رواج سوق الأسماك المملحة بمصر في شم النسيم
في مثل هذا اليوم من كل عام، تشهد أسواق الأسماك المملحة رواجًا كبيرًا لارتباطها بعادات وتقاليد المصريين عبر العصور بعيد شم النسيم
في مثل هذا اليوم من كل عام، تشهد أسواق الأسماك المملحة في مصر رواجًا كبيرًا لارتباطها بعادات وتقاليد المصريين عبر العصور بعيد شم النسيم؛ حيث يتوارث المجتمع المصري عادة أكل الأسماك المملحة مثل "الفسيخ والرنجة"، بالإضافة إلى البيض والخضروات في مثل هذا اليوم من كل عام احتفالًا بقدوم فصل الربيع، كما تمتلئ المتنزهات والشواطئ بالمصطافين باعتبار أن اليوم إجازة رسمية تمنحها الحكومة المصرية لمواطنيها.
الموروثات التاريخية كشفت ارتباط الأسماك المملحة والبيض باحتفالات المصريين القدماء بهذا اليوم؛ حيث إن تناول البيض في هذه المناسبة يبدو وكأنه إحدى الشعائر المقدسة عند قدماء المصريين، وقد كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد، ويضعون البيض في سلال من سعف النخيل يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار؛ لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم.
أما الفسيخ، فظهر بين الأطعمة التقليدية في الاحتفال بالعيد في عهد الأسرة الخامسة، مع بدء الاهتمام بتقديس النيل، وقد أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ، وذكر "هيرودت" المؤرخ اليوناني الذي زار مصر في القرن الخامس قبل الميلاد وكتب عنها "أنهم كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم".
ويستهلك المصريون في "شم النسيم" آلاف الأطنان من الأسماك المملحة، وهو ما يدفع التجار والمصانع الخاصة بها لعرضها بكميات مهولة وقد يكون منها ما هو منتهية صلاحيته، فضلًا عن زيادة أسعارها التي تصل إلى الضعف أحيانًا، ومن هنا يأتي دور جهاز حماية المستهلك، الذي حذر من شراء الأسماك المملحة غير المضمونة أو الفاسدة أو غير معلومة المصدر بالتزامن مع أعياد شم النسيم، مشيرًا إلى أنها قد تحمل أنواعًا من البكتريا التي تسبب التسمم الغذائي شديد الخطورة.
وتنشط حملات وزارة التموين المصرية في هذا اليوم لفرض سيطرتها على الأسواق ومنع تسرب الأسمال غير الصالحة إلى المستهلكين، مصحوبة بالحملات الإعلامية والإرشادية للابتعاد عن الفاسد من هذه الأسماك، وفحصها جيدًا قبل الشراء.
"صلاح حميدة" تاجر أسماك مملحة بمحافظة الإسكندرية، قال إن أسواق الأسماك المملحة في مصر تنشط في شم النسيم وفي عيد الفطر من كل عام، وهو ما يستوجب علينا الاستعداد لها مسبقًا؛ حيث نمضي طيلة أوقات العام في التحضير للمناسبتين بتجفيف الأسماك وتمليحها، أو شرائها جاهزة من مصانع التجفيف بحسب مواصفات وزارتي الصحة والتموين.
وعن غلاء الأسعار قال التاجر: نحن لا نتحكم في ذلك، بل إن سعر الجملة الذي نشتري به وتكلفة التصنيع هي التي زادت على العام الماضي، فضلًا عن أن زيادة الطلب تزيد من سعر المعروض أيًا كانت السلعة، وانحصار رواج الأسماك المملحة في يومين فقط من العام لا يُشعر المواطن المصري بارتفاع أسعارها باعتبارها سلعًا ترفيهية وليست أساسية كالأرز والزيت واللحوم بأنواعها.
طارق فهمي، عضو شعبة الأسماك بغرفة القاهرة التجارية أكد -لبوابة "العين" الإخبارية- أن حصر الكميات التي يستهلكها المصريون من الأسماك المملحة في هذا اليوم أمر غاية في الصعوبة؛ نظرًا لنشاط آلاف المصانع غير المرخصة في هذا الشأن ونزول كميات مهولة غير معلومة المصدر بالأسواق، ومن هنا يأتي دور وزارة التموين في تتبع وملاحقة هذه المنتجات.
وقال "فهمي": 90% من المصريين، مسلمين ومسيحيين، يتناولون أسماكًا مملحة في هذا اليوم ومن ثم هو يوم استثنائي غير خاضع كليًا للرقابة والحصر، لدرجة أن بعض البيوت المصرية تصنع بنفسها هذه الأسماك قبل يوم شم النسيم بفترة لعدم ثقتها بالمعروض في الأسواق، وكشف أن 7 أماكن معروفة فقط في القاهرة تبيع الفسيخ والرنجة معظم أوقات العام، ونتفاجأ بمئات المنافذ تبيعه في العاصمة يوم شم النسيم فقط.
وعن دور الغرفة التجارية في التحكم في سعر "الأسماك المملحة"، قال "فهمي": لا نملك التحكم في كمية المعروض، ومن الصعب حصر الطلب عليها ومن ثم لم ولن نملك التحكم في السعر، المواطنون يختارون المنتجات وفقًا لثقتهم فيها، والثقة تدفعهم إلى منافذ بيع بعينها مهما كانت أسعارها.
ربة منزل مصرية تدعى "فريدة" قالت إنها تتبضع في سوق الأسماك المملحة لتجهيز وجبة "شم النسيم" لأسرتها كما اعتادت سنويًا، وأضافت أن فروق الأسعار عن الأعوام الماضية لا يعوق حركة البيع والشراء، فالجميع يعرف أنه يوم واحد في العام، ولا نستطيع كسر عاداتنا فيه.
المواطنة المصرية قالت إن سعر الكيلو لأسماك الفسيخ يبدأ من 50 إلى 80 جنيهًا بحسب حجمه، وربما يزيد على ذلك في المولات التجارية التي تبيع أسماك مغلفة، أما كيلو "الرنجة والسردين" فلا يتعدى سعرها 25 جنيهًا للكيلو، وهو ما يبرر زيادة الإقبال عليها من جانب المستهلكين، خاصة مع تحذيرات وزارة الصحة من تناول "الفسيخ" لأنه من الصعب التفريق بين الصالح والفاسد منه.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة التموين المصرية دخلت على الخط بطرح وجبة "شم النسيم" بمجمعاتها الاستهلاكية وتحتوي على كيلو رنجة ولتر مياه غازية وخضروات و10 أرغفة خبز بسعر 30 جنيهًا (الدولار يساوي 10 جنيهات)، وأضاف محمد صدقي، رئيس شركة الإسكندرية للمجمعات الاستهلاكية في مصر، أن الدكتور خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية، وجه بشأن استمرار فتح منافذ المجمعات الاستهلاكية خلال أعياد شم النسيم لتوفير السلع والمنتجات الغذائية للمواطنين بأسعار تقل عن مثيلاتها في الأسواق الأخرى، لافتًا إلى أنه يتم توفير المنتجات أولًا بأول وكذلك توفير منتجات الأسماك المملحة والفسيخ والرنجة.
aXA6IDMuMTM5LjEwOC40OCA= جزيرة ام اند امز