شم النسيم.. عيد فرعوني يذيب أحزان المصريين
موسم شم النسيم في مصر يتزامن مع احتفالات الأقباط الأرثوذكس بعيد الفصح، ما يجعله فرصة لإذابة الحزن الذي خلفه تفجير الكنيستين
بدأ في مصر، الجمعة، وضع الاستعدادات النهائية لاستقبال عيد شم النسيم، الذي يوافق الإثنين المقبل، وتجهيز كل الحدائق والمنتزهات التابعة لها في القاهرة وباقي المحافظات، لاستقبال الزائرين.
فالمصريون يحتفلون في أبريل من كل عام بموسم شم النسيم، والذي يتزامن مع احتفالات الأقباط الأرثوذكس بعيد الفصح، ويحيي المصريون في هذه الاحتفالات عادات فرعونية قديمة منها أكل الأسماك المملحة والمدخنة.
وتمر احتفالات هذا العام وسط الأحزان التي خلفها تفجيرا الكنيستين بالإسكندرية وطنطا، شمال القاهرة، في نفوس كل المصريين ما قد يجعله فرصة لإذابة هذه الأحزان لأن كثيرين منهم وعلى اختلاف انتماءاتهم الدينية، لا يفرقون بين عيد الفصح وموسم شم النسيم، وهو ما يمثل انسجاما وطنيا.
وعيد شم النسيم هو عيد من أعياد الطبيعة، وليس عيداً دينياً كما يعتقد الكثيرون، وكان يحتفل به المصريون في الاعتدال الربيعي احتفالا بولادة جديدة حيث إن كلمة "شمو" بالهيروغليفية الفرعونية تعني فصل الزرع والحصاد، ويرمز إلى بعث الحياة مرة أخرى.
ويعد شم النسيم من أقدم الأعياد المصرية القديمة؛ حيث يرجع إلى أواخر الأسرة الثالثة (2700 ق.م)، أما في العصر القبطي "منتصف القرن الثالث الميلادي" أطلق على هذا العيد اسم "تشوم- إن-ني- سيم" بمعنى "عيد الزروع" وتم تحريفه فيما بعد إلى شم النسيم.
وفى عام 1834 أي قبل نحو 180 عاما وصف المستشرق الإنجليزي الشهير إدوارد وليم لين القاهرة في عيد شم النسيم قائلا: "يبَكِّرون بالذهاب إلى الريف المجاور، راكبين أو راجلين، ويتنزهون في النيل، ويتجهون إلى الشمال على العموم، ليتَنَسَّموا النسيم، أو كما يقولون ليشموا النسيم، وهم يعتقدون أن النسيم -في ذلك اليوم- ذو تأثير مفيد، ويتناول أكثرهم الغذاء في الريف أو في النيل".
وسر مجيء شم النسيم يوم الإثنين كل عام بعد يوم الأحد، وارتباطه بعيد القيامة عند الأقباط، هو وقوعه في فترة الصوم الكبير للأقباط المصريين، ولما كان تناول الأسماك ممنوعا في الصيام عند المسيحيين المصريين تقرر تأجيل الاحتفال إلى ما بعد عيد القيامة مباشرة.
وهذه الاحتفالات لدى المصريين لا تحلو دون تناول هذه الأسماك التي يعد الفسيخ والرنجة أبرز أنواعها، وتكتمل وليمة الأسماك المملحة بالخس والليمون والبصل والجرجير، وهو ميراث فرعوني يحافظ عليه المصريون حتى الآن.
وتعود فكرة تمليح الأسماك إلى ما بعد مواسم الفيضانات؛ إذ كان ينتظر المصريون القدماء الطمي والأسماك التي جلبتها المياه في طريقها، وكان لزاما عليهم أن يلجأوا لتمليح الأسماك، من أجل الحفاظ على الكمية الكبيرة التي خرجت بها الفيضانات.
وسنويا تتعالى التحذيرات الطبية المعتادة من المخاطر الصحية للسمك المملح، المعروف في مصر بالفسيخ والرنجة، لكنها تتوارى أمام شهية المصريين لهذه الأكلات.
وتنشط أجهزة الرقابة الحكومية، في هذا الموسم، لملاحقة تجار الأسماك الفاسدة.
وتتعدد وجوه الاستمتاع بشم النسيم في مصر، بحيث لا تقتصر على الأسماك المملحة فقط، لكنها تمتد إلى بيض شم النسيم (بيض عيد الفصح)، الذي يتفنن المصريون في ابتكار أشكال وألوان مختلفة له.
كما يلجأ المصريون، في هذا اليوم، إلى الحدائق للاستماع بالطقس الربيعي، وتناول أكلاتهم المشهورة في الأماكن العامة، واقتناء الزهور والورود.
لكن ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية وبخاصة الأسماك والأطعمة اللازمة لإحياء هذه الذكرى السنوية قد يفسد الفرحة بهذه الاحتفالات أو يقلل زخمها عن الأعوام الماضية.
aXA6IDMuMTMzLjE0MC44OCA= جزيرة ام اند امز