أمير الكويت صباح الأحمد.. رحل وبقي "نور" إنجازاته
الشيخ صباح الأحمد تولى قيادة المسيرة الكويتية، متسلحا بحكمته التي شهد لها العالم، وبالخبرات التي اكتسبها من خوض معترك الحياة السياسية.
عندما تولى مقاليد الحكم في 29 يونيو/ حزيران 2006، تعهد بحمل الأمانة ومواصلة العمل من أجل الكويت وأهلها، داعيا الجميع للعمل من أجل جعل الكويت دولة عصرية حديثة يسودها التعاون والإخاء، يتمتع أبناؤها بالمساواة في الحقوق والواجبات مع المحافظة على الديمقراطية وحرية الرأي.
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي وافته المنية، اليوم الثلاثاء، بعد سنوات قضاها في خدمة بلاده والأمتين العربية والإسلامية، شهدت الكويت في عهده قفزات تنموية وإنجازات في مختلف المجالات، خلدت اسمه في قلوب شعبه.
وتولى الشيخ صباح الأحمد قيادة المسيرة الكويتية، متسلحا بحكمته التي شهد لها العالم، وبالخبرات التي اكتسبها من خوض معترك الحياة السياسية، والدبلوماسية.
وعقد العزم منذ تسلم الراية على دعم الإصلاح، ومحاربة الفساد، وترسيخ دعائم التنمية، وتعزيز الاقتصاد بتنويع مصادر الدخل، وجذب الاستثمارات الخارجية.
وخلال فترة حكمه تم إنشاء الهيئة العليا للانتخابات لتعزيز المسيرة الديمقراطية، وأمر أيضا بإنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد، وحفز العمل على إقامة مركز تجاري ومالي دولي يعطي الكويت دورها الريادي.
هذه الإنجازات وغيرها جاءت تنفيذاً لتطلعات الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وتحقيق رؤيتها (كويت جديدة 2035) الرامية لتحويل البلاد لمركز مالي وتجاري إقليمي ودولي، وتسريع عجلة الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص في دعم التنمية الاقتصادية، وتحقيق الهدف المنشود للقيادة السياسية بأن تعود الكويت كما كانت "درة الخليج.
مشاريع ضخمة
وواصلت الكويت مسيرة النهضة، وتجسد ذلك في مشاريع ضخمة، من أبرزها مدينة صباح الأحمد البحرية، ومستشفى جابر، وميناء مبارك، وجسر جابر، كما تم تطوير العديد من الطرق الرئيسية، وإنشاء شبكة من الجسور، ومشروع مصفاة الزور، ومبنى المطار الجديد، واستاد جابر الرياضي، إضافة إلى تنفيذ المدن الإسكانية الجديدة ومن أبرزها مدينة المطلاع.
كما تعددت مبادرات الشيخ صباح الأحمد المعبرة عن حبه لأبناء بلده، وشعوره باحتياجاتهم، ومنها المكرمة الأميرية التي أثلجت صدور الكويتيين عام 2011، حين تكرم بمنح مبلغ ألف دينار لكل مواطن، إضافة إلى المواد التموينية لمدّة 14 شهرًا، ما أضاف إلى فرحة الاحتفالات الوطنية مذاقاً خاصّاً لدى المواطنين.
وتجلّى حرص على رعاية مصالح الشعب في العمل على إقرار قوانين مهمة، منها قانون حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، الذي صدر في 2010، ليكفل حقوق المعاقين من الكويتيين، وأبناء الكويتية من غير الكويتي في مجالات الرعاية الصحّية والتعليمية والحقوق الوظيفية.
وبموجب هذا القانون أنشئت الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة التي يبلغ عدد المسجلين لديها أكثر من 52 ألفا، وتوفر الهيئة لذوي الإعاقة الترتيبات التيسيرية والخدمات التعليمية والتأهيلية والتربوية والوسائل التعليمية، كما تقوم بتأهيل وتشغيل ذوي الإعاقة في الجهات الحكومية والأهلية والقطاع النفطي. وتعمل على توفير الرعاية السكنية لذوي الإعاقة وتصرف المزايا المالية التي تكفل لهم الحياة الكريمة.
