محاولة الاغتيال.. هل يسير ترامب على خطى ريغان؟
بقدر ما كانت محاولة اغتيال دونالد ترامب غير مبررة ومروعة في الوقت نفسه لم تكن -كذلك- أمرا غير معتاد في السياسة الأمريكية.
وشهدت الولايات المتحدة العديد من حوادث الاغتيال أو محاولات لاغتيال لرؤساء أمريكيين.
وكانت المرة الأخيرة التي أصيب فيها رئيس أمريكي جراء محاولة اغتياله قبل 43 عاما عندما أطلق جون هينكلي جونيور البالغ من العمر -آنذاك- 25 عاما النار على الرئيس رونالد ريغان في واشنطن، في واقعة غيرته كشخصية سياسية، وكان لها تأثيرها على تفكيره السياسي، وفقا لما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وكان التأثير الأكثر وضوحاً الذي خلفه إطلاق النار على ريغان هو تعزيز شعبيته جراء حالة التعاطف مع الرئيس، بعد محاولة اغتياله التي وقعت في 30 مارس/آذار 1981.
وخلال المحنة تعامل ريغان مع العاملين في المجال الطبي في مستشفى جامعة جورج واشنطن بروح الدعابة ومازحهم قائلا "أتمنى أن يكونوا جميعا جمهوريين" فأجاب طبيبه، ليبرالي يُدعى جوزيف جيوردانو"اليوم.. سيدي الرئيس كلنا جمهوريون".
هذه الإجابة عكست ارتفاع شعبية ريغان التي سجلت عند توليه الرئاسة نحو 51%، لكنها ارتفعت بحلول شهر مايو/أيار إلى 68%، مما يشير إلى حصوله على الدعم حتى من بعض الديمقراطيين المسجلين.
وفي خطابه الأول في الكونغرس بعد الإصابة في أبريل/نيسان 1981، أعرب ريغان عن امتنانه الكبير لصلوات الأمة ودعم ممثليها.
ولم يقف تأثير محاولة الاغتيال عند هذا الحد، لكنه امتد بشكل ملموس ليشمل دعوة ريغان فيما يتعلق بالأسلحة؛ فوفقا لمعايير الحزب الجمهوري اليوم كان الرئيس السابق معتدلاً إلى حد ما فيما يتعلق بالأسلحة.
حظر الأسلحة
وفي عام 1967 وبصفته حاكما لولاية كاليفورنيا وقع ريغان على قانون يحظر حمل الأسلحة النارية المحشوة في الأماكن المفتوحة في الولاية، بمباركة جمعية السلاح الوطنية التي أيدت القانون، ثم ترشحه للرئاسة في وقت لاحق في عام 1980.
لكن بعد إطلاق النار ذهب ريغان إلى أبعد من ذلك، ففي عهد الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون قدم النائب -آنذاك- تشاك شومر قانون "برادي" لمنع العنف باستخدام المسدسات، وهو القانون الذي حمل اسمه من اسم السكرتير الصحفي لريغان جيمس برادي، الذي أصيب برصاصة في رأسه خلال الهجوم على الرئيس وعاش لسنوات متأثرا بإصابته التي تسببت في وفاته عام 2014.
كان مشروع القانون هو الأكثر شمولا فيما يتعلق بالأسلحة التي أقره الكونغرس -حتى الآن-، وفي عام 1991 فعل ريغان شيئاً لا يفعله سوى القليل من الرؤساء، فكتب مقالا افتتاحيا في صحيفة "نيويورك تايمز".
وفي المقال تحدث ريغان عن محاولة اغتياله، قائلا "في ذلك اليوم قبل 10 سنوات، أطلق شاب مختلا عقليا كان يقف بين المراسلين والمصورين النار على شرطي، وعميل في الخدمة السرية، وسكرتيري الصحفي، وأنا على رصيف في واشنطن".
وكتب ريغان "كنت محظوظا.. ارتدت الرصاصة التي أصابتني من أحد أضلاعي واستقرت في رئتي، على بعد بوصة من قلبي، ولم يتمكنوا من العثور على نبضي مرتين".
وأضاف "لقد تغيرت حياة أربعة إلى الأبد، وكل ذلك بسبب مسدس رخيص الثمن من عيار 22 اشتراه شاب له تاريخ من الاضطراب العقلي من محل رهن في دالاس".
وتابع "ربما لم يكن هذا الكابوس ليحدث أبدا لو أن التشريع المعروض على الكونغرس الآن (مشروع قانون برادي) كان قانونا في عام 1981".
ماذا عن ترامب؟
أما بالنسبة لترامب فمن المؤكد أن محاولة الاغتيال ستؤثر عليه بطرق لا يمكن التنبؤ بها، وظهر هذا التأثير بالفعل على حملته، فقال الرئيس السابق إنه أعاد كتابة خطابه في مؤتمر الحزب الجمهوري لقبول ترشيحه للانتخابات الرئاسية، للتأكيد في كلمته على الوحدة الوطنية.
لكن بالنسبة للسياسة فمن غير المعروف بعد كيف سيكون تأثير الحادث على ترامب؟ إلا أن انتشار نظريات المؤامرة على وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون مؤشرا على أن التغيير لن يكون للأفضل وفقا لما ذكرته "بوليتيكو".
وعلى العكس من ريغان لم يظهر ترامب أو الحزب الجمهوري أي علامة على التحرك في ملف إصلاح الأسلحة، ولا تظهر استطلاعات الرأس ارتفاعا كبيرا في الشعبية مثل الذي حققه ريغان.
لكن الأكيد أن إطلاق النار على ترامب أدى إلى زيادة المخاوف من العودة إلى عصر العنف السياسي لمستوى لم تشهده البلاد منذ عقود، فرغم استهداف ما لا يقل عن 19 رئيسا أمريكيا من جانب القتلة فإن 43 عاما قد مرت قبل أن تصيب رصاصة أحدهم.
aXA6IDMuMTQ0LjI0OS42MyA= جزيرة ام اند امز