«سيغنال غيت» تفتح النار بواشنطن..دعوات الاستقالة تلاحق الكبار

بين إنكار المسؤولين وغضب المشرعين، يُسقط خطأ واحد ستارا عن ثغرة خطيرة.. كيف أصبحت خطة حرب مجرد رسائل في دردشة؟
ففي عصر التسريبات السريعة، حيث تتحول الأسرار القومية إلى نقاشات جماعية على تطبيقات الهاتف، يكشف "سيغنال غيت" عن واحدة من "أخطر الانتهاكات الأمنية في تاريخ الولايات المتحدة".
وأمس الأربعاء، أدلى كل من مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف بشهادتيهما أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، لمناقشة مشاركتهما في مجموعة محادثة على تطبيق "سيغنال"، يبدو أنها تسببت عن طريق الخطأ في تسريب معلومات شديدة الحساسية عن هجوم عسكري أمريكي وشيك على مليشيات الحوثي باليمن.
تقول "فورين بوليسى" في تحليل لها طالعته "العين الإخبارية"، إن "الفضيحة" التي أُطلق عليها اسم "سيغنال غيت"، لا تزال "تثير الجدل" في واشنطن.
مضيفة أن البيت الأبيض "يحاول تفسير كيف انتهى الأمر بكبار المسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى ارتكاب واحدة من أخطر انتهاكات الأمن القومي الأمريكي في التاريخ الحديث".
والإثنين الماضي، كشفت مجلة "ذا أتلانتيك" أن مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز أدرج عن طريق الخطأ رئيس تحرير المجلة جيفري غولدبرغ في سلسلة رسائل نصية تناقش الضربات العسكرية المُخطط لها ضد الحوثيين في اليمن.
حضر أكثر من اثني عشر مسؤولا رفيع المستوى آخرين الدردشة الجماعية، بمن فيهم غابارد وراتكليف، بالإضافة إلى نائب الرئيس جيه. دي. فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، والمبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف.
ما أنكرته غابارد فضحه غولدبرغ
ومن أجل الحفاظ على الأمن القومي، امتنع غولدبرغ في تقريره الأولي عن نشر جزء من المحادثة، حيث كان هيغسث قد كشف ما وصفه الأول بـ"تفاصيل عملياتية عن الضربات المرتقبة على اليمن، بما في ذلك معلومات حول الأهداف والأسلحة التي ستستخدمها الولايات المتحدة وتسلسل الهجمات".
ولكن، بعد أن شهدت غابارد وراتكليف تحت القسم أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بأن المحادثة لم تتضمن أية معلومات سرية، قرر غولدبيرغ يوم الأربعاء نشر المحتوى الكامل للمحادثة التي كان جزءا منها.
وكما أشار سابقا، تكشف المعلومات المنشورة حديثا، عن أن هيغسث قد ناقش تفاصيل عملياتية حساسة، حيث كتب في المحادثة بتاريخ 15 مارس/أذار، قبل الهجوم العسكري: "الوقت الحالي (11:44 صباحا بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة): الطقس ملائم. تم التأكيد مع القيادة المركزية بأننا مستعدون لإطلاق المهمة."
وتابع هيغسث قائلا:
"12:15 مساء: إطلاق مقاتلات F-18 (الحزمة الهجومية الأولى)".
"1:45 مساء: بدء الضربة الأولى لطائرة إف-18 (الإرهابي المستهدف موجود في موقعه المعروف، لذا يجب أن يكون في الموعد المحدد - بالإضافة إلى إطلاق طائرات هجومية بدون طيار (MQ-9)
"2:10 مساء: إطلاق المزيد من مقاتلات F-18 (حزمة الضربة الثانية)".
"2:15 مساء: وصول الطائرات المسيرة إلى الأهداف (هذا هو التوقيت الذي سيتم فيه إسقاط القنابل الأولى بشكل مؤكد، ما لم تتغير الظروف السابقة)".
"3:36 مساء: بدء الضربة الثانية لمقاتلات F-18 – وإطلاق أول صواريخ توماهوك من البحر".
12:15 مساء: انطلاق طائرات إف-18 (حزمة الضربة الأولى).
دعوات الاستقالة
وتشير "فورين بوليسي" إلى أنه بموجب دليل البنتاغون للتصنيف، ودليل مدير الاستخبارات الوطنية للتصنيف، والأمر التنفيذي 13526، تُعتبر العمليات العسكرية معلومات استخباراتية سرية.
وعلّق السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، عضو لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، على ذلك قائلا عبر منصة "إكس" يوم الثلاثاء: "عندما تكون المخاطر بهذا الحجم، فإن عدم الكفاءة ليس خيارا. على بيت هيغسث أن يستقيل. على مايك والتز أن يستقيل".
في هذه الأثناء، دعا الديمقراطيون في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب يوم الأربعاء إلى عواقب مماثلة أثناء استجواب غابارد وراتكليف ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل واثنين من كبار الجنرالات العسكريين.
وقال النائب جيسون كرو: "إنه لأمر مشين تماما بالنسبة لي أن يأتي مسؤولو الإدارة أمامنا اليوم دون عقاب، وعدم قبول للمسؤولية، وعذرا تلو الآخر، بينما نرسل رجالنا ونساءنا إلى الميدان للقيام بأشياء صعبة وخطيرة للغاية نيابة عنا".
"ومع ذلك، لا أحد على استعداد للمجيء إلينا والقول إن هذا كان خطأ، وكان هذا خرقا للأمن، ولن نكرره". يضيف كرو.
ورغم تصاعد الغضب، واصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمسؤولون المعنيون في قضية "سيغنال غيت" التقليل من شأن الحادث.
وقالت غابارد للجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ: "لم تكن هناك مواد سرية تمت مشاركتها في مجموعة سيغنال تلك".
أما والتز فظهر على قناة فوكس نيوز، يوم الثلاثاء، ليتحمل المسؤولية، مُصرا في الوقت نفسه على أنه لم يتحدث مع غولدبرغ من قبل، وأن رقم الصحفي قد ظهر للتو على هاتفه.
فيما غاب كل من والتز وهيغسث عن جلسة استماع مجلس النواب يوم الأربعاء، والتي كان من المقرر انعقادها قبل فضيحة "سيغنال غيت"، وكان من المفترض أن تركز على التهديدات الأمنية العالمية.