الطبيبة سهام عبدالسلام.. ليبية تقهر الشلل والتنمر في محراب العلم (صور)
سنوات من الشقاء والتعب والمثابرة تكللت أخيراً بالنجاح، وتبدلت بين عشية وضحاها نظرات السخرية والتنمر لتحل محلها نظرات التقدير والتبجيل.
قصة نجاح جسدت بطولتها الطبيبة الليبية سهام عبدالسلام التي قهرت الصعاب وباتت أول طبيبة مصابة بشلل رباعي تحصد المركز الثاني بين أقرانها الأصحاء من جامعة طرابلس وفي الجامعات الليبية قاطبة.
في حديثها لـ"العين الإخبارية"، بدت الطبيبة الشابة واثقة من نفسها وبنبرات تملؤها الحماسة، استرسلت في حكي قصتها من البداية، حيث ولدت بمرض نادر يسمى الترقق في العظام أقعدها عن الحركة، منذ ولادتها، ورغم ولادتها في أسرة تصفها بالبسيطة، إلا أنهم حرصوا على أن تحصد ابنتهم أعلى مراتب التحصيل العلمي، كون والديها كانا عاشقين للدراسة بشكل ملحوظ، ويعملان في مجال التدريس ما سهل مهمة ابنتيهما في الحصول على أعلى المراكز التعليمية.
مرحلة التعليم الابتدائي
وتتذكر عبدالسلام سنوات المعاناة في المرحلة الابتدائية، حيث لم يكن متوفراً في طرابلس الليبية مدارس تساعد الطلبة ذوي الإعاقات الحركية على التعلم، فواجهت الطفلة صعوبة بالغة في تحصيل دروسها، كون أغلب المدارس تقيم فصولها الدراسية في الأدوار العليا بما يعيق حركتها اليومية على الصعود والنزول إلى فصول التعلم.
إلا أن هذا الأمر لم يوقفها وبمساعدة والديها نجحت في اجتياز تلك المرحلة الصعبة متفوقة على أقرانها في الدراسة رغم ما واجهته من صعوبة في الحركة وصعوبة في التعامل مع غيرها من التلاميذ والمدرسين، فضلاً عن الصعوبات التي واجهتها ابنة منطقة الزاوية للتنقل لمدرستها في العاصمة طرابلس التي تبعد عن بلدتها بنحو 70 كيلو متراً.
مشكلات
في معركتها مع التقاليد البالية واجهت عبدالسلام مزيداً من التنمر في مرحلتي الدراسة الإعدادية والثانوية، وحتى في مرحلة الدراسة الجامعية رغم أنها حققت نجاحاً مبهراً وتميزت عن أقرانها في جميع مراحل التعليم إلا أن غياب الثقافة في التعامل مع ذوي الهمم في مجتمعها كان له تأثير سلبي في بعض الأحيان، خاصة أنه خلال تلك الفترات كانت كثيراً ما تنالها ألسنة التنمر القاتلة، إلا أن هذا الأمر لم يمنعها نهائياً من مواصلة سعيها نحو تحقيق حلمها بالالتحاق بكلية الطب وأن تتفوق جامعياً وأن تعين معيدة في كلية الطب بجامعة طرابلس.
ثانوية متخصصة
وعن المرحلة الثانوية تقول سهام: "اختار والدي لي أن أتخصص في مدرسة علوم الحياة، حتى أستكمل دراستي عقب ذلك في مجال الطب والعمل في التدريس، ولهذا تخصصت في الجامعة في قسم مختبرات تحاليل طبية وتفوقت في مرحلة الجامعة وحصدت المركز الثاني على مستوى الجامعة بأسرها".
تنمر وسخرية
مرحلة الجامعة لم تكن نهائياً الفترة الأسهل لنابغة العلوم الليبية، فواجهت تنمراً ليس فقط من أقرانها بل امتد الأمر إلى أحد أساتذتها الذي حاول السخرية من مجهودها قائلاً: "لو كنت أعاني ما تعانينه ما كنت أقدمت على استكمال دراستي واكتفيت بالجلوس في البيت"، وعن هذا تقول: "كلماته المحبطة لم تكن إلا دافعاً أمامي لاستكمال مشواري التعليمي، ومواصلة حلمي بالتفوق والعمل وإثبات جدارتي وقدرتي على الوصول إلى أرقى المناصب التعليمية، رغم ما سببته الكلمات من أذى نفسي لي في وقتها".
أحلام ضائعة
وتتابع سهام: "صدمة كبيرة وجدتها في انتظاري بعد حصولي على المركز الثاني في الجامعة، حين علمت باستبعادي من العمل كمعيدة بالجامعة بداعي أن ظروفي المرضية تحول دون ممارسة عملي بالجامعة، الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فحرمت لذات السبب من السفر لاستكمال إحدى البعثات الخارجية ما سبب لي شعوراً بالمرارة إلا أنني لم أترك مجالاً لهذا الشعور أن يغلبني فآثرت استكمال دراساتي العليا من الداخل، ونجحت في الحصول على درجة الماجستير في الطب الحيوي".
تدريب وتنمية بشرية
التحقت عبدالسلام بالعمل كطبيبة تحاليل طبية في أحد المستشفيات الحكومية، ورغم ذلك قررت استمرار تنمية قدراتها الخاصة في مجال التدريب والتنمية البشرية، وحصدت الكثير من الشهادات الدولية في هذا المجال لتزين حوائط شهاداتها بشهادة جديدة في مجال علمي جديد، وباتت أحد المعروفين في بلدتها ويشار إليها بالبنان كونها نجحت في قهر الصعاب وتحدي المستحيل.
رسالة
وتؤكد الطبيبة الشابة في رسالة لأقرانها من ذوي الهمم عبر "العين الإخبارية"، على ضرورة الثقة بالنفس وعدم الالتفات لأي معوقات تسعى إلى كسر عزيمتهم أو تهميش دورهم في المجتمع، خاصة أن الذين هاجموها بالأمس وسخروا من قدراتها، تمنوا مكانتها اليوم ونظروا إليها نظرة تقدير واحترام بعد أن كانت نظرتهم نظرة تنمر وشفقة.
aXA6IDMuMTQ0LjI0OS42MyA= جزيرة ام اند امز