التعنت السياسي القطري دفع نظام حمد لشحن مصير شعبه على السفينة التركية المأجورة.
التعنت السياسي القطري دفع نظام حمد لشحن مصير شعبه على السفينة التركية المأجورة، رغم أن العالم كله يشهد الآن أنها تغرق في بحر من المشاكل الاقتصادية والسياسية، وغياب الحكمة في ظل سيطرة الديكتاتور الحاكم الحالم أردوغان.
شهدت الإنسانية عبر تاريخها أمما أشعت واستمرت لمئات السنين، وأضافت الخير للإنسان والحضارة.
ما ذنب الشعب القطري أن تنهب أمواله وتوجه منذ أكثر من عقد في دعم الفكر الديني المتطرف، وتدمير دول المنطقة؟ والآن ومع خوف النظام القطري من اقتراب النهاية أصبح يوزع أمواله على المغضوب عليهم متحديا بذلك العالم، واضعا شعبه أمام أخطار وأوضاع صعبة، وعداوات هو في غنى عنها
كما شهد التاريخ ثقافات بنيت على العلم والحكم، وحفظت الكتب والمدوّنات وذاكرة النخب ما شهدته الأمم واعتبرت منه ومازالت تعتبر.
الحكمة والحكماء هما سر المعادلة الناجحة لكل الأمم التي استمرت، وشهدت عظمة وخلفت آثارها وخيرها، عبر العلوم التي طورتها، والفن الذي أبدعته، والمعمار الذي بدأ من داخل الكهوف الحالكة، ليخرج للمتاحف والمعارض، والمباني ثم الساحات العامة.
اليوم تعيش الإنسانية حالة من الإحباط ويعود هذا لعدة أسباب، أهمها: غياب الحكمة وإقصاء الحكماء والعلماء، وعدم الرجوع لهم في الاستشارة والتوجيه.
إدخال الأيديولوجيات الدينية في الملاعب السياسية واعتمادها كوسيلة أساسية لتخدير الجماهير، واللعب بعقولهم والتأثير عليهم وتوجيههم حيث يريد السحرة الجالسون على الكراسي الحالمون بامتلاك العالم.
انهيار المنظومة التعليمية كليا في أغلب الدول العربية خاصة بلدان "الثورات"، والجانب المقلق المؤلم في الموضوع أن بعض هذه الدول تحاول وضع تجارب ساذجة بين وقت وآخر، ثم تغيرها بتغير المسؤولين (إن وجدوا)، بالإضافة إلى أنه في غياب وجود الدول، لا مدارس أساسا ولا تعليم، والكارثة الحقيقية أن هذه الدول والأمم ستواجه أجيالا من الجهلة في العقود القادمة.
وطبعا يبقى غياب الوعي وقابلية الشعب للتأثر الخطرَ الأكبر، وهذا ما فتح المجال لمن أرادوا ترويج الإرهاب الفكري، والإرهاب الفعلي، أن يفتحوا أبواقهم الإعلامية على مدار الساعة، وبذبذبات موجهة أوصلتنا لما نحن فيه اليوم.
كل هذه العوامل شهدناها ونعيش مرارتها، ونتساءل في كل يوم: هل سنصل نحو الأسوأ؟ وهل هناك أسوأ؟
قطر أجابت عن هذه التساؤلات الأسبوع الماضي، عندما قرر أميرها تميم، أن يضخ أموال شعبه بمبالغ تقدر بعشرات المليارات من الدولارات -هذا المعلن- وما خفي كان أعظم، من أجل إنقاذ حليفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
والطريف في الموضوع أن النظام القطري كان يعوّل بشكل أساسي على تركيا لتكون المساند والظهر بعد أن تخلى عن أشقائه واختار الانشقاق عنهم بعد تصاعد الغرور والكبر.
التعنت السياسي هو ما يصر عليه النظام القطري، وهو الآن يثبت عبر موقفه مع حليفه التركي، أنه لا يبحث عن مصلحة شعبه، ولا نية له في التراجع عن دعم الأيديولوجيات الدينية والفكر الإخواني، والإرهابيين في ساحات الحروب، والذي ما زال ينكر دوره فيها رغم الأدلة التي تكشف يوميا.
والمؤلم المفزع هو أن النظام القطري، وعوضا عن العودة لمجلس التعاون حيث مكانه الطبيعي، والبحث عن حلول للخروج من عزلته، وما سببته له من خسائر، مازال يصر على العمل بمبدأ عدو عدوي صديقي، حتى وإن اختلفت المبادئ والمصالح.
لكن يبدو أن هذا النظام لا مبادئ له، فلا مشكل لديه أن يتحالف مع نظام "الجمهورية الإسلامية" الإيراني، الذي تختلف أيديولوجيته عن النظام الإخواني التركي تماما، وأن يدعم النظام التركي الحالي الذي تتثاقل أحماله ومشاكله يوما بعد يوم.
وهنا نتساءل عن مستشاري النظام القطري: ألم ينصحه أحدهم بخطورة ما يفعل وأنه إذا لم يتراجع وواصل السير في نفس الطريق فإنه سيصل إلى الهلاك لا محالة؟!
ونرى الوضع القطري -التركي بهذه الصورة:
قطر كانت ترى في تركيا السفينة الضخمة التي يفوق حجمها حجم قطر، والتي تقف في ظهرها سندا ضد "الأعداء" طبعا بثمن، ويمكن أن نعتبرها "السفينة المأجورة"، وفجأة اكتشف النظام القطري والعالم أن هذه السفينة تشققت (بعد انهيار الليرة التركية خاصة والعقوبات الأمريكية التي نتوقع أن تتزايد في الفترة القصيرة المقبلة)، وبدأ الماء يتسرب إليها، وهي مهددة حتما بالغرق.
وأعود لأتساءل عن مستشاري النظام القطري وحكماء الدولة: أين الحكمة في ضخ أموال الشعب القطري على متن سفينة على وشك الغرق؟
وما سر اختيار تميم لمجموعة من الدول المغضوب عليها دوليا، والتي تخضع لعقوبات اقتصادية حادة، ومواقف سياسية متطرفة لتقوية التحالفات معها؟
وإذا كانت المسألة هي فقط تعنت ضد دول المنطقة والمفترض أصدقاء وأشقاء الإمارة، فما ذنب الشعب القطري أن تنهب أمواله وتوجه منذ أكثر من عقد في دعم الفكر الديني المتطرف، وتدمير دول المنطقة؟
والآن، ومع خوف النظام القطري من اقتراب النهاية، أصبح يوزع أمواله على المغضوب عليهم متحديا بذلك العالم، واضعا شعبه أمام أخطار وأوضاع صعبة، وعداوات هو في غنى عنها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة