"شم النسيم" في مصر.. فسيخ وبيض ملون وتحذيرات متكررة
في هذا العيد الذي يعد أقدم احتفال عرفته البشرية يحتفل المصريون مسلمون ومسيحيون بطريقة واحدة ويتناولون الطعام نفسه
في هذا الوقت من كل عام ومع حلول فصل الربيع، يحتفل المصريون بعيد الربيع أو "شم النسيم"، الذي يعد أقدم احتفال عرفته البشرية؛ فتاريخه يعود لعهد الفراعنة أي لأكثر من 2700 عام.
وهذا العيد يكاد يكون الوحيد، الذي يحتفل به المصريون؛ مسلمون ومسيحيون بطريقة واحدة ويتناولون الطعام نفسه، رغم اختلاف طقوس احتفالهم بالأعياد غالبا.
وعلى جدران مقابرهم ومعابدهم، صوّر المصريون أنفسهم يستنشقون عبير الأزهار في خشوع، يعزى بعضه إلى الفرحة، ويوحي بسحر الزهور لديهم، فقد حظيت زهرة اللوتس بمكانة كبيرة لدى قدماء المصريين، فكانوا يطلقون عليها اسم "الجميل".
وليوم "شم النسيم" في مصر طقوس مميزة، ففي الصباح الباكر تتوافد الأسر المصرية على المتنزهات، وشواطئ النيل للاستمتاع بالخضرة والجو الدافئ، وتناول الأسماك المملحة والمدخنة، رغم التحذيرات السنوية من أضرارها الصحية، لا سيما بالنسبة لمرضى الضغط.
ويتضمن الاحتفال بعيد الربيع عادات منها أكل "الفسيخ"، وهو سمك مملح يحفظ لفترات طويلة، يقترن أكله بالبصل الأخضر والليمون، والعادة الثانية تلوين البيض قبل تقشيره وأكله، وكذلك شراء باقات الورد للتهادي بين الأصدقاء والمحبين.
واستعدادا لهذا اليوم، تعلن حالة الطوارئ في المنتجعات والمصايف والمتنزهات والحدائق العامة خاصة في المدن الساحلية، وقرى الساحل الشمالي المطلة على البحر الأبيض المتوسط، حيث يتوافد عليها آلاف المصريين للاستمتاع بالخضرة والبحر والهواء المنعش.
وفي القاهرة، تستعد الحدائق لاستقبال الزوار، وتنظم المحافظات ووزارات الآثار والسياحة والثقافة مهرجانات في منطقة الأهرامات وعلى ضفاف النيل.
وفي هذا اليوم، تسود المظاهر الاحتفالية جميع أنحاء مصر؛ حيث تقام حفلات غنائية في الفنادق والمنتجعات يحييها أشهر النجوم المصريين والعرب.
ويأتي هذا وسط مخاوف من وقوع حالات التسمم جراء أكل الفسيخ الفاسد في هذه المناسبة؛ حيث تقوم وزارتا الصحة والتموين برفع حالة الاستعداد القصوى في المحافظات، وتكثيف الحملات المشتركة للتفتيش على المحلات والأسواق، خصوصا أماكن بيع الأسماك الطازجة والمملحة، للتأكد من صلاحية المعروض منها.
ورغم تلك التحذيرات التي تتكرر كل عام، لا تتوقف الأسر المصرية عن شراء وتناول الأسماك المملحة بأنواعها، وتتفنن المحلات في طرق بيعها وعرضها؛ حيث يصل سعر الكيلوجرام من الفسيخ إلى 80 جنيهًا (8 دولارات)، والكيلوجرام من أسماك الرنجة المدخنة إلى 60 جنيهًا (6 دولارات)، والكيلوجرام من بطارخ الأسماك المملحة إلى 240 جنيهًا (24 دولارًا)، في حين أن أسعارها في المحلات الشعبية أقل كثيرًا.
وعن مخاطر أكل الأسماك المملحة، يوضح الدكتور عبدالهادي مصباح، أستاذ الميكروبيولوجي والمناعة بجامعة الأزهر، أنها نوعان، منها ثقيل الملح، ومنها الخفيف.
وحذّر من أن خطورة عملية التمليح في أن الملح الزائد يسبب ارتفاع ضغط الدم، ومضاعفات لمرضى القلب والجهاز الهضمي، أما خطورة الأسماك قليلة التمليح تكمن في أن الملح القليل يسمح بتكاثر بعض أنواع البكتريا اللاهوائية التي تفسد السمك وتفرز أنواعا من السموم شديدة الخطورة، قد تؤدي إلى التسمم.
ويلفت مصباح إلى أن الأسماك المدخنة أيضا لها التأثير نفسه، مؤكدًا خطأ الاعتقاد السائد بأن التسخين المباشر يقتل البكتيريا والميكروبات، وينصح بتناول كميات قليلة من هذه الأسماك، مع شرب كميات كبيرة من الماء وأكل الخضراوات، وشراء هذه الأسماك من منافذ بيع موثوقة.
ويرتبط تناول البيض عند المصريين القدماء باعتباره رمزًا للتكاثر والحياة المتجددة، حيث تحرص الأمهات إلى الآن على تلوين البيض مع الأبناء وتجهيزه للإفطار صباح شم النسيم، إلى جانب الفطائر المحلاة، كما تحرص بعض العائلات على أكل البصل، حيث يرتبط تناوله عند الفراعنة بالصحة والعافية.
وتقول أسطورة شهيرة من أساطير مدينة منف القديمة، إنه كان لأحد ملوك مصر طفل وحيد، أصيب بمرض خطير وقد عالجه الكاهن الأكبر لمعبد آمون بطيبة بثمرة بصل وضعت تحت رأس الأمير في فراشه عند غروب الشمس، وقام بشقها إلى نصفين عند الشروق، ووضعها فوق أنفه ليستنشقها فشفي الأمير، وطلب منه وضع حزم من أعواد البصل الأخضر الطازج على أبواب الغرفة وبوابات القصر لطرد الأرواح الشريرة، وما زالت هذه العادات متبعة حتى اليوم خاصة في صعيد مصر.
aXA6IDMuMTQzLjIzNy4xNDAg جزيرة ام اند امز