بالصور.. 11 طفلا إيزيديا ينجون من جحيم داعش بصدمات نفسية
صدام يأمل في الانضمام إلى والدته وأشقائه وشقيقاته في كندا، ويقول إنه يريد الذهاب لأنه لم ير عائلته منذ 4 سنوات.
خلال السنوات الأربع التي أمضاها الفتى الإيزيدي صدام (15 عاماً) في قبضة تنظيم "داعش" الإرهابي، قتل "الدواعش" والده وباعوا والدته، وها هو اليوم رغم استعادته حريته لا يزال يعاني من الانعكاسات النفسية للاعتقال.
خرج الفتى من جيب "داعش" الأخير في شرق سوريا مع 10 أطفال إيزيديين آخرين كان التنظيم الإرهابي خطفهم في أعقاب بسط سيطرته على مساحات واسعة في سوريا والعراق.
صباح الثلاثاء، وصل صدام مع رفاقه إلى مركز إيواء للأطفال الإيزيديين في بلدة كومر الواقعة في محافظة الحسكة شمالي شرق البلاد. وكان متردداً في الردّ على الأسئلة بحيث يصمت بعد كل سؤال أو يجيب بكلمات قليلة متقطعة.
ويجلس صدام على مرتبة مغطاة ببطانيات في غرفة دافئة يغطي السجاد أرضها بعيداً عن الخنادق والأقبية الباردة حيث كان يختبئ في الأسابيع الأخيرة من القصف، لكن إمكانات الراحة المتوفرة له حالياً لا تغير كثيراً من توتره الذي يصاحب بقوة كل كلمة يقولها وهو يروي قصته.
صدام هو الفتى الوحيد من المجموعة الذي وافق على الإجابة عن الأسئلة وعلى تصويره، إذ إن غالبية الفتيان فضلوا الابتعاد وأحياناً غطوا وجوههم، وبقي الفتيان الإيزيديون الـ11، وهو الأكبر سناً بينهم، في قبضة التنظيم الإرهابي حتى وصولهم إلى آخر جيب في بلدة الباغوز في شرق سوريا، المحاصر من جانب قوات سوريا الديمقراطية.
ومن الباغوز خرجت مجموعة الفتيان هذه بعد أن سمح التنظيم على ما يبدو بخروج من يرغب، فسلموا أنفسهم إلى قوات سوريا الديمقراطية التي تواصلت مع جمعية محلية هي "بيت الإيزيديين".
وبعد يومين على وصولهم إلى كومر، بدا الفتيان بثياب جديدة بعد أن استحمّوا وتلقوا الرعاية اللازمة، وتمكنوا أخيرا من النوم بأمان وسلام واللهو في حديقة المركز.
وبعض هؤلاء الفتيان على غرار صدام، ينتمون إلى سنجار في محافظة نينوى شمالي العراق، المعقل التاريخي للإيزيديين، وفي صيف عام 2014، استولى "داعش" على أراضيهم، وقتل عناصر التنظيم أعدادا كبيرة من الإيزيديين وأرغموا عشرات الآلاف على الهرب، فيما احتجزوا آلاف الفتيات والنساء سبايا وحوّلوا الأولاد الأصغر سناً إلى جنود، ولا يزال مصير 3 آلاف من بينهم مجهولاً.
وقالت الأمم المتحدة حينذاك إن تنظيم "داعش" الإرهابي يسعى إلى "محو الإيزيديين من خلال عمليات القتل والاستعباد والعبودية الجنسية والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة".
ويقول محمود راشو، أحد المسؤولين في جمعية "بيت الإيزيديين"، التي استقبلت حتى الآن 300 ناجٍ من تنظيم "داعش" الإرهابي، إن "أي عائلة من سنجار لم تنجُ من قتل أحد أفرادها أو اغتصاب إحدى بناتها"، وتتواصل الجمعية مع عائلات الأطفال الموجودة في العراق فتأتي لاصطحاب أبنائها بعد أيام.
ويروي صدام أن مقاتلي التنظيم شتّتوا عائلته فأخذوا معهم الأمّ و5 أطفال قبل أن يفرّقوهم، أما بالنسبة لوالده فيقول صدام وعيناه مغرورقتان بالدموع إن الإرهابيين قالوا له إنهم "قتلوه"، وأشار إلى أن المقاتلين كانوا يجعلونه يشاهد مقاطع فيديو تتضمن مشاهد عنف و"عمليات إعدام"، ويتابع: "لم أكن أحبّهم، لم أكن أريد البقاء"، مضيفاً "لقد تدبرت أمر خروجي".
وتقول حليفة هاسو، التي تعمل متطوعة في مركز الإيواء: "في كل الأماكن التي تنقلوا فيها كانوا يعيشون حالات رعب شديد، وهم بعد وصولهم إلى هنا لا يروون ما فعل بهم (داعش)"، وتابعت: "عندما كنا نتكلم معهم في البداية كانوا يغلقون أعينهم أو يخفون وجوههم بأيديهم، لا يزالون يعيشون حالة رعب فعلية".
وقالت أيضا إن الفتى صدام: "لم يخبرنا بشيء لأنه وصل قبل يومين فقط ولا بد بشكل عام من 4 إلى 5 أيام لكي يتمكنوا من الإفصاح عما عانوا منه".
وكشفت أن بعض الفتيان "يتقيأون خلال رواية ما عانوه فنقدم لهم الأدوية قبل أن يبدأوا فعلا بالكلام"، أما رئيس مركز الإيواء، زياد أفدال، فيقول: "بعضهم يحتاج لجهد كبير لتجاوز مرحلة الأسر، لكنهم في النهاية سينجحون بذلك".
ويأمل صدام في الانضمام إلى والدته وأشقائه وشقيقاته في كندا، ولدى الكلام عن احتمال انضمامه إلى عائلته تنفرج أسارير الفتى، وينطق بسهولة أكثر قائلا: "أريد أن أذهب إلى كندا، لم أر عائلتي منذ 4 سنوات، إنني مشتاق كثيرا إليهم".