وخلال سنوات حكمه لم ينس الشيخ صباح الأحمد الشباب، ومن منطلق إيمانه بأن "ثروة الكويت الحقيقية أبناؤها"، كان الشباب مركز الاهتمام لصنع المستقبل، فلم يدخر في العناية بالتعليم، وابتعاث المتفوقين من أبنائها لاستكمال دراستهم العليا في الخارج، وتوفير الوسائل والبرامج لتدريب الشباب وتوجيه طاقاته الإبداعية إلى سوق العمل.
وحث الشيخ صباح الأحمد الصباح الشباب بشكل دائم على التسلّح بالعلم الحديث في عصر الثورة المعلوماتية، داعيا إلى تحقيق نقلة نوعية في نظامنا التعليمي.
حقوق المرأة
اهتم الشيخ صباح الأحمد الصباح بالمرأة بشكل كبير ومنحها رعاية خاصة منذ كان رئيسا للوزراء، مسؤولا عن متابعة التعديلات الخاصة بقانون الانتخاب عام 2005، التي منحت المرأة حق الانتخاب، وتمثّل اهتمامه بالمرأة في دعم حصولها على حقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية،
قضايا الأمتين
وتولت الكويت زمام المبادرات في العمل الخيري الإنساني، واستحقت تكريم الأمم المتحدة لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح بتسمية "قائداً للعمل الإنساني".
ودولة الكويت "مركز للعمل الإنساني"، خصوصاً بعدما استضافت المؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا لثلاث دورات متتالية، ونجح سمو الأمير في خلق حشد دولي كبير من تلك المؤتمرات، وتبرع بسخاء لإغاثة اللاجئين السوريين.
وترأس أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح وفد الكويت في المؤتمر الدولي الرابع للمانحين لمساعدة الشعب السوري الذي عقد في لندن عام 2016.
وأشاد الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون بدور دولة الكويت "السباقة دائماً" لمد يد العون إلى المحتاجين.
واهتم الشيخ صباح الأحمد الصباح بقضايا الأمتين العربية والإسلامية وفي القلب منها، قضية فلسطين، حيث ساهم في نجاحاتها وانتصاراتها.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس: "أعرف الشيخ صباح منذ السبعينات، ومنذ ذلك الوقت كان دائما وأبدا فعالا في القضية الفلسطينية، وكان دائما على رأس أي لجنة.. لحل أي مشكلة تحصل مع الفلسطينيين".
وأضاف لا أحد ينسى النداء الصادق من أمير الكويت لأشقائه العرب وكل العالم للمسارعة في القمة العربية الاقتصادية في 2009 لإعادة إعمار غزة.
وكان تصدي رئيس مجلس الأمة، رئيس البرلمان العربي، مرزوق الغانم، لرئيس الوفد الإسرائيلي إلى المؤتمر الـ 137 للاتحاد البرلماني الدولي وطرده من قاعة الاجتماعات خير تعبير عن موقف الكويت الشامخ، بل إن كلماته "عبرت عن ضمير الشعوب العربية جميعها"، كما قال رئيس الوفد الفلسطيني.
وكانت برقية التقدير التي بعث بها سمو الأمير إلى الغانم مشيدا بموقفه بيانا ساطعا للموقف الكويتي، إذ قال: "نشيد بهذا الموقف المشرف الذي كان محل تقدير ممثلي الدول العربية والدول الصديقة المحبة للسلام في هذا البرلمان الدولي والذي يجسد جلياً موقف الكويت الداعم للأشقاء الفلسطينيين لاستعادة حقوقهم المشروعة ونصرة قضيتهم العادلة".
ووصف الغانم البرقية بأنها "بيان سياسي كويتي من رجل وقائد عروبي ما انفك طوال حياته المديدة يناصر حق الفلسطينيين وحق العرب والمسلمين وحق كل الشعوب المغلوبة على أمرها".
ومنذ فجر الاستقلال وعلى مدى 59 عاماً، أنجزت الكويت الكثير على طريق النهضة الشاملة بتعاون أبنائها والتفافهم حول القيادة الحكيمة لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وسط جهود كبيرة نحو تحقيق غد مشرق لأبنائها.