الرهان الأمريكي هو استمرار الضغط اللانهائي على إيران من الخارج، بهدف إحداث انهيارات في الداخل الإيراني
دعوة وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو إلى استعداده لزيارة إيران ومخاطبة الرأي العام الإيراني بشكل مباشر، كما يتاح ذلك لنظيره الإيراني جواد ظريف حينما يزور نيويورك، يجب التوقف أمامها بتأمل وتعمق شديدين.
دعوة بومبيو يجب النظر إليها كجزء من حرب «التسويق السياسي»، في ظل احتدام حالة الصراع بين واشنطن وطهران.
هنا يصبح أمام إيران الآن أن ترفض زيارة «بومبيو» وتقطع جسر التفاوض المباشر الذي يمكن أن يتم على ساحة الملعب الإيراني، أو أن تقبل بالمبادرة الأمريكية، وتوجه الدعوة إلى بومبيو، فتدخل في مخاطرة ماذا ستفعل بالرجل إذا طلب إلقاء كلمة في جامعة طهران أو زيارة مركز أبحاث؟في مثل هذه الصراعات، يحاول كل طرف توظيف واستغلال كل الأدوات والرسائل واتباع كافة الإمكانيات لتقوية «حجته السياسية» ولإضعاف المركز السياسي، وبالتالي إضعاف المركز التفاوضي لخصمه أو عدوه.
في الحالة الأمريكية-الإيرانية نحن أمام احتمالين:
الأول: أن هدف الصراع هو الوصول إلى أفضل وضع تفاوضي يستطيع فيه كل طرف أن تكون له فيه اليد العليا، ويكون الطرف الآخر في أضعف حالاته، فيكون الناتج النهائي للتسوية، ليس لمصالحه.
الاحتمال الثاني: أن يكون الهدف هو الوصول إلى حالة صدام عسكري واسع أو محدود، بهدف دخول المفاوضات بعدما يكون قد تم تجريد الخصم أو العدو من أهم قواه العسكرية.
وتعمل مراكز الأبحاث المتعاونة مع وزيرة الخارجية الأمريكية على تقديم المشورة واقتراح البدائل، التي يمكن أن تحرج وتضعف الطرف الإيراني أمام المجتمع الدولي وفي الداخل الإيراني.
الرهان الأمريكي هو استمرار الضغط اللانهائي على إيران من الخارج بهدف إحداث انهيارات في الداخل الإيراني.
الرهان الأمريكي على انهيار الاقتصاد وإضعاف «التومان» (العملة الوطنية)، وتأجيل مشروعات الرعاية الاجتماعية، وإيقاف خط تمويل حلفاء إيران في المنطقة، وتحويل حياة المجتمع الإيراني إلى «جحيم يستحيل تحمله».
يعرف «بومبيو» أن أكثر من ثلثي التركيبة السكانية الإيرانية تحت سن الثلاثين.
ويعرف «بومبيو» أيضاً أن هناك خلافاً في الثقافة الوطنية بين فكر الحوزة الدينية والحرس الثوري وأحزاب التشدد المحافظة من ناحية، وشرائح الشباب والمثقفين المعتدلين والطبقات العمرية والاجتماعية التواقة إلى ثقافة الغرب وممارسة سلوكيات المجتمع الاستهلاكي السائدة في العالم من ناحية أخرى.
ولن يكون الشباب الإيراني أكثر حصانة ومناعة عن التأثر بثقافة الغرب، من شباب الاتحاد السوفيتي القديم، أو شباب أوروبا الشرقية بعد سقوط جدار برلين، أو شباب الصين عقب الانفتاح.
هذا الرهان على أن يؤدي ضغط العقوبات إلى انهيار تماسك الداخل الإيراني هو الرهان الأول لدى الخارجية الأمريكية.
هنا يصبح أمام إيران الآن أن ترفض زيارة «بومبيو» وتقطع جسر التفاوض المباشر الذي يمكن أن يتم على ساحة الملعب الإيراني، أو أن تقبل بالمبادرة الأمريكية، وتوجه الدعوة إلى بومبيو، فتدخل في مخاطرة ماذا ستفعل بالرجل إذا ما طلب إلقاء كلمة في جامعة طهران، أو زيارة مركز أبحاث، أو عمل حوارا تلفزيونيا مباشرا يتوجه به للرأي العام؟
احتمالات إيران في هذه الجولة من الصراع إما أن تخسر أو أن تخسر!
نقلاً عن "الوطن المصرية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة