عكس رد فعل الشعب التونسي إثر وفاة الرئيس محمد الباجي قائد السبسي، الحنين إلى الرئيس التونسي الأسبق الزعيم الحبيب بورقيبة
تونس وشعبها سلسلة متينة صنع حلقاتها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة منذ توليه رئاسة الجمهورية التونسية بعد رحيل الاستعمار الفرنسي عنها سنة ١٩٥٦، وواصل مسيرته وعززها الرئيس الأسبق الذي أطيح به سنة ٢٠١١ زين العابدين بن علي، واستعادها وأعاد ربط حلقاتها الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي.
الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية الذي وافاه الأجل يوم وليس الأمر صدفة يوم عيد الجمهورية في بلاده، والذي خرج جثمانه أمس من قصر قرطاج الذي حكم منه بورقيبة، وأسس فيه ركائز الجمهورية، ونقل إلى المسجد الكبير الذي بناه زين العابدين بن علي قبل أن ينقل إلى مثواه الأخير في مقبرة الجلاز وسط العاصمة التونسية.
الإرهاب لن ينجح في تونس، ووجود الأيديولوجيات الإخوانية لا أمل لها وسط شعب تربى على المحبة والحرية وقبول الآخر، والمجتمع المدني بفكره الذي وضع أسسه بورقيبة، وواصل بن علي على منهجه واستعاده السبسي لن يضيع في غياهب جهل العباءات والعمائم، وأحلام الأتراك العجم والأموال القطرية
عكس ردّ فعل الشّعب التونسي إثر وفاة الرئيس محمد الباجي قائد السبسي الحنين إلى الرئيس التونسي الأسبق الزعيم الحبيب بورقيبة، "الزّعيم" كما يحب أن يسميه شعبه الذي عاش فترة حكمه، والذي لا يزال يحبه جدا إلى اليوم.
السّبسي وهو الرئيس التونسي الأول الذي وصل إلى الحكم بعد "ثورة" ٢٠١١ عبر انتخابات شعبيّة مباشرة، كان همّه استعادة هيبة الدولة بعد أن فقدتها بتوالي حكومات اعتلت المناصب وأفقدت الدولة مؤسسات وشعبا وحكومة هيبتها.
وتمكن الباجي قائد السّبسي من استرجاع هيبة الدّولة عند توليه رئاسة الجمهورية التونسيّة، كما تمكن من استعادة وحدة شعبها، الذّي جمعه حبه للرّئيس الراحل أمس في جنازة تاريخيّة مهيبة.
وفاة السبسي وجنازته التاريخية كانت لشخصه، وكذلك لبورقيبة مؤسس الدّولة التونسية الحديثة، بشعبها المنفتح المتقبّل للآخر مهما كان دينه أو لونه أو جنسه، دولة نعمت المرأة فيها بحرياتها كاملة منذ استقلال تونس، وخروج الاستعمار الفرنسي منها.
وليس غريبا أن نرى أغلب وسائل الإعلام الغربية والدّولية والعربية تربط بين جنازة السبسي أمس والتي حضرتها النّساء بأغلبيّة واضحة وودّعنه بالدّموع والزغاريد، وإنجازات بورقيبة في مجال المرأة منذ سنة ١٩٥٦.
المجتمع المدني الذي آمن به بورقيبة وأسّسه هو نفسه الذي تقبل التغيير ووصول الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي سنة ١٩٨٧ لرئاسة تونس، والذي أسماه الكثيرون بـ"الانقلاب"، لكنه كان تغييرا سلميا تقبّله شعب متحضر آمن أن هذا التغيير ضروري وقتها خاصة مع مرض "الزعيم" بورقيبة وكبر سنّه.
وهذا الوعي الشعبي الذي تواصل إلى اليوم لم يأت من فراغ، بل من عمل متواصل ومواظبة سعى وعمل عليها بورقيبة بإخلاص.
رئيس الجمهورية الأوّل الذي آمن بالتعليم سلاحا، وأسس الدولة بكل أركانها، ورسّخ في الجيش روح الحماية وحب الشّعب، وهذا ما انعكس في "ثورة ٢٠١١"، وفي جهاز الأمن حماية الدّولة والشعب أولا، ووضع أسس قضاء عادل صمد رغم محاولات التّسيس، وبعيدا عن الإخونجية المترصّدين بتونس لإسقاط الجمهورية ومبادئ الحرّية.
والسّر في محبّة الشعب التونسي وحتّى أحزاب المعارضة للسبسي وحكومته هي محبتهم الصّادقة للحبيب بورقيبة الذي يعتبر كل التونسيين أنفسهم أبناء له ولم يعوضهم عن خسارته سوى وجود السبسي، الذي رأوا فيه امتدادا لزعيمهم الأول والذي حجبته عنهم سياسات المرحلة.
وما بدا أمس هو الشّعب التونسي على طبيعته، شعب رأيناه متّحدا في دموعه ومشاعره ووعيه، بعيدا عن التّطرف.
التّطرف الذي أرادت أن تنفثه بعض البلدان الأجنبيّة التي تحمل أيديولوجيات تعتمد على ترسيخ الكراهيّة والعنف والتّعصب للتفريق بين الشعوب، وخلق مكان لها بينها للمتاجرة بالسّلاح والدم مثلما تحاول أن تفعل قطر وتركيا في ليبيا وتونس وسوريا والعراق وجنوب لبنان، حيث يلعب نظام الملالي ويعبث.
الإرهاب لن ينجح في تونس، ووجود الأيديولوجيات الإخوانية لا أمل لها وسط شعب تربى على المحبة والحرية وقبول الآخر، والمجتمع المدني بفكره الذي وضع أسسه بورقيبة، وواصل بن علي على منهجه واستعاده السبسي لن يضيع في غياهب جهل العباءات والعمائم، وأحلام الأتراك العجم والأموال القطرية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة