خبراء عن «قمة شرم الشيخ»: مشاركة القادة تمنح اتفاق غزة ضمانة دولية

قال خبراء ومراقبون لـ"العين الإخبارية" إن قمة شرم الشيخ، المقرر انعقادها اليوم الإثنين، في المدينة المصرية الواقعة في شبه جزيرة سيناء، بمشاركة 20 من قادة الدول، تمنح الاتفاق زخمًا وضمانة دولية.
وتُعقد "قمة شرم الشيخ للسلام" وسط آمال عريضة بتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، ووضع آليات من شأنها تخفيف معاناة سكان القطاع، بجانب فتح صفحة جديدة نحو إحلال السلام والاستقرار الإقليمي.
وتأتي القمة بعد أيام قليلة من إعلان التوصل إلى اتفاق على المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، تمهيداً لوقف الحرب بشكل نهائي، وذلك استنادًا إلى الخطة التي قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتستضيف مدينة شرم الشيخ القمة برئاسة مشتركة بين الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والأمريكي دونالد ترامب، وبمشاركة "قادة أكثر من عشرين دولة".
خبراء عرب ودوليون قدروا في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" أنها ستمثل "نقطة تحول في مسار الجهود الأمريكية والعربية والإسلامية الرامية لإنهاء الحرب في غزة، وتعزيز السلام في المنطقة".
وأشاروا إلى أن القمة تحمل دلالات بالغة الأهمية، حيث إن توقيتها يكسب اتفاق وقف إطلاق النار بُعدا دوليا مهما وزخما كبيرا للحق الفلسطيني، ويمنع إسرائيل من التنصل أو المراوغة أو محاولة تشويه الاتفاق.
كما يؤكد الخبراء أن قمة السلام ستشكل أيضا "نقلة نوعية في مسيرة السلام في الشرق الأوسط، خاصة في ظل حديث الرئيس الأمريكي عن سلام شامل ودائم، وليس مجرد وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
طابع دولي
وفي تعقيبه على دلالات وأهمية قمة شرم الشيخ للسلام، يقول الكاتب والمحلل السياسي الأردني مأمون المساد، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن وجود قادة 20 دولة حول العالم في قمة شرم الشيخ، يمنح اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس ضمانة وطابعاً دولياً، ويجعل التزام الدول الأخرى (الدول الضامنة أو المراقبة) أقوى، ما يصعب من الإنكار أو الانسحاب لاحقاً من الاتفاق.
وأضاف: "تُظهر قمة شرم الشيخ، أن القضية الفلسطينية ليست محصورة إقليمياً، بل هي على جدول أعمال القيادة الدولية، وهو ما يعزز المطالب الإنسانية والسياسية لشعب غزة".
ولم يستبعد المساد أن تناقش القمة، كيف تُدار غزة بعد وقف النار، من حيث تشغيل المعابر، وتقديم المساعدات الإنسانية، وإعادة الإعمار، وربما تشكيل سلطة مؤقتة لإدارة الشؤون خلال المرحلة الانتقالية، دون مشاركة حماس أو بآليات تهمّشها، وإيجاد صيغة دولية لمراقبة تنفيذ الاتفاق.
وحول المتوقع من قمة شرم الشيخ، قال المحلل السياسي الأردني، إن من المنتظر توقيع وثيقة أو إعلان يتضمّن وقفاً موسعاً لإطلاق النار أو خطة مرحلية لوقف القتال، إضافة إلى تأمين التزامات من الدول الحاضرة بالمساعدة في إعادة الإعمار وتقديم الدعم الإنساني لغزة.
وقد تُطرح في القمة مقترحات لتسوية أوسع للقضية الفلسطينية على صعيد حل الدولتين، وقضايا اللاجئين، والوضع في القدس، لكن لا يُتوقع أن تُنجز فصول كبيرة في هذا الوقت العاجل، بحسب المساد.
وبشأن دلالات تحويل القمة إلى حدث دولي، عبر مشاركة 20 دولة، قال المساد "المشاركة الدولية الواسعة دلالة على ثقل وأهمية النزاع الحالي وتأثيره الإقليمي والعالمي، حيث إن الصراع في غزة ليس محليًا فقط؛ بل له تداعيات على الاستقرار في الشرق الأوسط، وعلى الأمن الدولي، وعلى اللاجئين، والتدخلات الإقليمية، لذا فإن الدول الكبرى ترى نفسها معنية بنتائج القمة".
وهناك رغبة أمريكية أيضا، والحديث للمساد، في تحمّل مسؤولية جماعية، فعندما تشارك دول عديدة، تتحمّل مسؤولية مشتركة تجاه التطبيق والرقابة، وهذا يقلل من إمكانية أن يُلقى عبء الحلّ على دولة واحدة فقط.
