كيف يفتح تغير المناخ خزان الكربون الأرضي؟ ( مقابلة)
يتم عزل نحو ربع انبعاثات الكربون في العالم بواسطة الغابات والأراضي العشبية، حيث تستخدم النباتات التمثيل الضوئي لتخزين الكربون.
في جدرانها الخلوية وفي التربة، يوجد نحو نصف الكربون الموجود في التربة في الطبقات العميقة التي يزيد عمقها على 20 سم، ولكن وجد فريق بحثي من جامعة زيورخ بسويسرا، أنه حتى هذه الطبقات السفلية التي تمثل مخازن للكربون، يمكن أن تؤدي السخونة فيها بسبب تغير المناخ، إلى إطلاق هذا المخزون من الأرض في الغلاف الجوي.
فكيف يتسبب التغير المناخي في هذا التأثير الخطير، وهل سيؤدي ذلك إلى تسريع وتيرة الاحتباس الحراري، وما هي الحلول التي يمكن تنفيذها.. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها مايكل دبليو شميدت، أستاذ علوم التربة والكيمياء الحيوية بجامعة زيورخ، والباحث المشارك بالدراسة، المنشورة في دورية " نيتشر جيوساينس"، لـ"العين الإخبارية" والتي لفتت الانتباه لخطورة تلك المشكلة، وإلى نص المقابلة..
ما الذي دفعكم لإجراء هذه الدراسة؟
المعروف أن التربة السطحية تعتبر أكبر مستودعات الكربون ، فضلاً عن كونها أحد أهم مصادر ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، فكان الهدف من دراستنا هو معرفة تأثير التغير المناخي على هذا المخزن الكربوني المهم، ففوجئنا في الدراسة التي أجريناها بغابة "سييرا نيفادا" الوطنية في كاليفورنيا، بالتأثير الكبير الذي لم نكن نتوقعه.
وماذا وجدتم؟
وجدنا أن مزيدا من ارتفاع درجات الحرارة، سيساعد على تسريح تحلل المكون العضوي للتربة، والذي يتكون من تحلل الأوراق والمواد النباتية الأخرى بواسطة الكائنات الحية الدقيقة في التربة ( الدبال)، كما أنه يؤثر على المركبات الشمعية والخشبية التي تساعد النباتات على تخزين الكربون في أوراقها وجذورها، والتي وكان يُعتقد سابقا أنها مستقرة.
وكيف تنال الحرارة من تلك المركبات؟
كنا نعتقد أن البوليمرات المعقدة ، التي لها بنية جزيئية أكثر استقرارا ، قادرة على تحمل التحلل الطبيعي لفترة أطول، وبالتالي تخزين الكربون في التربة، ولكن وجدنا أنه للأسف ارتفاع درجات الحرارة، يتسبب في خسارة كبيرة في المركبات العضوية التي تساعد النباتات على تخزين الكربون في أوراقها وجذورها.
هل يمكن أن تعطيني مثالا على ذلك؟
أظهرت دراستنا مثلا أن مركب ( اللجنين )، الذي يعطي النباتات صلابة، قد انخفض بنسبة 17% مع ارتفاع درجات الحرارة، بينما المركبات الشمعية التي تسمى "كوتين" و"سوبرين" ، والتي تحمي النباتات من مسببات الأمراض وتوجد في الأوراق والسيقان والجذور، قد انخفضت بنسبة 30 في المائة.
وكيف أثبتم ذلك؟
أجرينا التجارب في غابات سييرا نيفادا في كاليفورنيا، حيث قمنا بتسخين التربة التي يبلغ عمقها مترا واحدا بشكل مصطنع بمقدار 4 درجات مئوية على مدار نحو 4 سنوات، وبعد دورات يومية وموسمية، كان هذا القدر من الاحترار المصطنع يتوافق مع التوقعات حتى نهاية القرن في سيناريو المناخ، ففوجئنا بهذا التأثير.
وما قيمة هذا الاكتشاف؟
هذه النتائج لها أهمية كبيرة في التخطيط لاستراتيجيات مكافحة الاحتباس الحراري ، والتي تعتمد على التربة والغابات كمخازن طبيعية للكربون، فمثلا جزء من الاستراتيجيات يعتمد على نباتات المحاصيل ذات الجذور العميقة والكتلة الحيوية الغنية بالفلين، والمفترض، وفقا لما هو معروف سابقا، أن هذا سيبقي ثاني أكسيد الكربون محبوسا في الأرض، لكن نتائجنا تظهر أن جميع مكونات "الدبال" في التربة ستنخفض بنفس المعدل ، المركبات الكيميائية البسيطة والبوليمرات على حد سواء، وإذا تم تأكيد هذه الملاحظات الأولية في تجارب ميدانية طويلة المدى، فإن العواقب تنذر بالخطر.
ولماذا هذه الرؤية المتشائمة؟
لأنه إذا فقدت أرضية الغابة "الدبال" على نطاق واسع، وبالتالي تم إطلاق الكربون على شكل ثاني أكسيد الكربون ، فسيتم تسريع وتيرة الاحتباس الحراري بشكل أكبر، ويجب أن يكون هدفنا وقف الانبعاثات من المصدر.