تباين حاد في أسواق العقار الأوروبية.. صعود الجنوب وتراجع الشمال (حوار)
قال خبير عقاري فرنسي، إن السوق العقاري الأوروبي يعيش مرحلة إعادة تشكيل حقيقية، تتسم بتباين لافت بين دول الجنوب التي تشهد طفرة سعرية غير مسبوقة، ودول الشمال التي تعاني من ركود واضح وتراجع في الطلب.
يشهد السوق العقاري الأوروبي تباينات صارخة بين دولة وأخرى، وهو ما تفسره عوامل اقتصادية وسياسية متعددة جعلت بعض البلدان تشهد ارتفاعا حادا في الأسعار، بينما تعيش أخرى موجة تراجع واضحة.
وأوضح الخبير العقاري الفرنسي جان–مارك توروليون، الرئيس السابق لاتحاد الوكالات العقارية الفرنسية (FNAIM) لـ"العين الإخبارية"، أن هذا التفاوت يعكس اختلاف السياسات الاقتصادية ومستويات الفائدة وحجم الاستثمارات الأجنبية في كل منطقة، ما أدى إلى خلق خريطة جديدة لأسواق العقار في القارة.
ووفقا لتقرير نشرته محطة "بي إف إم" الفرنسية، فقد سجلت البرتغال الارتفاع الأكبر على الإطلاق داخل القارة، إذ قفزت أسعار العقارات هناك بنسبة 40% خلال خمس سنوات، بحسب بيانات المكتب الأوروبي للإحصاءات “يوروستات”.
ورغم أن إسبانيا شهدت زيادة أقل حدّة، فإنها بدورها عرفت ارتفاعا ملحوظا بنحو 14% خلال الفترة نفسها. وهكذا باتت شبه الجزيرة الإيبيرية تواجه وضعا عقاريا شديد التوتر، مدفوعًا بطلب مرتفع وتدفّق المستثمرين الأجانب وبرامج الإقامة مقابل الاستثمار.
وأشار التقرير إلى أن الصورة مختلفة تمامًا في شمال أوروبا، خصوصًا في فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ، حيث تراجعت الأسعار بنسب تراوحت بين 1% و8%.
ورغم أن هذه الأرقام تعود إلى السنوات الأخيرة، فإن تقرير الإحصاءات يشير إلى أن السوق بدأ يستقر تدريجيًا خلال الأشهر الماضية، من دون أن تظهر مؤشرات على عودة الارتفاع القوي حتى الآن.
وتُعد روما واحدة من أرخص العواصم الأوروبية من حيث السكن الحضري، إذ بقي متوسط سعر المتر المربع أقل من 4000 يورو.
ورغم أن إيطاليا تُعد دولة سياحية كبرى وجاذبة للمستثمرين، فإن ضعف النمو الاقتصادي وشيخوخة السكان وتراجع الطلب الداخلي ساهمت في بقاء الأسعار منخفضة مقارنة بجيرانها.
وقال الخبير العقاري الفرنسي جان–مارك توروليون، إن السوق الأوروبي يعيش انقسامًا واضحًا بين بلدان جذبت رؤوس الأموال الأجنبية وبلدان أخرى تضررت من ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ الاقتصاد.
وأضاف: "البرتغال وإسبانيا أصبحتا وجهتين استثماريتين كبيرتين للأوروبيين والأجانب بسبب الأسعار التي كانت منخفضة نسبيًا سابقًا، والإعفاءات الضريبية، وبرامج الإقامة الذهبية. أما في فرنسا وإيطاليا، فإن ارتفاع الفائدة وانخفاض القدرة الشرائية أثّرا بشكل مباشر على الطلب، ما أدى إلى تباطؤ المبيعات وتراجع الأسعار".
ورأى توروليون أن الوضع قد يستمر إذا بقيت السياسات النقدية متشددة في أوروبا. وأضاف: "الأسواق العقارية الحساسة للفوائد، مثل فرنسا، تحتاج إلى تمويل منخفض التكلفة ليدخل المشترون مجددًا إلى السوق. أما البلدان التي تجذب المستثمرين الدوليين، فلن تتأثر بالوتيرة نفسها، لأنها تعتمد على طلب خارجي قوي وليس على السوق المحلية وحدها".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTYxIA==
جزيرة ام اند امز