدوحة الكثيرة، التي تشبه أذرع أخطبوط، هي السبب الرئيسي الثاني، الذي يبقي نظام الدوحة حتى الآن؛ حيث تتقاطع الصلاحيات التي يجب أن تكون بيد رئيس الدولة مع أشخاص آخرين متمسكين بها، وكل منهم يدعي أنه يسعى لحمايتها.
ففي الدوحة، ليس هناك حكومة ظل واحدة، بل هناك أكثر من 6 حكومات مختلفة، كل واحدة منها سلطة كاملة، الأولى حكومة حمد بن جاسم، وهي الحكومة الأقوى، وتستمد قوتها من الحرس القديم القطري، أعوان حمد بن خليفة وتتمتع بعلاقات مباشرة مع إيران، وتسيطر على صفقات السلاح وعمولاتها وعلى بعض العلاقات الدولية في أوروبا أو آسيا أو الأمريكتين.
أما حكومة الظل الثانية فيتولاها عزمي بشارة، وتتولى العلاقات مع إسرائيل وملفات الإعلام كاملة، الداخلية كتلفزيون قطر والجزيرة والخارجي مثل التلفزيون العربي وموقع عربي 21 وهافنغتون بوست العربية وموقع ميدل ايست اي وغيرها، ولديها سلطة خاصة على شيخ قطر الحالي.
أما حكومة الظل الثالثة فهي حكومة الشيخة موزة المسند، وهي حكومة قوية أيضا، لكنها تتولى مسائل داخلية كثيرة بالتعاون مع الاستخبارات القطرية، تتعلق بالمعارضة وشؤون الحكم والعائلة وتوزيع الحصص والامتيازات، وبينها وبين حكومة السمسار بن جاسم خلاف قائم ولكن لديها علاقة وطيدة مع حكومة عزمي بشارة، المنافق، قلب الأخطبوط.
حكومة الظل الرابعة المستقلة أسسها حمد بن جاسم خلال توليه منصب رئيس الوزراء، وهي عبارة عن مجموعة من رجال العلاقات العامة والاستخبارات الأمريكيين والبريطانيين، لكنها تتبع حاليا الشيخة هند بنت حمد في الديوان الأميري، وتتولى العلاقات الدولية مع دول العالم خاصة أمريكا وبريطانيا وروسيا وألمانيا وفرنسا، مهمتها الأولى هي المحافظة على الاتصال الدائم مع الدول الكبرى ومحاولة تأمين لقاءات وزيارات واتفاقيات لأمير قطر الحالي، شقيق هند، وهذه أيضا تتعرض لمضايقات كثيرة ودائمة من حكومة بن جاسم.
الحكومة الخامسة هي حكومة حمد بن خليفة، وهي حكومة تسيطر على الجيش الصغير الهش والأمن المغيب، ولذلك ترك لنفسه قرارات التعيين في وزارة الدفاع والداخلية والخارجية ورئاسة مجلس الوزراء، والحصول على موافقته الشخصية قبل أي تعيين سفير أو مسؤول كبير في أي هذه الوزارات، ويدير هذه الحكومة مدير مكتب حمد بن خليفة شخصيا.
حكومة الظل السادسة، المرتبطة بحكومة حمد بن خليفة هي حكومة خالد العطية وزير الدفاع القطري، وهي حكومة مستقلة تستند إلى علاقات وطيدة مع تركيا وأردوغان والجماعات الإرهابية في كل مكان، ومهمتها تقديم الدعم والحماية للتنظيمات الإرهابية؛ مثل "القاعدة" و"داعش" و"الإخوان" و"الحوثي"، أي أنها حكومة تسعى إلى تقويض الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، ويتنازع مع العطية عليها جوعان بن حمد شقيق تميم، في محاولة لتحقيق ما وعدت به أمه سابقا، بتسليمه هذا الملف.
هذه الفوضى العارمة، ومع أنها حافظت على عرش الدوحة في المحيط حيا إلا أنها تركت تميم مكبلا بحكومات ظل كثيرة، غير التي يسهل ملاحظتها، فمن يصدق مثلا أن تميم لا يمكنه الحصول على مبلغ بقيمة مليار ريال قطري، فهذا الامتياز هو حق مشروط لوالده الذي أوجد كل هذه المنظومات الفوضوية، بجهله وطريقة إدارته السابقة لناحية شرق سلوى.
الارتباك في حكومات الظل الحاكمة في قطر، يترك المدلل تميم تائها، لكن المسكين أُسقط في يده، فورث ولم يرث منظومة أقل ما يُلاحظ فيها الصراع والفوضى، ولذلك، فكل ما يريده هو البقاء حيا على سدة الحكم، معتبرا أن مونديال 2022 الذي تم سرقته هو الإنجاز الأعظم، كيف ذلك، كيف يعتز رئيس دولة بأن أقصى إنجازاته الحصول على تنظيم مونديال؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة