ما هي ضريبة الشحن البحري؟.. اجتماع لندن يحسم جدل الانبعاثات
تخضع البصمة الكربونية الضخمة الناتجة عن شبكات الشحن البحري، للتدقيق هذا الأسبوع في اجتماع المنظمة البحرية الدولية (IMO)؛
حيث ستقرر الحكومات ما إذا كانت ستدرج ضريبة على انبعاثات الشحن في قائمة التدابير المحتملة للحد من انبعاثات الشحن أم لا.
ضريبة الشحن العالمية
يُعُّد الشحن العالمي أحد أكبر العوامل المحركة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون؛ حيث يُسهم بنحو 3% من الانبعاثات، أي بما يعادل مليار طن من غازات الاحتباس الحراري كل عام، وبما يُعادل أيضًا الانبعاثات السنوية لألمانيا أو اليابان. وبناءً على ما سبق، فقد دعت جزر مارشال -المُعرضة بشكل خاص لارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة لتغير المناخ- إلى فرض ضريبة انبعاثات قدرها 100 دولار أمريكي (135 دولارًا سنغافوريًا) لطن الانبعاثات.
ومن جانبه أعرب "ألبون إيشيدا" سفير جزر مارشال، عن مخاوفه من أن مستوى 'الاستقطاب الدولي أصبح غير مفيد'، وأضاف أنه من المفارقات أن بعض البلدان النامية اشتكت من أن فرض ضريبة على انبعاثات الشحن البحري سيزيد من أعبائها المالية بينما تدعو في الوقت نفسه إلى عدم استثمار أي أموال ناتجة عن هذا الإجراء خارج صناعة الشحن.
بالتالي، فمن المرجح أن يؤدي اجتماع لجنة حماية البيئة البحرية التابعة للمنظمة البحرية الدولية (IMO)، الذي سيعقد في لندن من يوم الاثنين إلى يوم الجمعة، إلى دفع الدول المعرضة للتأثر بالمناخ -وخاصة جزر المحيط الهادئ- للضغط على كبار المصدرين مثل الصين والبرازيل، للامتثال لضرائب الشحن البحري.
كيفية حساب تكلفة الشحن البحري
يُعرف حساب تكلفة الشحن البحري، بكونه العملية التي يتم فيها حساب التكلفة المالية التي تتطلب شحن البضائع، لتصل بحريًّا من نقطة أ إلى نقطة ب، وهذه التكلفة المالية لا تتأثر فقط بالمسافة البحرية التي تستغرقها الحمولة لتصل إلى صاحبها بنجاح، بل يدخل فيها الكثير من العوامل المؤثرة الأخرى، لا سيما الوزن ونوع الحاوية وكذلك الرسوم والسرعة المطلوب إيصال الشحنة بها.
إلى من ستوجه عائدات ضرائب الشحن البحري؟
هناك خلاف حول المعايير الملائمة التي سيتم من خلالها توجيه عائدات الضرائب؛ حيث برزت النقاشات حول ما إذا كان ينبغي استخدام تلك العوائد فقط لإزالة الكربون من قطاع الشحن البحري، أو ما إذا كان ينبغي تخصيص بعض الأموال لمساعدة البلدان على التعامل مع التأثيرات المناخية.
وفي هذا الصدّد، تقترح جزر مارشال وجزر سليمان، توجيه تلك الأموال والتي قد تصل إلى أكثر من 60 مليار دولار أمريكي سنويًا، إلى مساعدة البلدان الضعيفة المتضررة جراء تغير المناخ. وفقًا لتقديرات البنك الدولي
- أسبوع لندن للعمل المناخي.. سلطان الجابر يجدد الدعوة إلى إنشاء "منظومة شاملة"
- قبل COP28.. سلطان الجابر يبني جسور التواصل من أجل المناخ
جهود إزالة الكربون
تتركز جهود إزالة الكربون حتى الآن حول قرار المنظمة البحرية الدولية لعام 2018، الذي وجه شركات الشحن لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 50% بحلول عام 2050، لكن هذا الهدف يعتبر غير كاف بالنظر إلى مستوى الانبعاثات العالمية ومقارنته بالصناعات الأخرى، بما في ذلك قطاع الطيران، الذي يهدف إلى تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول العام ذاته. وفي هذا الصدّد، تسعى الدول -التي تدعم المزيد من التخفيضات الطموحة- إلى أن تقوم المنظمة البحرية الدولية بمواءمة أهدافها مع حد الاحترار العالمي لاتفاق باريس البالغ 1.5 درجة مئوية.
هذا، وأوضح من جانبه "نيكولاس إنتروب"، مدير العلاقات الدولية في منظمة الحماية البحرية Ocean Care، إن هدف تحقيق الانبعاثات الصفرية المطلقة لغازات الاحتباس الحراري من الشحن البحري بحلول منتصف القرن، سيكون 'الخطوة الضرورية للبشرية'.
كما أكد ضرورة ألا يكون هناك أي تفكير لجعل أهداف المنظمة البحرية الدولية تتماشى مع أهداف اتفاقية باريس'. وأضاف أن إحدى الطرق الفورية لتقليل الانبعاثات هي ببساطة "إبطاء القوارب بحيث تحرق وقودًا أقل".
على صعيد آخر، يقترح الاتحاد الأوروبي خفض انبعاثات الشحن البحري بشكل تدريجي؛ حيث يتم خفض الانبعاثات بنسبة 29% بحلول عام 2030، ومن ثمَّ 83% بحلول عام 2040؛ للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050.
كما ترغب دول مثل الولايات المتحدة وكندا وجزر مارشال وجزر سليمان المعرضة لتغير المناخ في المضي قدمًا إلى أبعد من ذلك، مع خفض بنسبة 96% بحلول عام 2040.
وفي الإطار ذاته، رغم تأييد ما يزيد عن 45 دولة - بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفيجي وجزر مارشال والنرويج - هدف الوصل إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحول عام 2050؛ لكن هناك بعض الدول الأخرى -لاسيما الصين والبرازيل- التي تقاوم بشدة أي تغيير، فوفقًا لمراقبين في المحادثات التي بدأت في أواخر يونيو 2023، قامت الصين بتوزيع مذكرات دبلوماسية على البلدان النامية، تفيد بأن المقترحات المطروحة "غير واقعية".
مواقف الدول المتباينة بشأن ضريبة الشحن
قادت دول المحيط الهادئ، مثل جزر مارشال وجزر سليمان -المُعرضة بشدة لتغير المناخ- دفع الدول للموافقة على ضريبة الانبعاثات. كما صرحت عدة دول أوروبية وفيتنام عن دعمها للضريبة بينما لم تدعمها ولا تعارضها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والهند ودول أخرى.
كما أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن دعمه للفكرة في قمة تمويل المناخ الأخيرة في باريس، لكنه أوضح بإنها ستحتاج إلى دعم من الصين والولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى للعمل بها.
وفي أعقاب المفاوضات الأولية للمنظمة البحرية الدولية، تبين أن هناك 70 دولة دعمت الفكرة؛ لكن المصدرين الرئيسين بما في ذلك البرازيل والصين وأستراليا ما زالوا يعارضون فرض ضريبة على انبعاثات قطاع الشحن العالمي، وأكدت البرازيل إن ذلك سيضر بالأمن الغذائي ويعاقب البلدان النامية وانضمت إليها الأرجنتين وتشيلي وأوروغواي وغواتيمالا والإكوادور وجنوب أفريقيا.