كما أن تحويل القمة إلى حدث دولي، يظهر أن القضية الفلسطينية لا تزال مركزية في أجندة العالم، وعلى رأس سلم أولويات الدول الكبرى وأن المجتمع الدولي لا يتغافل عن معاناة الفلسطينيين.
صعوبة المراوغة
بدوره، قال بشير عبدالفتاح الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن انعقاد هذه القمة يحمل دلالات بالغة الأهمية، موضحا أن توقيتها يكسب اتفاق وقف إطلاق النار بُعدا دوليا مهما وزخما كبيرا للحق الفلسطيني، ويجعل من الصعب على إسرائيل التنصل أو المراوغة أو محاولة تشويه الاتفاق.
ويوضح عبدالفتاح أن إسرائيل كانت دائمًا تفضل التعامل خارج إطار الشرعية الدولية والأمم المتحدة لتسهيل عملية الالتفاف والمناورة والهروب من الالتزامات، إلا أن الوضع الحالي يجري في إطار دولي منظم وتحت مظلة المجتمع الدولي.
وأشار الخبير بمركز الأهرام إلى أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كان يطالب بإصدار قرار من مجلس الأمن وإشراف الأمم المتحدة على تنفيذ بنود الاتفاق، لضمان التزام إسرائيل الكامل بما يتم الاتفاق عليه حتى النهاية.
وفي تقدير عبدالفتاح، فإن قمة شرم الشيخ، ستشكل نقلة نوعية في مسيرة السلام في الشرق الأوسط، خاصة في ظل حديث الرئيس الأمريكي عن سلام شامل ودائم، وليس مجرد وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
نقطة تحول
وذهب الدكتور محمود علوش الباحث السياسي التركي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إلى أن قمة شرم الشيخ ستُضفي الشرعية العربية والإسلامية والدولية على خطة ترامب لإنهاء حرب غزة، الأمر الذي يجعل منها نقطة تحول في مسار الجهود الأمريكية والعربية والإسلامية الرامية لإنهاء الحرب.
وسيكون للقمة انعكاسات على الوضع الإقليمي، وفقا لعلوش، الذي يشير إلى أن الرئيس الأمريكي يقدّم خطة غزة بوصفها مدخلًا لتحقيق سلام أوسع في الشرق الأوسط، ما قد يفتح الباب أمام توسيع اتفاقيات السلام بين إسرائيل وعدد من الدول العربية والإسلامية خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف أن انعقاد القمة في مصر يعكس الدور المحوري الذي تضطلع به القاهرة كقوة فاعلة ومؤثرة في القضية الفلسطينية، إلى جانب جهودها المتواصلة بالتنسيق مع الإمارات وقطر وتركيا ودول عربية أخرى لترتيب المشهد الجديد في قطاع غزة.
ولفت إلى أن الانخراط العربي والإسلامي النشط في هذه الجهود أسهم بشكل كبير في دفع الولايات المتحدة إلى تبني خطتها لإنهاء الحرب، كما شكّل عامل ضغط على إسرائيل أجبرها على تبني نهج مختلف في هذه الحرب.
ورأى علوش أيضا أن قمة شرم الشيخ تمثل مؤشرا واضحا على جدية ترامب في فرض خطته وتحقيقها على أرض الواقع، رغم الغموض المحيط بمآلاتها وفرص نجاحها في إنهاء الحرب بشكل نهائي.
وأوضح أن "مشاركة 20 دولة يستهدف إضفاء زخم عربي إسلامي دولي على خطة ترامب لإنهاء الحرب".
دولة فلسطينية
وفي ملمح جديد، لفت جبريال صوما، عضو المجلس الاستشاري للرئيس ترامب سابقا، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إلى حشد قادة 20 دولة في قمة يترأسها دونالد ترامب، لتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالتعاون الأمني والدفاعي، وإحلال سلام دائم في منطقة الشرق الأوسط.
وقال: "يدرك الرئيس ترامب جيداً أن هذه الدول لها دور متنامٍ أيضا في الاقتصاد العالمي، وكذلك استقرار أسواق النفط والغاز".
وأكد صوما أن قمة شرم الشيخ تحمل أهمية استراتيجية كبيرة على عدة مستويات، أبرزها قضية غزة، حيث تسعى إدارة ترامب إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وتخفيف الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، ولضمان الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
لكن عضو المجلس الاستشاري للرئيس ترامب سابقا، لا يعتقد أن تفضي القمة المرتقبة في شرم الشيخ إلى تعهدات بشأن قيام دولة فلسطينية، حيث سيكون الهدف الأساسي هو التوصل لضمانات من شأنها تثبيت وقف إطلاق النار، وتهدئة الوضع الأمني في غزة، تمهيدا لوضع آليات تنفيذية لتخفيف معاناة سكان غزة.