وسام ثقافي عالمي جديد يعلق على صدر الشارقة باختيارها من قِبل منظمة «اليونيسكو» عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019.
وسام ثقافي عالمي جديد يعلق على صدر الشارقة باختيارها من قِبل منظمة «اليونيسكو» عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019.
لقب العاصمة العالمية للكتاب لقب رفيع المستوى والمقام، استحقته شارقة الإمارات، كأول مدينة عربية خليجية، ويتوج جهوداً مثمرة بذلها «سلطان الثقافة»، وأمير الكتاب، ومعلم المسرح والتأريخ، وشيخ جليل، هو الصورة الأبهى لروح شعب الإمارات، وللثقافة العربية، وللهويتين العربية والإسلامية.
اللقب هو تتويج أيضاً للنهضة الثقافية التي تبذل في أرجاء الإمارات، لتحفيز المعرفة والإبداع، وتكريم أجيال من الكتاب والشعراء والأدباء والمفكرين والناشرين والفنانين، الذين أصبحت مدننا، منارات لهم، وحضناً دافئاً، وداعماً ومحفزاً للإبداع والعطاء الثقافي، ولتجديد دورات العطاء النهضوي الثقافي على المستويين العربي والإنساني.
يجيء هذا الحدث الاستثنائي نتاج مسيرة ثرية ودؤوبة وطويلة من الفعل الثقافي متعدد الحقوق، وظلت شارقة الإمارات عبر أربعة عقود مضت فضاءً رحباً يحمل لواء الثقافة، ويثير أسئلة النهوض والتجديد والإبداع ويعزز ثقافة القراءة.
المشروع الثقافي حاضر في حياة شارقة الإمارات، ولعله حجر الزاوية الذي يربط مشاريعها التنموية كافة، بما فيها التعليم والتربية والتنشئة الاجتماعية، وأفقها المفتوح على فضاءات العرب، ومراكز الفكر والمعرفة والثقافة في العالم
المشروع الثقافي حاضر في حياة شارقة الإمارات، ولعله حجر الزاوية الذي يربط مشاريعها التنموية كافة، بما فيها التعليم والتربية والتنشئة الاجتماعية، وأفقها المفتوح على فضاءات العرب، ومراكز الفكر والمعرفة والثقافة في العالم.
كانت عاصمة الثقافة العربية قبل عقدين، وعاصمة للثقافة الإسلامية قبل خمسة أعوام، وعاصمة للصحافة العربية قبل ثلاثة أعوام، وعاصمة لبرلمان الطفل العربي، قبل أكثر من عقد، وها هي اليوم عاصمة عالمية للكتاب.
المشروع الثقافي لشارقة الإمارات، الذي رسمه وينفذه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، يتجاوز حدود الشارقة والإمارات، إلى فضاء عربي أوسع، ويبشر بطرح ثقافي واعد، لا مكان فيه للدعائية والمظهرية، ويتبنى خريطة طريق سالكة، لرد الاعتبار للذات الثقافية العربية المهمشة، ولزرع الأمل في ذهنية المثقف العربي، والمبدع العربي، ممن يعيش حالة ذهول أو تباكٍ أمام تراجع أو تعثر المراكز الثقافية العربية الفاعلة، نتيجة تبدلات وأزمات سياسية، واضطراب إقليمي، وعولمة مضطربة.
أقرأ في هذا المشروع الثقافي ما يثري الإنسان وبناءه هوية وقيماً وسلوكاً ومرجعية وانتماءً وتراثاً يلزم حمايته وصونه، وغداً يتوجب استكشافه وامتلاك ناصيته.
يحضر مشروع سلطان الثقافي عميقاً في بنيات الوعي الاجتماعي والثقافي، لاستنبات وعي عربي جديد، يقودنا إلى آفاق التجدد الحضاري، وبناء قيم جديدة، وتنتج أجوبة لأسئلة النهوض وامتطاء قاطرة التاريخ من جديد.
يمتلك هذا المشروع عزيمة للبناء الثقافي، وعينه دوماً صوب الوطن العربي، بموروثه ولغته وآدابه وفنونه وهويته الإنسانية وقيامته.
هل سيواجه هذا المشروع الثقافي الطموح عقبات في سعيه للمواءمة بين الخصوصيات الثقافية والمشترك الثقافي الإنساني؟ وهل سينجح في جعل الثقافة نمط عيش مشترك، ويرفد الإنسان برؤية عامة وعصرية للكون وللأشياء وللآخر؟
أسئلة كثيرة.. لكن العزيمة والإرادة والأمل دوماً موجودة في عقل ووجدان صاحب المشروع، وهو يراهن على منظومة قيم التقدم الأخلاقية والإنسانية، وعلى ثقافة الإحساس بالمسؤولية، وعلى بلورة «ضمير ثقافي» إنساني.
كما يراهن على تعزيز ثقافة المشاركة والحوار مع الآخر، ومع الثقافات والآداب الأخرى، وبناء جسور مشتركة، والعمل على حفظ التماسك الاجتماعي الداخلي، ودمج الثقافة مع النظم التنموية.
وفي صلب مشروعه، جبل الشباب والأطفال وتطوير قدراتهم لامتلاك المعرفة، والمشاركة في إنتاجها واستدامتها، ولا يخفى رهانه على ملء الفراغات، التي كانت تشغلها ثقافة العنف والجمود والتعليم التلقيني وسلوكيات الاستعصاء عن الانخراط في دورة الحياة، إنتاجاً وإبداعاً، واستمتاعاً وعطاءً.
شارقة الإمارات استقرت في قلوب المثقفين والشعراء والأدباء والمبدعين العرب، وأعادت الأمل للرهان على الثقافة، كرهان على الإبداع والمعرفة والإنجاز والسلم المجتمعي.
مشروع سلطان الثقافة، كرسالة ورؤية وفلسفة، لا يلامس سطح الظواهر، وإنما يوغل فيها، يقظاً وناقداً، ويواجه الإحباط والجمود، ساعياً لتكون للثقافة سلطة فاعلة ومؤثرة ونمط حياة.
تحية ومحبة لسلطان الثقافة والحكمة، وتهنئة لشارقة الكتاب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة